بدأ المصريون القدماء أول تقويم بالاعتماد فقط على دورة القمر.
تألف العام فيه من 12 شهرًا، كل منها يتكون من 29 أو 30 يومًا.. ارتباط التقويم القمري بالاحتفالات الدينية كل شهر يحمل اسم مناسبة دينية يحتفلون بها خلال أيامه.
التقويم لم يكن معنيًا بالأمور الحياتية. وكان طول السنة فيه أقصر من السنة الشمسية بحوالي 10 أيام أو 11 يومًا كاملة.
هنا، احتاج المصريون القدماء لتقويم أكثر مدنية وعناية بالأمور الاقتصادية والمعتمدة بشكل كبير على الزراعة، فكان التقويم الشمسي هو الأنسب، لتكون الحسابات أكثر دقة. يبدأ العام فيه مع موسم الفيضان، وينتهي بموسم الحصاد.
اعتمد المصريون القدماء في تحديد التقويم الشمسي على الشمس، ونجم زيوس، ألمع النجوم في السماء، والذي يتزامن ظهوره وأفوله مع دورة الشمس. والتي تستغرق 365 يوما كاملة، وبناءً على المواسم الزراعية قسموا هذه السنة إلى 3 مواسم، كل موسم منها 4 أشهر. وسمي بحسب الأحداث الزراعية.
الموسم الأول أخيت ارتبط ببدء فيضان النيل، والثاني سمي بِرت ويعني الظهور، وهو الموسم الذي ارتبط برمي البذور في الأراضي الزراعية، بينما الثالث سمي شِمو والتي تعني انخفاض، وارتبط بانخفاض المياه استعدادًا لبدء الحصاد.
في هذا التقويم يتكون الأسبوع من 10 أيام تسمى العشرية أو العقود، وكان المصريون لا يعملون في آخر يومين منها، بينما تكون الشهر من 3 أسابيع فقط وتراوحت أيامه ما بين 30 و29. حُددت العشريات تلك بناءً على مجموعة من النجوم الفلكية التي كانت تظهر وتختفي وكانت تستخدم لمعرفة الوقت في الليل. وجدوا منها 36 مجموعة أو عشرية كل عشري يتألف من 10 أيام ليكون مجموع أيام السنة 360 يوما كاملا.
ونظرًا لأن أعداد أيام الشهور مجتمعة شكلت فقط 360 يومًا، وهي فترة أقصر من دورة الشمس بـ5 أيام، قرروا إضافتها في نهاية العام وحدها وسميت بالشهر النسيء أو الصغير، وخصصت للاحتفالات الدينية.
لكن الكهنة لاحظوا أن عيد رأس السنة في أول تحوت يأتي مبكرًا بفارق ضئيل كل عام. ما يعني أن السنة لديهم أقل من السنة الطبيعية للشمس. من هنا بدأوا البحث.
اجتمع الكهنة لدراسة أسباب التباين بين السنة الطبيعية والسنة التي حددوها في التقويم الشمسي. وفي عام 239 ق. م، توصلوا إلى أسباب التباين، وجدوا أن ظهور النجم الشعري اليمانية (زيوس) يسبق شروق الشمس بثوانٍ معدودة ويترائى في الأفق الشرقي قبل أن يخفيه ضوء الشمس، وبالمراقبة أكثر وجدوا أنه بذلك يتقدم يومًا كاملًا كل أربعة أعوام.
أي أن العام البالغ طوله 365 يوما يزيد يومًا كل أربع سنوات بسبب تقدم النجم ظاهريًا ربع يوم في كل عام، أي أن نجم الشعري اليمانية كان يدور دورة كاملة كل 365 يومًا زائد ربع يوم، ولأجل أن يتساوى طول السنة مع السنة النجمية الشعرية، جزأ الكهنة طول السنة الزائدة على السنة الطبيعية ربع يوم أو ست ساعات. وهو ما جاء منه نظام "السنة الكبيسة".
بناءًا على ما قرره الفلكيون، أصدر بطليموس في 238 ق م، مرسوما بإصلاح التقويم المصري ونشره في جميع أنحاء البلاد، وجاء فيه "أنه منذ الآن سنضيف يومًا كل أربع سنوات إلى خمسة الأيام في شهر النسيء قبل السنة الجديدة، حتى يعلم الكل ما كان ناقصًا في نظام الفصول والسنة وقد تم إصلاحه".
يرى المؤرخون أنه لا يمكن وصف التقويم المصري بالقمري أو النجمي المطلق أو الشمسي، وإنما هو ثلاثة تقويمات كل تقويم منها له غرض مختلف
الحضارات التي أحاطت بالحضارة المصرية القديمة اعتمدت التقويم القمري قبل أن تتخلى عنه في وقت لاحق (القرن الثامن قبل الميلاد) لصالح التقويم المصري الجديد، وتجدر الإشارة إلى أن أغلب تلك الحضارات كانت تعتبر غروب الشمس هو بداية يوم جديد، أما المصريون فكانوا يعتبرون شروق الشمس هو بداية اليوم الجديد بالنسبة إليهم.