الإيكونوميست تقول إن هذا السلوك يتفهم تمامًا كيف يستقبل المراهقون والشباب في أوائل العشرينيات من أعمارهم الأخبار حاليًا، اعتمادًا على منصات السوشال ميديا الأحدث بشكل كامل.
دراسة أجريت على مراهقين أمريكيين وبريطانيين بتكليف من معهد رويترز لدراسة الصحافة كشفت إن الجيل الجديد انتقائي حتى في شكل تأثير الميديا عليه. يهتمون فقط بأثر ترك تلك الأخبار عليهم كأفراد لا على المجتمع ككل.
هذا النمط يمنح شكل تقديم الأخبار أهمية أكبر من محتواها، وحبذا لو كانت بصرية. يقول مراهق أمريكي: “أشعر أن الأمر ممل إذا كان مقالًا. إذا كان مقطع فيديو، فسيكون جذابًا للغاية”.
الخبر لا يصل إلى الجيل الجديد من صناع الميديا مباشرة. يخضع لمرحلة وسيطة، إما بإضافة تعليق أو تحويله إلى فكاهة، أو حتى بفلترته قبل تمريره للجموع عبر شخصيات يتابعها عدد ضخم من الجيل الجديد لكنها غير معروفة لدى عامة الناس.
جريتا ثونبرج.. دليل اليسار لإنتاج جماعات الكراهية | مينا منير
مبادئ الميديا الجديدة سارية في شتى أنحاء العالم، فقط باختلاف بعض التفاصيل أو المنصات. واعتماد الجيل الجديد على الميديا التقليدية بات أقل بدرجة يجب أن تثير مخاوف صناعها على قدرتهم على البقاء بحد ذاته.
ثلث سكان الكوكب أقل من 20 عامًا. أكثر من نصف العالم متصل الآن بالإنترنت. وعادات الجيل الجديد باتت تحرك بيزنس ملياري، مثل شراء فيسبوك لإنستجرام في 2012 أو محاولته الفاشلة لشراء سنابشات في العام التالي.
ووفقًا لمركز بيو للأبحاث، 95٪ من المراهقين الأمريكيين لديهم إمكانية الوصول إلى هاتف ذكي و45٪ متصلون بالإنترنت بشكل دائم تقريبًا.
في بريطانيا، دراية الشباب الأصغر سنًا بعلامة بي بي سي التجارية أقل كثيرًا مقارنةً بيوتيوب أو نتفليكس. ووفقًا لـ أوف كوم، الجهة المنظمة لوسائل الإعلام في البلاد، ستواجه بي بي سي تهديدًا لاستدامتها في المستقبل إذا لم تتمكن من جذب الشباب بشكل كاف.
ثلثا المراهقين الكوريين الجنوبيين يعتمدون على الإنترنت لاكتشاف ما يحدث في العالم، 97٪ منهم يعتمدون على بوابة ومحرك بحث “نافر”. وفي الهند، اهتمام الجيل الجديد بـ “تايمز أوف إنديا” مقارنة بالأكبر سنًا يصل إلى النصف؛ إذ يفضلون مقاطع الفيديو وأخبار بوليوود.
هنا يجب على السياسيين وصناع السياسات ومسؤولي الميديا التقليدية الانتباه إلى عادات الجيل الجديد في التعامل مع منتجاتهم؛ باعتبار أن مراهقي اليوم سيحددون مستقبل السياسة والاقتصاد في المستقبل القريب.
الاحتجاجات تشعل العالم فجأة.. هل من نظرية موحدة للتفسير؟ | س/ ج في دقائق
في حرائق الأمازون مثلًا، كان كل من يملك حساب إنستجرام في العالم يعرف بحلول أواخر أغسطس أن “غابة الامازون المطيرة – الرئة التي تنتج 20٪ من أكسجين كوكبنا – تشتعل”، كما كتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. في نفس اليوم نشرت ناشونال جيوغرافيك (126 مليون متابع) عن حرائق الأمازون، كما فعل ليوناردو دي كابريو (38 مليونًا) ومشاهير آخرون من ذوي المتابعات المليونية. بعد يومين، أشعلت ناسا (51 مليونًا) لهيب إنستجرام بصورة جديدة ملتقطة بالقمر الصناعي.
أخبار حرائق الأمازون تجاوزت محاولات الميديا التقليدية لتجاهلها – وفق اتهام الجيل الجديد – لكن الاهتمام فتح باب التربح من الكارثة؛ حسابات جمعت التبرعات، وأخرى وعدت بزرع شجرة مقابل كل “لايك”، ومعلومات مضللة فندتها الصحف التقليدية لاحقًا، وبينها تأكيد ماكرون أن الأمازون تنتج 20٪ من أكسجين العالم.
مع ذلك، يصر مستخدمو الجيل الجديد على أن أخبار حرائق الأمازون لم تنل حقها في تغطية الميديا التقليدية. ويرون أن مصدر التغطية الوحيد كان ما ينشره أقرانهم.
هذا يفتح الباب للحزبية والتضليل. منشورات حرائق الأمازون كانت مليئة بالأخطاء. مشاهير السوشال ميديا واليوتيوبرز الآخرون متهمون دائمًا بإبداء تعليقات ملتهبة أو تقديم أعمال بلا طعم. الميمات في كثير من الأحيان تحيل أفكارًا بلا أرضية إلى حقائق. يقول العديد من المراهقين إنهم يعرفون كل هذا، لكن التكرار الهائل يكفي لإقناع البعض. يصدق آخرون المعلومات فقط إذا كانت تأتي من حسابات تم التحقق منها. لكن كثيرين يثقون بها طالما أنها تأتي من أصدقائهم.
القلق أكبر للمجتمعات. اليوتيوبرز ومشاهير إنستجرام لا يلتزمون بقواعد الميديا التقليدية بخصوص مدونات السلوك، أو الموضوعية، أو المنفعة العامة، ما ينقل قوة المعلومات الهائلة تمامًا إلى من لا ترغب الحكومات والمؤسسات في امتلاكهم لها.
هل الأمازون تنتج ٢٠٪ من أكسجين الأرض أم صفرا ٪ | س/ج في دقائق
إحدى نتائج الاعتماد على الوسائط الجديدة أن الوسيط بات أكثر أهمية من مصدر الخبر. الولاء بات لواتساب أو إنستجرام وليس لعلامة بعينها من وسائل الميديا.
تقرير أوف كوم البريطانية وجد أن نمط الاستهلاك هذا يقلل اهتمام المستخدم بمعرفة مصدر الخبر. بعض الأشخاص من الجيل الجديد في بريطانيا ليس لديهم ارتباط وثيق بعلامة بي بي سي؛ باعتبارها “مجرد واحد من عديدين يقدمون الأخبار عبر الإنترنت”.
سامهيتا موخوبادهياي، مسؤولة Teen Vogue، تقول إن الجيل الجديد “معقد للغاية في كيفية التعامل مع الميديا”. ويضيف هوارد ميتمان، المدير التنفيذي لشركة Bleacher، إن شركته نجحت عبر منصات الجيل الجديد لأنها تجنبت ضخ نمط نجح في وسيط قديم إلى وسائط العصر الرقمي، لكن شركات أخرى انتقلت لتلك الوسائط كـ “من اشترى سيارة مكشوفة بلون سيئ، أو ارتدى ملابس رائعة لكنها لا تناسبه”.
الأخبار الآن لا تأتي فقط من الميديا التقليدية. حتى صناع “الميمز” أو اليوتيوبرز باتوا يتمتعون بنفوذ.
يفضل الجيل الجديد إقامة علاقة مع مصادرهم، ويبحثون عن “مستوى ذاتية يتيح لهم اليقين من أن مقدم المحتوى يحدثهم مباشرة”.
الجيل الجديد يفضل الحصول على أخباره من أقرانه، ولو عبروا عن رأيهم الشخصي وبمعلومات قد لا تكون دقيقة.
الانتخابات الأمريكية 2016 كانت نقطة فاصلة. عندما خضع فيسبوك لتدقيق شديد لدوره كمنصة لتوزيع الأخبار، انصرف عنه الجيل الجديد في الغرب، باعتباره “بات لكبار السن”. الأمر ينطبق على تويتر لأنه مليء بالصحفيين والسياسيين (ودونالد ترامب). حتى المواقع التي تركز على الشباب مثل BuzzFeed لم تعد مهمة بما يكفي.
يتخلى المراهقون عن المنافذ التي رحبوا بها منذ بضع سنوات فقط عندما يغزوها الكبار.
الاهتمام تحول إلى إنستجرام وواتساب ويوتيوب وسناب شات. تشير دراسة “بيو” إلى أن أكثر من 70٪ يستخدمون إنستجرام، بينما 85٪ يستخدمون موقع يوتيوب. لتضيف دراسة أخرى لـ “كومون سينس” أن 69٪ يشاهدون مقاطع فيديو لنحو سبع ساعات ونصف يوميًا، معظمها على يوتيوب.
هل يمكن بث مقطع مسجل على فيسبوك لايف.. كأنه يحدث على الهواء مباشرة؟| الحكاية في دقائق
كارثة حقيقية تضرب الإنترنت في جمعة فيسبوك السوداء.. أين الحل؟