وول ستريت جورنال نقلت عن مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية تأكيدًا بأن الوزير مايك بومبيو كان من بين مسؤولي الإدارة الذين استمعوا مباشرة إلى المكالمة الهاتفية التي جمعت الرئيس دونالد ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والتي طالبه فيها بإعادة فتح التحقيق في مزاعم فساد طالت نائب الرئيس السابق جو بايدن، أحد مرشحي الديمقراط المحتملين لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 ونجله هانتر.
ترامب أصر خلال المكالمة على ضرورة تعقب القضية، وحث نظيره الأوكراني على التعاون مع محاميه الشخصي رودي جولياني ووزير العدل وليام بار.
الديمقراط استندوا على هذه المكالمة بشكل أساسي ضمن مساعيهم لعزل ترامب برلمانيًا، بتهمة الاستعانة برئيس أجنبي للتأثير على الانتخابات الأمريكية.
الاتهام جاء بعد أيام من مطالبة الديمقراط لوزير الخارجية بتزويد لجان التحقيق بوثائق مهمة حول المكالمة؛ أملًا في الإسراع في التحقيقات، بالتزامن مع قرار لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الاستماع لخمسة من موظفي الخارجية بينهم المبعوث الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا.
والأسبوع الماضي، قال بومبيو إنه لم يقرأ تفاصيل الشكوى، لكنه أصر على أن مسؤولي الخارجية الأمريكية تصرفوا بشكل “مناسب تمامًا”.
بالتزامن، نشرت “نيويوررك تايمز” تصريحات لمسؤولين في الإدارة الأمريكية لم تكشف هويتهما قالا فيها إن الرئيس دونالد ترامب ضغط على رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون لمساعدة وزير العدل الأمريكي في جمع معلومات ضمن مراجعة تجريها الوزارة حول مصادر تحقيق روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية 2016 التي وصلت به إلى البيت الأبيض.
واتهمت الصحيفة البيت الأبيض بمنع إمكانية الوصول إلى نص المكالمة كما فعل مع نص المكالمة مع الرئيس الأوكراني.
ترامب يصنف صحيفة “نيويورك تايمز” ضمن خصومه، وعلق على مقال جهلت الصحيفة كاتبه في سبتمبر/ أيلول 2019 حول “المقاومة الداخلية التي يواجهها الرئيس من عدد من رجال إدارته لإحباط بنود من أجندته، وحماية الولايات المتحدة من أسوأ ميوله”، قائلًا: “عندما تتحدث معي حول مصدر مجهول داخل الإدارة، على الأغلب إنه شخص يفشل ووجوده هنا خاطئ، ونيويورك تايمز تفشل”.
وأبدت الحكومة الأسترالية استعدادها للتعاون في سبيل إجلاء الحقيقة خلال التحقيقات. وقال متحدث باسمها إن “رئيس الوزراء أكد على هذا الأمر مجددًا خلال محادثة مع ترامب”.
مجلس النواب أرسل طلبًا لمحامي ترامب الشخصي رودي جولياني للحصول على وثائق بشأن دوره المحتمل في القضية الذي أشار إليه الرئيس في مطالبته للرئيس الأوكراني بالتنسيق مع محاميه.
واعترف جولياني في مقابلة تليفزيونية مع شبكة سي إن إن في 19 سبتمبر/ أيلول بدوره في الاتصالات مع أوكرانيا بشأن بايدن، لكنه أعلن رفضه التعاون مع رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي آدم شيف، المنتمي لحزب الديمقراط.
رؤساء لجان الخارجية والاستخبارات والرقابة على السلطة التنفيذية في مجلس النواب – الذي يسيطر عليه الديمقراط – وصفوا تصريحات جولياني بـ “الاعتراف الصارخ”، واعتبروا أن “مسؤولين آخرين في إدارة ترامب ربما شاركوا في هذا المخطط”، مجددين طلبهم بتقديم جميع الوثائق بحلول 15 أكتوبر/ تشرين الأول، مهددين بأن تمسكه برفض المثول أمام لجان التحقيق النيابية “ستكون دليلًا على إعاقة التحقيقات”.
نظريًا، يتيح الدستور الأمريكي في المقطع الرابع من المادة الثانية عزل الرئيس بعدة تهم بينها الخيانة، لكن حق الإدانة – وبالتالي العزل – ممنوح حصرًا لأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون.
هنا، يحتاج الديمقراط لإقناع سيناتوز جمهوريين بالتصويت باتجاه إدانة ترامب وعزله، حال نجاحهم – المتوقع – في تمرير القرار في مجلس النواب الذي يسيطرون عليه. خطوة تبدو صعبة على أقل التقديرات، بالنظر لنتائج انتخابات التجديد النصفي الأخير، التي أطاحت بالعديد من الجمهوريين الذين فضلوا النأي بأنفسه عن سياسات الرئيس، بينما فاز الجمهوريون المحافظون في أماكن شعبية ترامب، والذين يحتفظون للرئيس بالفضل في ذلك.
وتاريخيًا، وصل رئيسان أمريكيان – ديمقراط – هما آندرو جونسون وبيل كلينتون – لمرحلة التصويت في مجلس الشيوخ لعزلهما، لكن التصويت فشل في المرتين في تأمين أغلبية الثلثين المطلوبة لعزلهما، بينما رضخ الرئيس ريتشارد نيكسون للضغوط مبكرًا، واستقال من منصبه قبل بدء إجراءت توجيه الاتهام في مجلس النواب.
ويأمل الديمقراط في أن فتح التحقيقات على الأقل “سيفضح ترامب، وبالتالي يقتل الآمال في إعادة انتخابه”، بينما يأمل ترامب نفسه في أن تؤدي خطوات عزله إلى تعزيز قاعدته الانتخابية وإقناع الجمهوريين الأكثر اعتدالًا بالتعاطف معه في انتخابات 2020.
شبكة سي إن إن وصفت خطوات النواب الديقراط بـ”مقامرة ضخمة” في استخدام الأداة الدستورية ستؤدي حال فشلها إلى تمهيد الطريق لـ “الكابوس الأكبر” بوصول الرئيس ترامب لفترة ثانية.
وقالت “وول ستريت جورنال” إن القضية قد تأتي بنتائج عكسية على الديمقراط حين يصبح مرشحهم جو بايدن مطالبًا بتقديم سبب مقنع للناخبين حول تمتع ابن نائب رئيسهم – حينها – بوظيفة يبلغ دخلها الشهري نصف مليون دولار، بينما مؤهله الوحيد هو اسم عائلته.
بايدن لن يكون الوحيد بين الديمقراط الذي ستطاله الاتهامات. سيناتورز جمهوريون أعادوا كذلك فتح ملف قصة نشرتها “بوليتيكو” في ٢٠١٧ حول جهود أوكرانيا لتخريب حملة ترامب عبر دعم منافسته حينها هيلاري كلينتون ومساعدة حلفائها في البحث في معلومات مضرة بترامب ومساعديه بغرض “دعم رواية أن حملة ترامب كانت على صلة بخصم أوكرانيا الرئيسي على حدودها الشرقية، روسيا”.