كم تخسر السعودية من تقييد الحج 2020؟ وكيف تعوض الخسائر؟| س/ج في دقائق

كم تخسر السعودية من تقييد الحج 2020؟ وكيف تعوض الخسائر؟| س/ج في دقائق

23 Jun 2020
السعودية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

* السياحة الدينية (الحج – العمرة) تمثل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي غير النفطي في 2019 بـ 12 مليار دولار.. نصيب الحج وحده يلامس 8 مليارات.. خسارة هذه الموارد تضع مزيدا من العراقيل أمام تنفيذ رؤية السعودية 2030، خصوصًا مع ضربة الوباء وأسعار النفط المزدوجة.

* ألغيت مناسك الحج ما يقرب من 40 مرة في الماضي بسبب الأمراض أو الاضطرابات.. لكنه لم يلغ مطلقًا في عهد الدولة السعودية الحديثة.

* الباحثة كريستين سميث ديوان تعتبر أن قرار السعودية يعني أنها تزن ثقة مسلمي العالم في مكانتها كراع لأحد أركان دينهم بعناية شديدة.

* السعودية بحاجة لخطة سباعية لتخفيف الأضرار على قطاع السياحة.. لكن أثارها الجانبية قد تكون ثقيلة.. والأمل يتمثل في ظهور اللقاح قريبًا.

س/ج في دقائق


لماذا  قررت السعودية تقييد الحج هذا العام؟

وزارة الحج السعودية قررت قصر أداء مناسك الحج هذا العام على أعداد محدودة من المقيمين داخلها من مختلف الجنسيات دون السماح بدخول الوافدين من دول أخرى إثر تفشي كورونا..

ألغيت مناسك الحج ما يقرب من 40 مرة في الماضي بسبب الأمراض أو الاضطرابات. وآخرها في 1831 بسبب وباء. لكنه لم يتعطل مطلقًا عهد الدولة السعودية الحديثة منذ 1932.

السعودية كانت قد عطلت العمرة في وقت سابق ضمن تدابير منع انتشار الفيروس، فيما اعتبرته كريستيان أولريشسن، زميلة معهد جايمس آي. بيكر الثالث للسياسة العامة، حينها “خطوة غير مسبوقة لكنها منطقية من وجهة نظر الصحة والسلامة العامة”.

تحليل ستراتفور حينها حذر من تضاعف خطر كورونا عندما يلتقي الحجاج المسلمين الشيعة والسنة في الحج الأكبر في مكة. ويمثل الحج شعيرة رئيسية للمسلمين وتحديًا لوجستيًا هائلًا للسلطات السعودية مع تجمع حشود هائلة في الأماكن المقدسة محدودة المساحة نسبيًا.

ووصل عدد الوافدين إلى السعودية لأداء شعائر الحج حوالي 2.5 مليون شخص من جميع أنحاء العالم في 2019.

تفشي الأمراض كان دائمًا مصدر قلق حول الحج. أول تفشٍ مسجل في موسم الحج يعود للملاريا في عام 632، (وهو عام حجة الوداع على الأرجح).

تسبب تفشي وباء الكوليرا في 1821 على سبيل المثال في مقتل ما يقرب من 20,000 حاج، ثم 15,000 حاج في 1865، ومنها انتشر في جميع أنحاء العالم.

وتشعر المملكة العربية السعودية بالقلق إزاء آثار كورونا الصحية واحتمالات تناقل الفيروس بين الحجاج الوافدين بالنظر إلى أن العديد من مواطنيها يعانون من أمراض مزمنة: 40% من السمنة المفرطة، و17.9% من السكري، و15% من ارتفاع ضغط الدم.

وقالت وزارة الحج والعمرة إن القرار نابع من أولوية قصوى في الحفاظ على سلامة الحجاج على أراضيها حتى مغادرتهم إلى بلادهم”. وتعتبر وول ستريت جورنال أن وصول ملايين الحجاج من جميع أنحاء العالم كان محفوفًا بالمخاطر”.

كريستين سميث ديوان، الباحثة المقيمة في معهد الخليج العربي في واشنطن تقول إنها مسؤولية عميقة أن يعهد إلى السعودية برعاية الحجاج في رحلة ذات مغزى عميق سواء على المستويين الشخصي والمجتمعي”، معتبرة أن القرار يظهر أن “السعودية تزن هذه الثقة بعناية”.


ماذا تخسر السعودية من تقييد الحج؟

اقتصاديًا، يحمل قرار تقييد مناسك الحج بالشكل الذي أعلنت عنه السعودية أضرارا مادية ستؤثر على بند تعزيز إيرادات السياحة الذي يلعب دورًا محوريًا في رؤية السعودية 2030 التي يتبناها ولي العهد محمد بن سلمان.

الخطة ترمي إلى تقليص اعتماد المملكة على النفط. الخسائر ستزيد الضغط على اقتصاد  السعودية الذي تضرر بالفعل من الصدمات المزدوجة لانهيار أسعار النفط والوباء.

تقييد الحج سيترك آثارًا أضخم على الاقتصادات المحلية في مكة والمدينة تحديدًا، والتي تتضاعف غالبًا مع تدفق الحجاج خلال موسم الحج. وفقاً لغرفة التجارة المحلية، حوالي 25- 30% من اقتصاد القطاع الخاص في مكة يتمحور حول الحج.

وتقدر وول ستريت جورنال إيرادات الحج السنوية في السعودية بنحو ثمانية مليارات دولار. بينما تقول ستراتفور إن السياحة الدينية (الحج – العمرة) شكلت ما يقرب من 20% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي غير النفطي في 2019، بما وصل إلى 12 مليار دولار.

وبموجب رؤية 2030 تستهدف السعودية زيادة هذه الإيرادات عبر استقبال 15 مليون حاج ومعتمر سنويًا بحلول 2022 و30 مليونًا بحلول 2030.

وقالت الحكومة السعودية في مارس إنها ستخفض أكثر من 13 مليار دولار من الإنفاق في مجالات مثل السياحة والترفيه. وفي مايو ، ضاعفت ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات إلى 15٪ وخفضت المخصصات لموظفي الدولة.

القرار بالسماح لبعض الحجاج المقيمين في الداخل لن يقلل حجم الأثر الاقتصادي مهما بلغ عددهم. علي التواتي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة يقول إن الحج كمورد اقتصادي ضخم مرتبط بكون معظم الحجاج يأتون من الخارج، وما ينفقونه من أموال في المملكة.


كيف ستحاول السعودية تدارك الخسائر؟

 للاستفادة من الطفرة السياحية المتوقعة بعد انحسار وباء كورونا، ستواصل السعودية استخدام صندوق الاستثمارات العامة لتمويل مشروعات البنية التحتية السياحية التي من المقرر إطلاقها خلال العامين المقبلين

فور انتهاء وباء كورونا الجديد، تقول ستراتفور إن السعودية ستعمل على إعادة تنشيط السياحة عبر تمويل صندوق الاستثمارات العامة لمشروعات البنية التحتية السياحية التي من المقرر إطلاقها خلال العامين المقبلين. لكن سيتعين على السعودية القيام بعدة مساعٍ محددة لتخفيف آثار الخسارة نتيجة تقلص الحج. اطلع على الإجراءات بالتفصيل بالضغط على الفولدر

1- ضخ تمويل مستمر في مشروع البحر الأحمر، الذي يتضمن سلسلة من مناطق الجذب السياحي على طول الساحل السعودي، والذي يفترض أن كورونا سيؤخر افتتاحه حتى 2022.

2- نيوم – المشروع الضخم الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار على الحدود السعودية الشمالية الغربية بالقرب من الأردن وإسرائيل ومصر – من المقرر أن يفتح أبوابه بعد الوباء. سيستمر ضخم استثمارات الصندوق فيه.

