يوم انتصر الإخوان للنبى.. وركع محمد مرسي ورفاقه لأمريكا | عمرو عبد الرازق

يوم انتصر الإخوان للنبى.. وركع محمد مرسي ورفاقه لأمريكا | عمرو عبد الرازق

28 Oct 2020
عمرو عبد الرازق
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

مع تصاعد الأزمة الفرنسية الأخيرة الخاصة بذبح مدرس فرنسي في باريس، ورد فعل الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون، وإصراره على دعم قيم الجمهورية الفرنسية، وعدم التراجع عن حرية تناول المقدسات كيفما اعتادت التقاليد الفرنسية. برزت موجات مقاطعة المنتجات الفرنسية داخل المجتمعات العربية.

وقطعًا لم يخلُ الأمر من حسابات سياسية، خصوصًا بعد تصاعد دعوة مقاطعة المنتجات التركية في بعض الدول العربية، بما يسحب سهام النقد من جهة تركيا ويوجهها تجاه فرنسا، ويشكل كوة أمل نسبية لأردوغان فى جزء من أزماته المتراكمة!

الدعاية السياسية الإسلاموية واضحة فى المشهد، وهي التي كان لها الدور البارز في دعوات مقاطعة مماثلة خلال العقود الثلاثة الماضية، وأغلبها إن لم يكن جميعها لم يكن له نصيب من النجاح.

فبدأت الدعاية الموجهة في استرجاع مشاهد للإخواني محمد مرسي وقت رئاسته للجمهورية، ونشرت صفحة الجزيرة مباشر مصر مقطعًا لمرسي يخطب خطبة حماسية، بما يبرز انتصاره للرسول بأزمة مشابهة جرت وقائعها في 2012، وكان اختبارًا مفصليا له في بداية فترة حكمه!.

الفيلم الأمريكي

لكن دعنا نعيد المشهد مرة أخرى..

في سبتمبر 2012 جاءت الأخبار بصناعة فيلم أمريكي مسىء للرسول شارك بصناعته بعض غلاة أقباط المهجر، وأن الفيلم على وشك العرض.

الاختبار عصيب. دعوات المقاطعة ودعوات شن الحروب ضد المسيئين للرسول، أو ضد الدول الغربية التي قصفت بلادًا إسلامية، كان مصدرها جميعًا طوال العقود السابقة هو التيار الإسلامي وعلى رأسه جماعة الإخوان.. ويجب أن يثبت الإخوان مصداقية موقفهم، بأول فرصة بعد امتلاكهم زمام السلطة في مصر!

فالإسلاميون توجد إحدى فصائلهم بالسلطة، واشتعال المظاهرات تعنى مواجهة إسلاميين لإسلاميين، بما يعنى ضمنًا عدم حماية الإخوان للإسلام.

فكيف سيتظاهر الإسلاميون بفصائلهم ضد السلطة الإسلامية؟ وكيف سيتصادمون مع الشرطة التي تعمل تحت رئاسة حكومة إسلامية؟ وما هي نوعية الشعارات والاتهامات التي ستستخدم للمرة الأولى ضد الحاكم الإسلامي؟ وكيف سيتظاهر الإخوان ذاتهم ضد رئيسهم؟ وماذا سيطلبون منه بوضوح؟!

وهذه المناسبات تعد موسمًا لهياج الإسلاميين وتصاعد طبول معاركهم.

مليونية نصرة الرسول

الدعوة لعرض الفيلم تزامنت مع ذكرى 11 سبتمبر، فانتشرت دعوات لمظاهرات مليونية متوجهة للسفارة الأمريكية وموعدها الجمعة 14 سبتمبر 2012، وبدأت المظاهرات تتوالى بالدول العربية والإسلامية. وفي 11 سبتمبر قتل السفير الأمريكي بليبيا في مشهد بدائي، وظهرت جثته بعد التمثيل بها بالفضائيات، وانتشرت المخاوف بتكرار نفس الأمر بالقاهرة.

دعوات عنف مبطن وصريح تجاه المسيحيين المصريين بالفضائيات الإسلامية تحبس الأنفاس، وفي 12 سبتمبر 2012 توجه الشيخ أبو إسلام، صاحب قناة الأمة، للسفارة الأمريكية بحي جاردن سيتي بالقاهرة، وسط أنصاره، وأحرق الإنجيل في مقطع مصور بمواجهة السفارة، وهدد بتكرار الواقعة والتبول على الإنجيل في حال معاودة الإساءة للإسلام.

على مدى ثلاثة أيام تصاعدت الاشتباكات بمحيط السفارة، وخُشي من تكرار نموذج السفارة الأمريكية ببني غازي، فتدولت الأخبار عن اتصالات أمريكية بالإدارة الإخوانية بمصر لتهدئة الأوضاع وإلغاء التصعيد.

مع الاستعداد لمظاهرات الجمعة تحت عنوان “مليونية نصرة الرسول” بدأ الخطاب الدعائي الإخواني في الهدوء، مع ازدياد الضغط الأمريكي، ووعدت الجماعة الإسلامية بحماية السفارة الأمريكية بالمظاهرات بواسطة أعضائها! وتغير اسم المليونية إعلاميًا لـ “نصرة الرسول وحماية السفارة”..

اعتذار مرسي

نيويورك تايمز تنشر خبرًا عن اعتذار قدمه محمد مرسى لأوباما، بعد تصريحات لم يرَ فيها البيت الأبيض إدانة كافية لمظاهرات موجهة ضد السفارة الأمريكية, رغم أن مرسي أطلق تصريحًا مثيرًا بعد مقتل السفير الأمريكي بليبيا: دم السفير الأمريكى المقتول بليبيا أغلى من الكعبة!

باع مرسى الكعبة، وأعلن أن من يهاجمون السفارات أقلية لا تعبر عنا!

تخلف الإخوان عن المليونية، ولم يحضر أفراد الجماعة، تاركين المشهد للغاضبين. أحاط المتظاهرون بالسفارة وصعدوا أسوارها ورفعوا علم القاعدة، وملأوا جدرانها بالعبارات الغاضبة، واشتبكوا مع الشرطة، مما أسفر عن عدد من الإصابات ومصرع شخص واحد.

في مثل هذه الحالة يطلق الإخوان على المقتول لقب شهيد، لكن الإدارة حينها بمصر أخرجت بيانًا يفيد بأن المقتول لديه ست عشرة سابقة سرقة ومخدرات!

في هذا التوقيت كانت الأخبار تتناقل عن خط اتصالات مفتوح بين القاهرة وواشنطن.

ويبدو أن القبضة الأمريكية كانت قوية، إلى درجة أن خيرت الشاطر – وبدون صفة حكومية رسمية – تطوع بإرسال رسالة أقرب للخضوع إلى جريدة نيويورك تايمز الأمريكية، يبرئ فيها صراحة حكومة وشعب الولايات المتحدة من شأن الفيلم المسىء، متهمًا متظاهري السفارة بتجاوز القانون، ومطالبًا بإجراء التحقيق مع الشرطة المصرية التي لم تتصد لهم بالعنف اللازم لمنعهم!

عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد، كتب عن واجب تأمين السفارات الأجنبية وعدم جواز اقتحامها شرعًا، مقدما التعازي فى مقتل السفير الأمريكي في ليبيا.

القرضاوي يدخل على الخط

أما الشيخ يوسف القرضاوى في خطبة الجمعة 14 سبتمبر بالدوحة، فبدأ خطبته بأنه من الظلم أن نحمل الشعب الأمريكي وزر إنتاج الفيلم المسيء، ولأجل ترقيق قلوب مستمعيه تجاه الجانب الأمريكي، استشهد في خطبته بقول هيلاري كلينتون: بأن الفيلم “مقرف” ذاكرًا إياها بتوقير ملحوظ. وذكر أن الفيلم لم يعرض بالتليفزيون ولا السينما وإنما فقط عبر الإنترنت، بما يقلل من أهميته، ثم تحدث عن مجادلة الناس بالتي هى أحسن، وخطأّ فكرة مقابلة الإساءة بالقوة! موجها الناس بتعريف الأمم بالنبي عن طريق الأفلام..

وفي حلقة برنامج الشريعة والحياة 16 سبتمبر 2012 قلل القرضاوي من شأن الحدث، وهاجم الضجة المصاحبة له، وصرح أنه كان يمكن التغاضي عن الأمر وكفى، منتقدا أحداث العنف وحصار السفارات، واصفا الغاضبين بالحماقة والجهل، وطلب ممن يريد مقاتلة أمريكا, أن يسافر ويقاتلها في أرضها بعيدا عن بلاد المسلمين!

اما جهاد الحداد، مسؤول العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، فأجرى مقابلة لتبرئة ساحة الإخوان، مع شبكة “سى إن إن” ليلة الجمعة 14 سبتمبر، أدان فيها حصار السفارة وأعلن تبرؤ الإخوان منها تمامًا!

هكذا انقلب الإخوان من وحوش ضارية لنعاج وديعة..

نعاج الإخوان

الإخوان كما يروجون دائمًا يرفضون التبعية لأمريكا والغرب؛ حتى أن عصام العريان خرج بتصريح يفتخر فيه برضاء الولايات المتحدة عن أداء الإخوان وحزبهم في أزمة المظاهرات, ووصْفِها موقف الإخوان بالجيد والمحترم، خاتمًا: لا نريد أن تتوتر علاقتنا بالولايات المتحدة!

لم يتوقف الأمر عند هذا، بل أن رئيس وزراء الإخوان هشام قنديل، ذهب ليتفقد محيط السفارة الأمريكية, ويؤكد من هناك: أن الغاز المسيل للدموع الذى استخدمته الشرطة فى حماية السفارة, ليست له أضرار!

أما أصحاب العقول المتميزة بالجماعة فتواجدوا أيضًا. حسن البرنس عضو مجلس الشعب الإخواني يدعو لمقاطعة جوجل لأسبوع اعتراضًا على نشر الفيلم، ثم اشتبك في مناوشات مع أيمن الصياد، مستشار مرسي، حول جدوى مقاطعة جوجل، ووجوب امتلاك المسلمين لمحرك بحث ينافس جوجل!

ولتسكين الأوضاع وتخدير الجماهير، أعلنت قطر عن إنتاج فيلم عالمي يدافع عن شخص الرسول بتكلفة نصف مليار دولار، إيمانًا منها بذاكرة السمكة التى تميز شعوبنا.

ومرت ثمانية أعوام, هل شاهد أحدكم الفيلم العالمي؟

لم يكن هذا هو الانبطاح الوحيد والتراجع للإخوان عما أوهموا به الجماهير لعقود، فمرسي تراجع عن إيمانه بآيات قرآنية حينما وصف اليهود بأحفاد القردة والخنازير، ثم اعتذر وتهرب كذبًا مما قاله، وقدم اعتذارًا صريحًا للسيناتور جون ماكين في يناير 2013 بالقاهرة، بعد أن طالبت الخارجية الأمريكية مرسي الاعتذار والتراجع عما قاله، كما أصدرت الرئاسة حينها بيانات متوالية تبرئ مرسي من مضمون أقواله وتطمئن الغرب..

أما صفوت حجازي الذي ردد في مؤتمر مرسي الانتخابي الشهير بالمحلة الكبرى: أن فوز مرسي يقرب تحرير الأقصى.. عاد في نوفمبر 2012 بعدما واجه حجم قوتهم الحقيقية، وصرح أن تحرير الأقصى ليس الآن وقد يكون بعد 200 سنة!

هكذا دافع الإخوان عن الرسول والمقدسات حينما امتلكوا السلطة، وليس كما يردد كذبًا رعاتهم بقطر الآن، معتقدين أن تاريخهم المخزي من الانبطاح قد فُقِد..

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك