كل شيء ولا شيء في “أفنجرز انفينيتي وور” | حاتم منصور

كل شيء ولا شيء في “أفنجرز انفينيتي وور” | حاتم منصور

28 May 2018
حاتم منصور
سينما عالمية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

18 فيلما على مدار 10 سنوات، بإجمالي إيرادات عالمي يُقدر بحوالي 15 مليار دولار، ومتوسط 800 مليون دولار للفيلم الواحد، بالإضافة إلى مكاسب هائلة أخرى، تحققت من مبيعات الملابس والأقنعة والدمى المتحركة وألعاب الفيديو جيم وجولات الملاهي في ديزني.

سلسلة عالم مارفل السينمائي التي بدأت بفيلم “أيرن مان” عام 2008، هي الآن بلغة الأرقام، أنجح سلسلة أفلام هوليوودية في التاريخ الحديث، وبالنظر لإيرادات الأيام الأولى لفيلمها الـ19 “أفنجرز – إنفينيتي وور”، يبدو أن قطار النجاح التجاري لن يكتفي فقط بمواصلة مشواره، ولكن أيضا بمضاعفة سرعته.  

ما الذي يضيفه الفيلم الـ19 إذا لما سبقه، ولماذا أصبحت هذه السلسلة دونا عن غيرها منيعة ضد الكسر في شباك التذاكر؟

إعلان Avengers: Infinity War

في الفيلم الجديد، لا تكتفي “مارفل” بحشد فريق أفنجرز كله من جديد للمرة الثالثة، لكن تضيف أيضا شخصيات أخرى رئيسية من عالمها، وعلى رأسها فريق حراس المجرة ودكتور سترينج، بالإضافة لعشرات الشخصيات الفرعية الأخرى التي عرفناها خلال الأفلام السابقة.

أهم دستة أفلام في النصف الثاني من 2018

نتحدث عن فيلم وقصة، يُفترض أن تتحرك بـ 30 شخصية رئيسية، وهو رقم عسير حتى مع فيلم تبلغ مدته ساعتين ونصف. رقم يصعب معه بناء سرد درامي لا يتضمن حشراً أو إدماجاً لشخصيات دون داعٍ.

ضريبة هذه الحمولة الضخمة دفعتها بعض الشخصيات بتواجد سريع وخافت مقارنة بالأفلام السابقة، مثل (كابتن أميركا – الأرملة السوداء – الفهد الأسود)، حيث اقتصر تواجدهم هنا تقريبا على تقديم مشاهد أكشن، ولم تسمح لهم الأحداث بتطور حقيقي ملموس في تكوين الشخصية.

في جميع الحالات، هم أفضل حالا من أغلب أعضاء فريق «حراس المجرة». هذا الفريق ربح تواجداً زمنياً أطول لكن للأسف، تضرر منه، نتيجة إصرار ومحاولة السيناريو على تحويلهم لمحطات النكات والمرح وسط الأحداث، وهى محاولة أراها أخفقت أكثر مما نجحت، وتحولت من وقت لآخر لمصدر مقاطعة وملل.

النجاح الأبرز هنا تحقق في اللقاء الأول لشخصيات نعرفها جيدا، لكنها لم تلتق من قبل، وفي اختلاق معادلة لهذا اللقاء لا تسمح فقط بتطور مثير أو مهم ما للأحداث، لكن تسمح أيضا باستدعاء الكوميديا والصفات التي أحببناها في هذه الشخصيات، وهى نفس الجزئية التي أتاحت لفيلم أفنجرز الأول (2012) مساحة تميز خسرها الفيلم الثاني (2015).

اللقاء هنا بين أيرن مان ودكتور سترينج، مثلا، يحقق هذه المعادلة بنجاح. الاثنان يملكان تطلعاً للقيادة وكبرياء وقدراً من الغرور، بشكل يجعل صدامهما أمراً لا مفر منه من ناحية، ويترك لهذا الصدام مساحة كوميدية ما دون افتعال، من ناحية أخرى.    

لدغة مارفل أضعف في Ant-Man and the Wasp

تظل الشخصية الأهم والأكثر حظا في الفيلم على أي حال، هى شخصية ثانوس. الشرير الذي رأيناه في بعض الأفلام السابقة كضيف شرف في مشاهد تمهيدية لظهوره هنا.

ثانوس الذي يقوم بدوره الممثل جوش برولين، بفضل تقنيات الموشن كابشر، هو الإنجاز الأعظم والأهم الملموس للفيلم، والشرير الأفضل سينمائيا إجمالا على مدار مشوار مارفل حتى الآن. ربما باستثناء منافس يتيم على اللقب هو لوكي، الذي عرفناه في بدايات أفلام مارفل.

