تهدف الهيئة العامة للصناعات العسكرية بشكلٍ رئيسي إلى الوصول لنسبة توطين 50% من إنفاق السعودية على الصناعات الدفاعية بحلول 2030، شاملة المعدات والخدمات العسكرية، من خلال تطوير الصناعات والبحوث والتقنيات والكفاءات الوطنية، وتعزيز الصادرات عبر تخطيط طويل المدى للمشتريات العسكرية.
الهيئة العامة للصناعات العسكرية منحت الرخصة بالفعل لـ 38 شركة وطنية بحجم استثمارات 5.9 مليار ريال في هذا القطاع، مستهدفة تطوير وتوطين 21 تقنية عسكرية وأمنية تنطوي تحت 7 مجالات متخصصة.
الأثر الإيجابي لـ توطين الصناعات الدفاعية لا يقتصر على توفير جزء من الإنفاق العسكري فحسب، بل يتعدّاه إلى إيجاد أنشطة صناعية وخدمات مساندة كالمعدّات الصناعية والاتصالات وتقنية المعلومات مما يسهم في خلق فرص عمل نوعية في الاقتصاد الوطني.
بهذا الصدد، تستضيف الرياض معرض الدفاع العالمي خلال الفترة بين 6-9 يوليو 2022م، لعكس مكانة السعودية كإحدى دول العالم الأكثر تأثيرًا في قطاع الدفاع، وتوطيد علاقاتها مع شركائها الحاليين والمحتملين في القطاع من خلال فعاليات معرض الدفاع العالمي.
يقدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن السعودية أنفقت 12.51% من ناتجها المحلي الإجمالي في 2015، و12.61% في 2016، و11.30% في 2017. وهذا مستوى استثنائي لبلد لديه بعض الاحتياجات المحلية الملحة الأخرى، بالإضافة لوجود خطة تحول اقتصادي بحلول 2030.
في المقابل، يقدر المعهد أن روسيا تنفق الآن حوالي ٦١.٢ مليار دولار سنويًا، وأن السعودية تنفق ١.٢٥ مرة أكثر من روسيا بـ ٧٦.٧ مليار دولار. أما بالنسبة للمنفقين العسكريين البارزين الآخرين، فإن بريطانيا تنفق 50.7 مليار دولار، وفرنسا ترسل 48.6 مليار، وألمانيا 41.7 مليار دولار، وإيطاليا تنفق 22.9 مليار دولار، وكلها أقل بكثير من السعودية.
تعد السعودية من أكثر الدول إنفاقاً في المجال العسكري، فهي في المركز الثالث عالميًا، لكن أقل من (2%) من هذا الإنفاق ينتج محليًا.
منذ 2003، شهدت السعودية سلسلة من الهجمات مصدرها في الغالب عناصر تنظيم القاعدة، خصوصًا القاعدة في شبه الجزيرة العربية. السعودية طورت بشكل مطرد قواتها لمكافحة الإرهاب والأمن الداخلي، وطردت قيادة التنظيم خارج المملكة إلى اليمن. لكن تهديد التنظيمات مستمر، ومن المرجح أن يستمر بهجمات جديدة إلى أجل غير مسمى، بالنظر إلى الضغوط التي يفرضها التاريخ والتواصل الواسع للتنظيمات الإسلامية المتطرفة في المنطقة، بخلاف الهجمات المحتملة من التنظيمات عبر الحدود مع دول الجوار.
بصرف النظر عن التهديد الوارد من إيران واستغلالها الشيعة خارج المملكة، واجهت السعودية منذ فترة طويلة مشكلات في التعامل مع الأقلية الشيعية ارتباطًا بالتوترات الشيعية الأكثر خطورة في دول مجاورة أخرى، لا سيما البحرين والعراق واليمن.
نشأ التهديد في النزاعات الحدودية التي بدأت في 2009. وأصبح التهديد خطيرًا عندما أطاح الحوثيون بالحكومة اليمنية خارج العاصمة صنعاء، ثم إلى خارج البلاد في مارس 2015. تطور الصراع إلى حرب أهلية ضخمة دخلت طريقًا مسدودًا لعدة سنوات. ورغم تدخل التحالف لدعم الشرعية، كان لإيران تأثير متزايد على النزاع، وشحنت أنظمة الصواريخ البالستية إلى الحوثيين، الذين يستخدمونها لمهاجمة السعودية.
مدى اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي غير معروف. لكنها قريبة منها. طهران أعلنت امتلاكها أسلحة كيميائية لم تبلغ عنها كجزء من اتفاقية الأسلحة الكيميائية. بالمقابل، لا تملك السعودية مفاعلات نووية حتى الآن، ولا خيارات على المدى القريب لمطابقة التقدم التكنولوجي لإيران.
إيران تبني قوة كبيرة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والدرونز المقاتلة. حتى الآن، تفتقر جميع هذه الأنظمة تقريبًا إلى الدقة و/ أو الفتك لإحداث أضرار كبيرة لأهداف عسكرية وبنية تحتية كبرى، لكن إيران تسعى بنشاط إلى تطوير دقة صواريخها البالستية وقابليتها للفتك. احتمالية إضافة رؤوس نووية يعني أن طهران ستملك حينها أسلحة دمار شامل.
