يومًا ما سنتوقف ربما بالتفصيل في مقال كامل عن رحلة كوميك كون سان دييجو للتحول من مجرد ملتقى سنوي دشنه هواة أواخر الستينيات، لتجميع مُدمني القصص المصورة من سكان مدينة سان دييجو التابعة لولاية كارليفورنيا، إلى نسخته الحالية ككرنفال سنوي ضخم يهتم به عشاق الكومكس في العالم كله. إلى حدث هام تحشد له كبرى شركات مطبوعات الكومكس وإنتاج السينما والتليفزيون، أقصى طاقاتها التسويقية والدعائية، بحضور 150 ألف شخص.
الرحلة مهمة وملهمة؛ لأننا لا نتحدث هنا عن حدث نخبوي على غرار مهرجانات السينما الشهيرة، بقدر ما نتحدث عن حدث وُلد بفضل جمهور شغوف وعاشق، ونضج وترعرع بفضلهم أيضًا قبل أي شيء. بسبب هذه النقطة تحديدًا لا أميل عادة لوصفه بمصطلحات مثل (مهرجان – مؤتمر) لأن لها طابع رسمي ومتكلف نسبيًا على الآذان، وبعيد كل البعد عن طباع هذا الحدث الجماهيري.
ما يعنينا الآن كبطاقة تعريف ضرورية لهذا المقال، هو شكله الحالي كمناسبة سنوية تنتهزها شركات الإنتاج للدعاية لأفلامها ومسلسلاتها. دورة 2018 وتحديدًا ما يخص السينما، لأن التوغل في مناطق أخرى مثل المسلسلات والقصص المصورة، سيجعل الاكتفاء بمقال واحد مسألة شبه مستحيلة.
اقرأ أيضًا: أهم دستة أفلام في النصف الثاني من 2018
إليكم عدة نقاط تلخص حصاد هوليوود وإعلاناتها هذا العام، في ملتقى كوميك كون سان دييجو.
غابت شركة مارفل للإنتاج السينمائي هذا العام عن تقديم جديد مهم. غالبًا يعود السبب لحرصها على التكتم والسرية بخصوص فيلم كابتن مارفل المقرر عرضه في مارس 2019، وفيلم أفنجرز الرابع المقرر عرضه في مايو. كلاهما ستتواصل فيه الأحداث، من حيث انتهت في Avengers: Infinity War .
اقرأ أيضًا: كل شيء ولا شيء في “أفنجرز إنفينيتي وور”
تقديم جديد بخصوصهما أيضًا في كوميك كون، سيسحب البساط دعائيًا من تحت أقدام Ant-Man and the Wasp المعروض حاليًا، وهي نقطة ضارة تجاريًا ومرفوضة.
شركة وارنر، مالك حقوق شخصيات دي سي كومكس، انتهزت فرصة غياب منافستها اللدودة، وطرحت دفعة ضخمة جديدة من الإعلانات والبوسترات لأفلامها المقبلة.
موعد العرض الأمريكي: 21 ديسمبر
الفيلم الفردي الأول لهذه الشخصية، ومن الجدير بالذكر هنا أن أفلام وارنر التي تعتمد على تواجد شخصية خارقة واحدة، مثل Man of Steel – Wonder Woman نالت سمعة نقدية أفضل من الافلام التي اعتمدت على تعددها مثل Justice League – Batman v Superman.
اقرأ أيضًا: كيف جعلت بيكسار الأسرة العادية سوبر هيروز في Incredibles2؟
مخرج الفيلم الأصل جيمس وان اشتهر بأفلام رعب مثل Saw – The Conjuring قبل أن يزور عالم الأكشن والأفلام ذات الميزانية الثقيلة بنجاح في Furious 7. نظريًا يبدو كاختيار قادر على تقديم شيء مختلف، وهو ما لم أجده عامة في الإعلان.
فرصة أكوامان في التميز عن أغلب أقرانه من أبطال الكومكس، على المستوى البصري، قائمة بالأساس على تقديم مشاهد مبهرة ومختلفة تحت الماء. للأسف الإعلان لا يوحي باستغلال جيد لهذه الفرصة أيضًا.
هل سيحصد الفيلم نجاحًا تجاريًا ونقديًا مماثلًا لـ Wonder Woman أم سينضم لقائمة إحباطات وارنر آخر سنوات؟.. الإجابة صعبة حاليًا، لكن يصعب تصنيف الإعلان كضربة بداية موفقة للدرجة.
موعد العرض الأمريكي: 5 أبريل 2019
الإعلان هو فاكهة كوميك كون هذا العام بالتأكيد، وواحد من أهم مفاجآت وارنر. لدينا هنا ما يبشر بفيلم كوميدي مسلٍ مقتبس من كومكس بنفس الاسم، ويلعب على فكرتين لهما شعبية عند الكل:
زكاري ليفي على ما يبدو اختيار موفق للدور. شاهدنا سابقًا أفلامًا التحمت فيها الكوميديا مع أجواء السوبرهيرو، مثل ديدبول – الرجل النملة – حراس المجرة، لكن ما يمكن أن يميز شازام نسبيًا عن أقرانه، هو حفاظه على مسار كوميدي بسيط وبعيد عن الإبهار والأكشن المكثف.
اقرأ أيضًا: لدغة مارفل أضعف في Ant-Man and the Wasp
الغريب هنا أن ديفيد ساندبرج مخرج الفيلم حقق شهرته بفضل أفلام رعب مثل Lights Out – Annabelle Creation وهي نقطة تجعله اختيار غريب للفيلم.
موعد العرض الأمريكي: 31 مايو 2019
جودزيلا الوحش الياباني الأصل الشهير، يعود بجزء ثانٍ للفيلم الذي عُرض في صيف 2014 وحقق أكثر من نصف مليار دولار عالميًا. هذه المرة على يد المخرج مايكل دوجيرتي صاحب أفلام Krampus – Trick ‘r Treat
دوجيرتي اختيار غريب نسبيًا لخلافة جاريث إدواردز مخرج الفيلم الأول. تاريخه لا يوحي بالكثير على المستوى البصري، وهي نقطة ربما ستؤثر سلبًا. نسخة 2014 فازت بإعلانات ممتازة قبل عرضها، واحتوت على مشاهد مبهرة بصريًا لأقصى درجة، ساهمت في حشد الجمهور للفيلم. إعلان الفيلم الجديد يفتقد لنفس القوة بالمقارنة.
اقرأ أيضًا: ديناصورات سبيلبرج بدون طفرات في Jurassic World: Fallen Kingdom
الواضح أن الدعاية ترتكز هذه المرة أكثر على وجود ميلي بوبي براون، نجمة مسلسل Stranger Things وعلى كون الفيلم التمهيد الأخير للعراك المنتظر بين جودزيلا وكينج كونج في فيلم Godzilla vs. Kong المقرر عرضه في صيف 2020.
هل سيزأر جودزيلا في شباك التذاكر، بنفس قوة زئيره في فيلم 2014؟ من الصعب تحديد إجابة، لكن ما أتوقعه هو فيلم أقل إبداعًا على المستوى البصري، حتى لو كان أكثر تسلية.
موعد العرض الأمريكي: 16 نوفمبر 2018
الجزء الأول من هذه السلسلة الجديدة المتفرعة من عالم هاري بوتر، عُرض في أواخر 2016 وحقق نجاحًا تجاريًا ضخمًا (إجمالي عالمي 814 مليون دولار). رغم هذا لم يشعر جمهور هاري بوتر بنفس الرضا المعتاد، وهو ما يدفعني للتساؤل: هل سينجح الفيلم الثاني بنفس الدرجة، أم أن الجمهور سينفض سريعًا؟
الإعلان مسلٍ، لكن لا ينبىء بكثير من الاختلافات، ووزن جوني ديب جماهيريًا في تناقص في السنوات الأخيرة. هذه نقاط تجعل إجابة السؤال السابق أكثر صعوبة.
موعد العرض الأمريكي: 18 يناير
نبتعد عن شركة وارنر للمرة الأولى، ونتجه لشركتي يونيفرسال وتاتش ستون، مع هذا الفيلم الذي يعتبر جزء ثانٍ لفيلمين سابقين مختلفين، للمخرج الهندي الأصل نايت شيمالان:
عُرض الفيلم أواخر عام 2000 وحقق إيرادات جيدة، لكن أقل من المتوقع بسبب المقارنة الحتمية وقتها مع فيلم الحاسة السادسة (التعاون السابق مباشرة بين المخرج وبروس ويليس).
رغم هذا تراكم للفيلم بمرور الزمن، رصيد إعجاب ضخم وسط الملايين من عشاق الكومكس بالأخص، بفضل قصته وبنائه الفريد، الذي يجعل عالم الكومكس وثوابته أقرب لميثولوجيا العصر الحديث. في تقديري سبق الفيلم أوانه بكثير، وغالبًا كان سينال تقديرًا مختلفًا لو عُرض بعد هوجة أفلام السوبرهيرو، وانتشار ثقافة الكومكس خارج المجتمع الأمريكي.
عُرض في أوائل 2016 وحقق نجاحا تجاريًا غير متوقع، بفضل الجدل المثار حول أداء جيمس مكافوي بالأخص. لا أراه فيلمًا بنفس أهمية ووزن Unbreakable لكن يمكن اعتباره شهادة ميلاد ضرورية لشخصية سيحتاجها شيمالان في Glass.
قريبًا سيصل Glass للشاشات في عالم مختلف تمامًا عن العالم سنة 2000 بخصوص الكومكس. عالم لم يعد فيه المصطلح غريبًا عن الأسماع. من الهام هنا أن أنقل جزءًا مما قاله مخرج الفيلم في كوميك كون سان دييجو هذا العام:
لقد قطعتم شوطًا رائعًا يا رفاق!.. وقت Unbreakable كانت توجهات شركة الإنتاج هى تجنب اللعب على وتر عالم الكومكس والسوبرهيرو، وتسويق الفيلم باعتباره فيلم إثارة وظواهر غامضة. اليوم أقف بينكم في كوميك كون بتشجيع من شركات الإنتاج، لتسويق الفيلم باعتباره وثيق الارتباط بعالم الكومكس.
من اليمين: بروس ويليس – صامويل ال جاكسون – نايت شيمالان في ندوة كوميك كون عن الفيلم الجديد Glass
شيمالان قد يكون في طريقه لتدمير ذكرياتي عن عظمة الفيلم الأول، أو في طريقه لتقديم علامة أخرى في عالم الكومكس، لكن في جميع الحالات سيظل الفارق الزمني بين الفيلمين، والفارق التسويقي بينهما حاليًا، شيئًا يذكرنا بما حدث لعالم الكومكس بعد انتقاله لأحضان هوليوود.
لا يوجد مكان آخر أنسب للاحتفال بهذه النقلة، أكثر من كوميك كون سان دييجو وجمهوره المخلص. في انتظار يناير، أملًا في أن يكون الفيلم بنفس عظمة هذه النقلة والذكرى. هذا الـ Glass يجب أن يكون رائعًا بمعنى الكلمة!
نسخة للطباعة