انطباعي المبدئي من إعلانات الفيلم عن ثانوس لم يكن متفائلا للدرجة؛ ربما بسبب التاريخ المعقد والمحبط لاستخدام تقنيات الموشن كابشر في اختلاق شخصيات شريرة في أفلام شبيهة. لكن هذا الانطباع تغير للعكس باستمرار مع مرور الأحداث.

أخفقت مارفل سابقا في الاستفادة من أسماء ثقيلة الوزن تمثيليا في قائمة الأشرار، وهو أمر تتحمل مسئوليته بالتأكيد؛ لأنه من الصعب التشكيك في قدرات ممثلين في وزن ميكي رورك – تيم روث – كيت بلانشيت – هوجو ويفنج – مايكل كيتون.. وغيرهم.

ستان لي.. القصة الحقيقية لـ السوبر هيرو الذي تحدى العنصرية

أزمة هذه الأسماء، وسط عالم مارفل السينمائي، هي أن الشخصيات نفسها في السيناريو تعاني من سطحية ومباشرة، ولا تملك الكثير لتقدمه كأشرار سوى بعض الكليشيهات المحفوظة والمكررة.

ثانوس في المقابل أكثر حظا. ليس فقط بفضل وجود ممثل بارع صاحب قدرات وكاريزما مثل برولين، ولكن بفضل تركيبة القصة والأحداث، التي تجعل منه نموذجاً مختلفاً، نموذجاً يحمل فلسفة ما في ما يفعل، نموذجاً قد ترفضه تماما، لكن يصعب ألا تحترم أو تتفاعل مع كفاحه وإصراره وتضحياته من أجل هدف يؤمن بنبله.

الشخصية لا ترقي لمنافسة الجوكر وبين، في أفلام باتمان التي أخرجها نولان مثلا، لكنها تظل هنا المحرك الأفضل للفيلم سواء على المستوى العاطفي والدرامي، أو على مستوى الإثارة وقت المعارك والأكشن. من الجيد أن نرى مارفل أخيرا وهي تحقق تقدماً أفضل في الجزئية التي أخفقت فيها باستمرار. ومن الجدير بالذكر هنا أن دوافع ثانوس في الفيلم، أكثر أهمية واتقاناً كصياغة من دوافعه في قصص الكومكس.

ديدبول ينعي نفسه ويصلح هوليوود في Deadpool 2

على المستوى البصري، لا يصمد الفيلم كمحطة مختلفة وأصيلة وسط قائمة أفلام عالم مارفل. وهو وصف لا أراه ينطبق بأي حال إلا على فيلمين فقط حتى الآن. حراس المجرة الجزء الأول 2014، ودكتور سترينج 2016.

في الأخيرين تركيبات لونية وبصرية مختلفة عن باقي المجموعة، ونموذج ممتاز للمزج الموفق بين الديكورات الحقيقية وألاعيب الجرافيك. هنا يعيب إخراج الأخوين روسو اعتماد مطلق وشبه متواصل على استخدام الجرافيك كحل أول وأخير. يُضاف إلى ذلك، تواجد تقنية عرض ثلاثية الأبعاد بدون أي جدوى تُذكر.

على مستوى الأكشن. يشهد الفيلم أيضا، رغم كثافة الأكشن فيه زمنيا، تراجعا ملحوظا مقارنة بفيلمها السابق “كابتن أمريكا: الحرب الأهلية”. لا يوجد هنا ما يصمد في الذاكرة للمقارنة مع معركة المطار الشهيرة، التي شهدت توظيفاً ممتازاً لشخصيات عديدة ومختلفة القدرات، في معركة واحدة مثيرة من ناحية، ولا تخلو من المرح من ناحية أخرى.

كل شيء هنا إعادة وتكرار لمشاهد أكشن ومعارك، شاهدناها سابقا في أفلام مارفل. وربما شاهدناها بشكل أفضل. الفارق فقط في التكثيف المتواصل.

يمكن القول إجمالا إن فيلم “أفنجرز إنفينيتي وور” باستثناء جزئية ثانوس، هو النموذج الأبرز لمدرسة هوليوودية معاصرة، ترى في الكم علاجاً سهلاً لمشاكل الكيف. الفيلم ضخم في كل شيء. في عدد شخصياته.. في معاركه.. في الخدع السينمائية.. في مدة عرضه.. في مستوى تمهيده لأفلام أخرى قادمة.. إلخ.