مدى التقدم الذي حققته إيران في تطوير صواريخ كروز وتصميم الدرونز وقابليتها للفتك أو تنفيذ ضربات دقيقة للغاية غير معلوم. لكن المعلومات المتاحة تشير إلى جهود تحديث متواصلة.
تملك إيران منظومات تسليح تهدد حركة الشحن والقوات البحرية في الخليج والمحيط الهندي، شاملة الصواريخ المضادة للسفن والسفن الموجهة آليا المحملة بمتفجرات وألغام ذكية وغواصات، ومجموعة متنوعة من الأنظمة الأخرى، وقوات قادرة على الانتشار السريع في جميع أنحاء الخليج والمضيق وخليج عمان والمحيط الهندي. ربما تسعى إيران كذلك إلى التمركز في اليمن ومنطقة البحر الأحمر.
يشمل نفوذ إيران المتزايد العلاقات مع حزب الله في لبنان، والتنظيمات الفلسطينية في غزة، نظام الأسد في سوريا، ومجموعة واسعة من التنظيمات السياسية والميليشيات في العراق، وبعض أمراء الحرب في أفغانستان، والعناصر المتطرفة في البحرين، وعناصر أخرى معادية للسعودية قد تستخدمها إيران ضدها.
بحسب تقارير التنمية العربية منذ 2002 ، تواجه معظم دول الشرق الأوسط تحديات تتعلق بالديمغرافيا والتنمية الاقتصادية والحوكمة والمياه والبيئة وغيرها وتحديات أخرى. وبصرف النظر عن إسرائيل، لم تتقدم أي دولة في المنطقة نحو تنمية اقتصادية متوازنة.
موقع السعودية باعتبارها الحارس الأمين على الأماكن الإسلامية المقدسة يفرض عليها التعامل مع ألوان مختلفة من التحديات الإقليمية المتوسعة منذ انتفاضات 2011 وما بعدها، من انتشار داعش والقاعدة، إلى الإخوان، إلى التوتر السني الشيعي.
الغزو الأمريكي والطريقة التي أدار بها العراق ملف اجتثاث البعث أنتجت 15 سنة من عدم الاستقرار، والحرب الأهلية، واجتياح داعش. لم تتدخل السعودية مطلقًا في محاولة لكسب نفوذ في العراق الجديد، والنتيجة دولة غير مستقرة وربما منقسمة على حدودها الشمالية. تواجه المملكة أيضًا دولة معادية محتملة في العراق، حيث قد يمنح نفوذ إيران على الشيعة والمليشيات الشيعية طهران تأثيرًا مهيمنًا في العراق.
يبدو أن تفكك خلافة داعش من غير المرجح أن ينهي التهديد المتطرف في المنطقة. النتيجة المحتملة للوضع الحالي ستشهد سيطرة نظام الأسد على سوريا إلى حد كبير اعتمادًا على إيران وروسيا وحزب الله، جنبًا إلى جنب مع جيب كردي محتمل في الشرق. السعودية سيتعين عليها التواصل سياسيا مع التداعيات المعقدة للحركات الكردية في سوريا والعراق وتركيا.
لبنان غير مستقر يعني سيطرة أكبر لحزب الله المعادي للسعودية وامتداد أوسع النفوذ الإيراني.
ربما يمكن للمملكة أن تتجاهل فشل عملية السلام العربية الإسرائيلية في الوقت الحاضر، لكنها لا تزال شبحًا يمكن أن يؤدي إلى أزمة سياسية كبيرة أو شكل من أشكال الصراع قد يؤثر على علاقة أمريكا بالمنطقة، بل واستقرار عملية نقل السلاح، ويشكل تحديًا للدول الناطقة بالعربية في المنطقة.
بعض الحلفاء التقليديين باتوا أكثر انشغالًا بتحدياتهم الداخلية.بذلت السعودية جهودًا بناءة لتطوير تحالفات إقليمية ذات مغزى، بما في ذلك عدد من الجهود الجديدة في 2017، لكنها لا تزال في مرحلة التشكل.
ترى السعودية بشكل متزايد أن تركيا شديدة الانحياز لمختلف الأطراف التي تعتبرها المملكة معاديًا، وأنها باتت أكثر توافقًا مع التهديد الواسع الذي تشكله إيران، لتنضم إلى مثلث الشر الذي يضم معهما الجماعات الإسلامية المتطرفة.
تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل فعال على الولايات المتحدة والقيادة المركزية كشريك أمني رئيسي في التعامل مع إيران، وتستفيد من إمكانات القوة المتبقية للقوى الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا. مع ذلك، مستوى التزام الولايات المتحدة بأمن الخليج أصبح غير مؤكد، ويثير ارتفاع الإنتاج المحلي للنفط الأمريكي تساؤلات حول المستقبل، خصوصًا بعد الغموض الذي شاب تعامل واشنطن مع الأوضاع الأمنية في سوريا والعراق، وتقييمها لمدى نجاح الجهود المبذولة لاحتواء إيران. ما يعني أن على السعودية السعي نحو الاعتماد على نفسها في ضمان أمنها
الإنفاق العسكري: الجانب الآخر من الأمن السعودي (مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية)
الهيئة العامة للصناعات العسكرية بالسعودية تعلن عن عرض دفاعي متكامل في 2022 (بيزنس واير)