حاولت حكومة الرئيس حسني مبارك وقف موجة التوك توك، فحظرتها في معظم الأحياء الغنية في القاهرة، لكنها سمحت أيضًا بتدفق أجزاء التوك توك من جنوب آسيا إلى مختلف أرجاء البلد، حيث قام مصنعو السيارات بتجميع وبيع المركبات غير المرخصة بشكل قانوني.
كان مثالًا كلاسيكيًا على مقاربة الدولة المتناقضة تجاه الاقتصاد غير الرسمي، والذي يمثل ما يصل إلى 50 - 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، وفقًا لمنظمة العمل الدولية.
عمرو عدلي، خبير الاقتصاد السياسي يقول إن نظرًا لقدراتها المحدودة، عاشت الدولة المصرية في ظل بنية تحتية غير رسمية عميقة للغاية "بنية افعلها بنفسك"، فانتشر الإسكان المخالف، الذي غضت الحكومة بصرها عنه لأنها اعتقدت أنه ينقذها من توفير تلك الخدمات بنفسها.
تلك الرؤية ساعدت في موجة انتشار التوك توك، الذي وجد شعبية خاصة لدى ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والنساء اللاتي يرغبن في تجنب التحرش في محطات الحافلات المزدحمة.
كل هذا قد يتغير قريبًا. حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي تستهدف الآن تلك المركبات غير المنظمة بخطوة أكثر طموحًا لوقف زحف التوك توك؛ ضمن خطة لتحديث نظام النقل الذي تعرض للإهمال طويلًا.
العام الماضي، أقرت الحكومة قانون المرور الذي يشترط على جميع المشترين الجدد ترخيص التوك توك. القرار عرض مجموعة غبور، أكبر منتج للسيارات في البلاد، لضربة قاسية، حيث انخفضت مبيعاتها من التوك توك بنسبة 60٪.
وفي سبتمبر، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن خطة شاملة للتخلص التدريجي من التوك توك في 20 محافظة.
الاقتراح يمنح السائقين فترة سماح تصل إلى خمس سنوات، خلالها يمنع تشغيل التوك توك في المدن والطرق الرئيسية، مع السماح بتسيير المركبات المرخصة في الأزقة الضيقة والقرى الريفية.
الخطة تلزم السائقين ببيع التوك التوك كخردة، والحصول على قروض لشراء سيارات الميني فان جديدة، أو المخاطرة بدفع غرامات أو حتى المقاضاة.
وتستوعب السيارات الصغيرة البديلة سبعة ركاب، وتعمل بالغاز الطبيعي الذي تخطط مصر لتصبح مركزًا إقليميًا له خصوصًا بعد الاكتشافات الأخيرة التي حولت البلاد من مرحلة العجز إلى الاكتفاء الذاتي وصولًا للتصدير.
ولضمان نجاح الخطة، تدرس وزارتي المالية والإنتاج الحربي مع ثلاثة من كبار مصنعي السيارات في مصر مراجعة اقتصادية لرسم التفاصيل. ويتوقع أن تصل سيارات الميني فان إلى الشوارع في غضون عام.
تطبيق الخطة الجديدة يمثل تحديًا كبيرًا للحكومة المصرية بحسب مراقبين. سائق توك توك قال للأسوشيتد برس إنه "يفضل العمل لصًا على دفع ثمن الميني الفان"، بينما قال آخر إن الخطة تستهدف زيادة أرباح البنوك.
ويتوقع ياسر الششتاوي، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة كولومبيا، محاولات لمقاومة التطور، والتحايل عليه في سلوك يراه "مصريًا" للغاية.
خالد القاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية المصرية التي تقود المبادرة، يقول إن الخطوة تهدف لخلق صورة أكثر جمالًا للبلد، وضمان صحة وسلامة مواطنيها.
ويضيف القاسم أن التوك توك يسهم في الازدحام وتلوث الهواء وحوادث السيارات القاتلة، وحتى الإرهاب؛ حيث لا يمكن للحكومة تتبع المركبات غير المرخصة.
المتحدث قال إن مركبات التوك توك مثلت عبئًا على "الإنتاجية الاقتصادية" في مصر، وحرمت الدولة من إيرادات رسوم التسجيل والضرائب.
ومنذ توليه السلطة في 2014، ركز السيسي على المشروعات الضخمة الطموحة، وبناء مجمعات سكنية متطورة، وبدأ بناء عاصمة إدارية جديدة بتكلف 45 مليار دولار في الصحراء خارج القاهرة التي باتت أكثر تكدسًا.
الهدف الأكبر هو إحياء السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية مع تعافي البلاد من الاضطرابات التي شهدتها بعد مظاهرات 2011 التي أطاحت بالرئيس مبارك.
ولمنع الانهيار الاقتصادي، طبقت الدولة إجراءات تقشف صارمة شملت خفض الدعم.