3- من المحتمل أن يؤخر الصندوق الاستثمارات في المشروعات الأحدث المصممة لبناء القطاع السياحي؛ للحفاظ على رأس المال حتى يبدأ الوضع الاقتصادي العالمي في التحسن. سيؤدي هذا التخفيض إلى تأجيل الاستراتيجية العامة لتوسيع برنامج رحلة الحج وصناعة السياحة غير الدينية ضمن رؤية السعودية 2030.

4- تقديم قروض أو حزم إنقاذ للصناعات والشركات ذات الصلة بالسياحة التي تأثرت بشكل مباشر بأزمة كورونا وتقييد الحج.

5 ستدعم الدولة شركة الطيران السعودية لمساعدتها في التعافي بعد الوباء. المساعدات الحكومية لن تكون كافية لتعويض الخسائر بالكامل، ما يعني أن تسريح العمال وتخفيضات الميزانية لا تزال محتملة.

6- مساعدة الفنادق والمطاعم والشركات المحلية، خاصة في مكة والمدينة، عبر الإعفاء من الرسوم ومتطلبات الترخيص، والقروض المدعومة، وحزم التحفيز المباشرة. لكن ستراتفور تقول إنها قد لا تكون كافية لضمان استمرار جميع الشركات والوظائف، ما يعني انكماش نسبة قطاع السياحة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

7- تعزيز دعم ميزانيات البلديات في المناطق التي تعتمد على إيرادات الحج من الخزانة الوطنية للمساعدة في استيعاب موجات جديدة محتملة من البطالة ودعم الأعمال التجارية المحلية. يمكن استخدام مجموعة متنوعة من الحوافز المحلية، بما في ذلك القروض، وتوظيف عمال جدد في كشوف المرتبات في المدينة والمحافظة، والمدفوعات المباشرة للمواطنين.


هل هذه المحاور السبعة كافية لتعويض الخسارة؟

تحذر ستراتفور من أن جهود التحفيز المتوقعة قد تعرقل استراتيجيات الدولة المصممة لإصلاح نظام الرفاهية العامة الحالي، عبر تغيير توقعات السعوديين إزاء استمرار الدعم الحكومي، بخلاف محاولة بعض المقيمين الاستمرار في جني هذه الفوائد لأطول فترة ممكنة، وبالتالي تراجع جهود سعودة بعض قطاعات الأعمال.

يقول الموقع كذلك إن كل هذه الجهود ستعالج فقط جانب العرض في سياحة الحج والعمرة، لكنها لن تعالج أزمة الطلب؛ باعتبار أن قيود السفر حول العالم ستبقي المسلمين في أوطانهم. حتى إذا تراجع وباء كورونا في الجزء الأخير من 2020 وسمحت السعودية باستئناف العمرة مجددًا، فقد تجد صعوبة في إقناع الدول الإسلامية بإيفاد مواطنيها حتى ظهور لقاح على نطاق واسع.

وحظرت بعض الدول مثل إندونيسيا وماليزيا السفر إلى السعودية لأداء الحج حتى قبل أن تحدد السعودية موقفها، وقد تقرر دول أخرى ذات أعداد كبيرة من المسلمين تقييد أو تعليق السفر الديني إلى المملكة هذا العام بأكمله، وربما لفترة أطول.

بالإضافة إلى ذلك، سيضيف الركود العالمي صعوبات على الحجاج في توفير أموال للحج أو العمرة. ما يعني أن التعافي المستدام غير مرجح بدون لقاح ، وهو ما سيحد من الإيرادات السعودية من السياحة حتى 2021.

على الجانب الآخر، السعودية في وضع نسبي أفضل من غيرها من الدول. حيث يستغني كثيرون عن السياحة العادية حتى يزول القلق تماما، بينما تتمتع السياحة الدينية بميزة وجود الدافع وبالتالي التعافي السريع حال تراجع المخاوف.


هل من مصادر أخرى لمزيد من المعرفة؟

السعودية تكافح لعلاج مشكلات كورونا السياحية (ستراتفور)

السعودية تقلص الحج بسبب جائحة كورونا (وول ستريت جورنال)

السعودية تقصر الحج على المقيمين (تواريخ بسنوات التفشي السابقة)  (الأسوشيتد برس)


 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك