السعودية وقطر تعلنان “تقدمًا” نحو حلحلة الأزمة المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات. الكويت تقول إن جهودها أثمرت أخيرًا. بينما يتحرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بجهود مكثفة يقودها كبير مستشاريه جاريد كوشنر الذي زار السعودية وقطر لجمع الفرقاء سعيًا لإطباق الحصار على إيران قبل وصول جو بايدن الساعي لإعادة إحياء الاتفاق النووي.
مسؤولون أمريكيون وخليجيون يقولون إن السعودية وقطر توصلتا لاتفاق “مبدئي” يمهد لـ “محادثات إقليمية أوسع”. حال نجاح المحاولة، يفترض أن يشهد اجتماع مجلس التعاون الخليجي التوقيع رسميًا على الاتفاق “الخماسي”.
لكن التحذيرات قائمة من أن المبادرة الوليدة تحتاج لاتفاق أشمل مع بقية رباعي المقاطعة: الإمارات – مصر البحرين.
مصر والإمارات أبديتا تحفظات بالفعل يحاول ترامب التدخل بنفسه لتسويتها.
الأهم بالنسبة للإدارة الأمريكية أن تجبر الصفقة قطر على النأي بنفسها عن إيران. لكن مسؤولين خليجيين أعربوا عن شكوكهم في أن اتفاقية لن تعالج القضايا الأساسية التي أدت إلى الخلاف ستصل لنفس مصير الاتفاق الذي أنهى أزمة 2014.
س/ج في دقائق
ماذا نعرف عن اتفاق المصالحة بين السعودية وقطر ؟
التقارير عن انفراجة بين السعودية وقطر تسربت خلال الأسبوع. لكن الإعلان ظهر في تصريحات وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح، الجمعة، حول “محادثات مثمرة” للحل.
بالتزامن، نقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين أمريكيين وخليجيين أن السعودية وقطر “توصلتا لاتفاق مبدئي” لإنهاء النزاع.
بوادر التقدم ظهرت بعد أيام من محادثات مكثفة توسطت فيها الولايات المتحدة؛ حيث سافر صهر ترامب جاريد كوشنر وفريقه إلى السعودية وقطر في محاولة لكسر الجمود.
إن بي سي نقلت عن ثلاثة مصادر اطلعوا على المفاوضات أن “صفقة نهائية” قد توقع خلال أيام، محددين اجتماع مجلس التعاون الخليجي كموعد محتمل للتوقيع “إذا لم تتعثر مفاوضات التفاصيل الأخيرة”.
وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أبدى تفاؤلًا “إلى حد ما” بحل “في متناول اليد”. وكشف نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن عن “بعض التحركات” التي تأمل قطر أن تضع حدًا للأزمة.
الاتفاق المبدئي “وفق المعلومات المتاحة” يشمل إعادة فتح المجال الجوي والحدود البرية مقابل سحب قطر للدعاوى القضائية الدولية، وإنهاء الحرب الإعلامية، وخطوات لبناء الثقة كجزء من خطة لإعادة بناء العلاقات تدريجيًا، من بينها تخلي قطر عن الأنشطة التي قد تتعارض مع المصالح السعودية، والتوقف عن التدخل في السياسة الداخلية السعودية.
لماذا تحركت إدارة ترامب لحل أزمة السعودية وقطر الآن تحديدًا؟
ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، يقول إن حل أزمة السعودية وقطر كان “قضية ذات أولوية للخارجية الأمريكية لفترة طويلة”. لكن المسؤولين الأمريكيين اعتبروا تدخلهم مجرد اقتراح لا طلب حقيقي انطلاقًا من توصيف الأزمة باعتبارها “شجارًا بين أفراد عائلة”.
الأمور تغيرت ضمن محاولة دونالد ترامب إطباق الحصار على إيران بإعادة حليفها قطر لمحيطها الخليجي قبل خروجه الوشيك من البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2021.
إدارة ترامب قلقة من أن الخلاف الحالي يضعف التحالف الشرق أوسطي الذي سعت إلى تشكيله ضد إيران، وتشعر بالإحباط من أن طهران تستفيد ماليًا؛ لأن المقاطعة المفروضة على قطر تعني اضطرار الطيران القطري لاستخدام المجال الجوي الإيراني. وتلقت ما يقرب من 100 مليون دولار من الخطوط الجوية القطرية كرسوم تحليق.
ومع اقتراب وصول جو بايدن، يسعى ترامب لعدم ترك أي خيارات أمامه سوى مواصلة حملة الضغط الأقصى على إيران.
ووفقًا لمسؤول رفيع في إدارة ترامب، يسعى البيت الأبيض لإكمال المصالحة بين السعودية وقطر كـ “انتصار دبلوماسي أخير” قبل أن يترك منصبه.
وقال المصدر إن البيت الأبيض أصبح يركز على حل الخلاف بين قطر وجيرانها هذا الصيف بعد نجاح اتفاقيات إبراهام.
هل يمكن أن تمضي مصالحة السعودية وقطر دون “ثلاثي” المقاطعة؟
الإدارة الأمريكية تعتبر الاتفاق المبدئي بين السعودية وقطر “تمهيدًا” لمحادثات إقليمية أوسع. وتسعى لأن يجمع التوقيع الرسمي قطر مع الرباعي.
وحذر مسؤولون خليجيون تحدثوا لوول ستريت جورنال من أن المبادرة قد تتعثر إذا لم تتفق بقية أطراف المقاطعة على كيفية الحل.
المسؤولون الخليجيون قالوا إن اتفاقية السعودية وقطر “لا تزال مؤقتة”، وقد تنهار قبل التوقيع عليها؛ إذ لا يزال يتعين إقناع الدول الأخرى بقبول الحل الوسط.
المسؤولون أضافوا أن مصر تحفظت بالفعل. لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن ترامب تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، بهذا الشأن.
الإمارات كذلك، عبر سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة، قالت إن “إنهاء الخلاف ليس أولوية”، مشيرة إلى الخلافات العالقة حول “التوجه المستقبلي للشرق الأوسط”.
بلومبرج نقلت عن مشاركين في المحادثات أن الاتفاق المبدئي بين السعودية وقطر “قد لا يشمل في البداية الإمارات ومصر والبحرين”، بسبب أن العديد من القضايا الأساسية باقية دون حل. لكن وزير الخارجية السعودي متفاءل بأن “جميع الدول على وشك الانتهاء من القرار”. كذلك قال وزير الخارجية القطري إن أي قرار “يجب أن يكون شاملًا”.
بخلاف غموض موقف بقية الأطراف، خصوصًا الإمارات التي تعتبر أن أساس أزمة قطر هو الخلاف على تحديد معالم الثقافة السياسية للعقود القادمة، لم تبد قطر استعدادًا لمناقشة الأسباب الحقيقية التي أدت لاندلاع الأزمة.
وتتمسك الدوحة بمشاركة الإمارات في أي اتفاق نهائي محتمل بين السعودية وقطر.
قطر اعتبرت أن كل الأطراف “ليست في وضع يمكنها من فرض أي مطالب” وأن كل دولة تملك حق تقرير سياستها الخارجية”، بالتالي تتمسك بأن أساس الحل يقتصر على “الاحترام المتبادل”.
ولم تبد قطر أي إشارة لقائمة المطالب الـ13 التي قدمها رباعي المقاطعة كثمن للاتفاق، وبينها إغلاق قناة الجزيرة، وإغلاق القاعدة التركية، وقطع العلاقات مع جماعة الإخوان، وخفض العلاقات مع إيران، التي تشترك في حقل غاز ضخم مع قطر.
وواصلت قطر الدفاع عن تحالفها المالي مع تركيا، وأكدت أنها “ليست على استعداد للتخلي عن إيران”.
لكن شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، يقول إن تحولات السياسة الخارجية التي نشأت خلال الأزمة لن تختفي بين عشية وضحاها. بالتالي، ستبقي قطر ستبقي على جميع خطوط الاتصال وجميع العلاقات التي أقيمت خلال فترة القطيعة باعتبارها ذات طبيعة استراتيجية.
موضوعات متعلقة