ديناصورات سبيلبرج بدون طفرات في Jurassic World: Fallen Kingdom

الطموح للضخامة والأهمية سلاح ذو حدين. من ناحية، من الصعب مثلا تخيل شكوى لمتفرج مضمونها أن الفيلم لا يملك أكشن بما يكفي، أو أن الشخصيات أقل مما يكفي. من ناحية أخرى، الضخامة بهذا الشكل المتواصل تدمير لإيقاع أى فيلم. إذا أصبح كل شىء يحدث على الشاشة بلا استثناء مهما ومحوريا جدا، فهل ما يحدث مهم ومؤثر جدا فعلا؟.. هذا السؤال الكلاسيكي يثير جدل في فن كتابة السيناريو من زمن. ومشاهدة الفيلم تجعله مُلحا من جديد.

العنوان الأصلي الأول المعلن للفيلم منذ سنوات كان “أفنجرز إنفينيتي وور – الجزء الأول”، على اعتبار أن فيلم عام 2019 هو الجزء الثاني. ومن السهل بعد مشاهدة الفيلم أن نتفهم أسباب اعتبار الفيلمين جزئين متصلين.

غالبا قرار التغيير تم لأسباب تسويقية، رأت فيها شركة مارفل أن إضافة مقطع (الجزء الأول) للعنوان، قد يكون وعداً للجمهور بنصف وجبة، وهو ما لا يريده الغالبية عادة. ومن الجدير بالذكر هنا أن تصنيف الفيلم مستقبلا، من حيث الجودة، سيظل مرتبطا بشكل وثيق بما تنوي مارفل تقديمه في أفنجرز عام 2019 أيا كان عنوانه.

في جميع الحالات، نجحت مارفل في تحقيق مسعاها. مشاهدة الفيلم وسط مئات الأطفال والمراهقين والشباب المتحمسين في قاعات السينما، أكبر دليل أن السلسلة وصلت لمراحل جنونية من الشعبية، تجعل الهوس بها أقرب لديانة جديدة. ودرجة تفاعل الجماهير مع ختام الفيلم الذي لا يخلو من شاعرية وشجن من ناحية، ومن بُعد تجاري واضح لجذب الجمهور للفيلم القادم من ناحية أخرى، أكبر دليل أن الجمهور يتقبل من مارفل ما لا يتقبله عادة من غيرها. وبقاء الجمهور كله تقريبا لمتابعة مشهد ما بعد التترات المعتاد دليل أخر أن أغلب الحاضرين من مدمني السلسلة.

الحصاد السينمائي لـ كوميك كون 2018

18 فيلما سابقا، ومثلها تقريبا قيد الإعداد حاليا. وافتتاحية تجارية يمكن وصفها بالـ”عظيمة”، للفيلم رقم 19. يضاف إلى ذلك تعديلات مهمة في الموقف العام الماضي، بعد عودة شخصيات “إكس مين” لحيازة مارفل بفضل الصفقة التي تمت بين شركة ديزني وشركة فوكس. كلها معطيات تصلح كمؤشر أن مارفل معها ما يكفي غالبا، لسيادة الموقف تجاريا لمدة 10 سنوات أخرى.

“أفنجرز انفينيتي وور”، قد لا يكون كل شىء أرادته مارفل، لكن من الواضح أن مارفل هى كل شىء يريده الملايين حاليا. شخصيا لا أعتبر نفسي من المهووسين بالسلسلة، لكن مشاهدتها وسطهم في قاعات السينما تجربة لا تخلو من اختلاف في حد ذاتها. في النهاية الشغف بفيلم، والحماس الجنوني الجماعي الأقرب لسن الطفولة، عدوى يجب التعرض لها من وقت لآخر، وفي هذه الجزئية لا يوجد حاليا مصدر عدوى عالمي يعادل مارفل في الفاعلية!

باختصار:

فيلم كوميكس وأكشن مصنوع بحرفية لعشاق سلسلة مارفل، رغم غرقه أحيانا بعيوب نابعة من كثرة الشخصيات، وافتقاده للمسات التجديد خصوصا على المستوى البصري. إذا كنت من عشاق مارفل فعلى الأغلب اتخذت قرارك بالمشاهدة بالفعل. وإذا كنت لا تعشقها لا أعتقد أنك ستجد هنا ما يُغير رأيك. لكن من الوارد أن تربح تجربة مشاهدة مختلفة المذاق، إذا شاهدت الفيلم وسط المهووسين بالسلسلة.


SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

SaveSave

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك