* قرية إيشغل النمساوية تجذب ملايين السياح كل شتاء، تحولت لحاضنة مثالية لفيروس كورونا الجديد.
* تتبعت السلطات الصحية في جميع أنحاء الدول الاسكندنافية عدة مئات من الحالات القادمة من إيشغل.
* يصر المسؤولون النمساويون على أنهم فعلوا كل ما في وسعهم لوقف انتشار الفيروس بمجرد أن أصبحوا على دراية بخطورة التفشي.
الحكاية في دقائق
أغنية شهير في جبال الألب تحتفي بقرية إيشغل الصغيرة في النمسا باعتبارها "حلم الشتاء الأبيض". لكنها تحولت فجأة إلى كابوس يريد الجميع أن ينزاح، بلا أمل.
مشهد ما بعد التزلج الذي يجذب الملايين إلى القرية كل شتاء مثّل حاضنة مثالية لفيروس كورونا الجديد.
التحذيرات بهذا الخصوص وردت مبكرًا إلى النمسا من دول أخرى. لكن مسؤولي إقليم تيرول الذي تتبعه القرية لم يتخذوا أي إجراءات حازمة، خوفًا من التأثير السلبي على الأعمال التجارية المحلية. إذ يعتمد اقتصاد المنطقة بأسرها على السياحة.. وحتى تلك المرحلة، لم تتدخل حكومة فيينا.
صحيفة "دير ستاندارد" النمساوية تقول إن "الطمع تجاوز الشعور بالمسؤولية عن صحة السكان والزوار".
البوادر الأولى التي تؤشر لاندلاع مشكلة خطيرة ظهرت في 1 مارس، عندما اكتشف المسؤولون في أيسلندا أن 15 راكبًا كانوا على متن رحلة طيران أيسلندية وصلت في اليوم السابق من ميونيخ قد ثبتت إصابتهم بالفيروس التاجي. 14 من المصابين كانوا عائدين من إيشغل.
حذرت آيسلندا المسؤولين في النمسا، لكن السلطات الصحية هناك نفت وجود مخاوف من زيارة إيشغل. أصدرت أيسلندا دليلًا لإرشادت السفر إلى تيرول، لكن النمسا تجاهلت الأمر.
فرانز كاتزجرابر، كبير مسؤولي الصحة في الإقليم قال في بيان إن حدوث العدوى في تيرول غير محتمل من وجهة نظر طبية. قال إن أحد الركاب على متن الطائرة الذين كانوا قد وصلوا إلى إيطاليا، والذي ثبتت إصابته أيضًا، أصاب المجموعة القادمة من إيشغل.
في الأيام التالية، وصلت تقارير مماثلة عن إصابات بين سياح إيشغل من الدنمارك والنرويج والسويد وألمانيا.
وصل كريستوف لانغ، الصحفي في قناة "إن تي في" الألمانية، إلى إيشغل في 5 مارس مع خمسة أصدقاء. غادروا جميعًا البلدة بعد ثلاثة أيام مصابين بالفيروس.
قال لانغ إن السلطات النمساوية كان لديها مؤشرات قبل أسبوع من وصوله حول احتمالية وجود إصابات هناك، لكنها قوبلت بتجاهل.
في 7 مارس، تأكد إصابة أحد حراس ساحة التزلج بفيروس كورونا. لكن السلطات لم تتحرك حتى اكتشفت إصابة 15 مخالطًا في العمل.
في 10 مارس، أمرت السلطات بإغلاق جميع الحانات في إيشغل، لكنها تركت مصاعد التزلج والفنادق مفتوحة.
استمر الفيروس في الانتشار، مما أجبر الحكومة في 13 مارس على اتخاذ خطوة غير مسبوقة بوضع الوادي بأكمله حول إيشغل تحت الحجر الصحي، إلى جانب سانت أنطون، وهي منطقة تزلج شعبية أخرى قريبة.
لكن حتى ذلك الحين، سمح المسؤولون للمصاعد التي تحمل متزلجين فوق الجبال بمواصلة العمل حتى يوم الأحد.
في نفس الوقت، سمح مسؤولو تيرول للسياح بمغادرة القرية لقضاء الليل في مدن أخرى في المنطقة قبل التوجه إلى منازلهم، وهو ما فعله المئات منهم. ولا يزال مدى انتشار هؤلاء المسافرين للفيروس غير واضح.
حاليًا، يَعلَق نحو ألف شخص يعملون في صناعة السياحة، إلى جانب ما لا يقل عن عشرين سائحًا في القرية بسبب الحجر الصحي. لكن لا أحد يعرف بالضبط عدد المصابين بينهم.
نحو ربع إصابات كورونا في النمسا، البالغة 1,648 حالة، مصدرها تيرول، وهي الولاية التي تمثل أقل من 10% من سكان البلاد.
لكن التفشي لم يقتصر على النمسا. السلطات الصحية في جميع أنحاء الدول الاسكندنافية تعقبت عدة مئات الحالات العائدة من إيشغل. النرويج تقول إن نحو 40% من الإصابات في البلاد نشأت في النمسا. كما تعتقد السلطات في ألمانيا إن مئات الحالات مرتبطة مباشرة بـ إيشغل.
حين أدرك مسؤولو النمسا الحقيقة كان الفيروس قد تفشى بالفعل. بدأت خطوات جادة، لكنها جاءت متأخرة، بحسب دير شبيجل، التي تقول إن السياح من جميع أنحاء أوروبا أصيبوا بفيروس كورونا في إيشغل.
مع ذلك، يصر المسؤولون النمساويون على أنهم فعلوا كل ما في وسعهم لوقف انتشار الفيروس بمجرد أن أصبحوا على دراية بخطورة التفشي.
برنارد تيلغ، سياسي بارز في ولاية تيرول، قال لإذاعة "أو آر إف العامة" "إن سلطات الولاية تصرفت كما ينبغي تمامًا، لكن وسائل الإعلام الأجنبية تجعل الأمر يبدو وكأن كورونا نشأ في إيشغل، بينما الحقيقة ليست كذلك.