عالم المناعة الإيطالي فرانشيسكو لو فوكي قال لـ “كوريري ديللو سبورت” إن المباراة كانت أحد المحفزات الرئيسية لانتشار فيروس كورونا. يضيف أن لعبها بحضور هذا العدد من الجماهير كان “جنونًا”، لكن الأمور لم تكن حينها واضحة بما فيه الكفاية، ولم تتضح إلا بعد فوات الأوان.

حينها لم تكن إيطاليا تدرك أن فيروس كورونا قد وصلها، بالتالي لم تتخذ أي إجراءات وقائية. بعد المباراة بيومين، شخص الأطباء الحالة رقم 1 في الإقليم، لكن 20 متخصصًا إيطاليًا أكدوا أن كورونا كان ينتشر قبلها بفترة طويلة، ثم بدأت زيادة سريعة جدًا في عدد المصابين بفيروس كورونا في الأسبوع التالي.

ومع عودة جمهور فالنسيا إلى إسبانيا وتوارد الأخبار عن انفجار حالات كورونا في لومبارديا، بدأت الفحوصات، ليؤكد متحدث باسم وزارة الصحة في فالنسيا ظهور 6 حالات في المدينة، أحدهم صحفي نقل العدوى إلى أربعة من زملائه. قبل أن يعلن نادي فالنسيا إصابة أكثر من ثلث لاعبيه وأعضاء البعثة التي زارت إيطاليا.

لماذا إيطاليا؟ | الصراع السياسي زاد ورطة كورونا.. وتوم هانكس أوجز الأسباب التاريخية | س/ج في دقائق

بعد انتشار الوباء، بدت استجابة إسبانيا مفككة ومعقدة؛ بسبب التحالف الحكومي الهش، والتنافسات المألوفة بين الحكومة المركزية والمناطق – وخاصة كاتالونيا.

السلطات المحلية في عدة أقاليم بدأت إغلاق الشواطئ ومطالبة سكان العاصمة بتجنب زيارة منازلهم على الشواطئ أو في الجبال. لكن استجابة الحكومة المركزية في مدريد كانت ضعيفة.

فرضت الحكومة حالة الطوارئ، لكنها رفضت الاستجابة لطلبات حكومات الأقاليم بتشديد الحظر.

رئيس الوزراء بيدرو سانشيز قال في جلسة للبرلمان: “تقييد الحريات أمر لا يمكن للحكومات الديمقراطية أن تفعله إلا عندما تكون مضطرة للغاية. لا تزال حقبة فرانكو وحكمه الحديدي تطارد إسبانيا”.

لاحقًا، في 15 مارس، ستعلن الحكومة إصابة زوجة سانشيز بفيروس كورونا. ليعترف رئيس الحكومة بضعف استجابة حكومته، مبررًا بأن “كل إجراء يبدو في الوقت الحالي غير كافٍ ربما بدا مبالغًا فيه قبل أسبوع فقط”.

سيناريوهات كورونا | 77 ألفًا أم 8 ملايين.. كم يقتل كوفيد-19؟ | س/ج في دقائق

تضيف أن الإسبان شعب ودود للغاية، وهي نقطة سلبية في حالة كورونا. هم أكثر إقبالًا على تبادل التحية باللمس أكثر من الأوروبيين الشماليين، وأحرص على التفاعل مع الأقارب الأكبر سنًا والأكثر عرضة للخطر حال الإصابة بفيروس كورونا.

هذا يعود أيضًا إلى أن الحكومة والخدمات الصحية اللامركزية للإدارات الإقليمية كانت بطيئة في الاستجابة، مع عدم وجود أي اختبار تقريبًا حتى بعد فترة طويلة من انتشار فيروس كوورنا.

وحين بدأت الإجراءات الأكثر حسمًا، كان النظام الصحي في مدريد على مقربة من نقطة الانهيار. تفاقمت الإزمة بإصابة العديد من العاملين بقطاع الصحة بفيروس كورونا (14٪ من إجمالي الحالات)  بسبب افتقارهم لمعدات الحماية.

ولتحل الحكومة الأزمة، تحاول توظيف حوالي 50.000 من طلاب كليات الطب أو الأطباء المتقاعدين. (ملاحظة المحرر: أقل سن للحصول على معاش التقاعد في إسبانيا هو 65 عامًا؛ أي بين الفئات الأكثر عرضة للخطر).

أخيرًا ، ينتشر الفيروس الآن بسرعة في جميع إسبانيا أسرع منه في إيطاليا.

5 فئات أكثر عرضة للخطر عند الإصابة بكورونا .. فئة منهم على الأقل في محيطك | قوائم في دقائق

يتوقع الاقتصاديون أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 15٪، اعتمادًا على المدة التي تستغرقها حالة الطوارئ. هذه الأرقام لن يمكن تعويضها مطلقًا. توني رولدان من مركز السياسة الاقتصادية والاقتصاد السياسي (EsadeEcPol) يقول: السياح الذين يأتون لاحقًا لن يأكلوا عشاءين في الليلة”.

الحكومة كشفت عن حزمة مساعدات تصل قيمتها إلى 200 مليار يورو (حوالي 16.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، نصفها في ضمانات الائتمان، و17 مليار يورو على الإنفاق الإضافي على الخدمات الصحية ودعم الدخل. الأرقام كفلت حصول العمال المسرحين مؤقتًا (حوالي 1.5 مليون حتى الآن) على إعانة البطالة. لكنها لم تساعد 2.5 مليون عامل بعقود قصيرة الأجل أو 3.7 مليون من العاملين لحسابهم الخاص. ويقول المسؤولون إنهم يعملون على اتخاذ إجراءات لهذه الجماعات.

لك من أين تأتي الحكومة بكل هذا؟ يمكن أن يتضخم العجز المالي إلى 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. ومع ارتفاع تكاليف الفائدة بما يدفع الدين العام إلى 120٪، يضغط سانشيز بقوة طلبًا للمساعدة من الاتحاد الأوروبي.

كورونا | الاقتصاد حياة الناس| خالد البري

تضيف أن معارضى سانشيز  يواجهون صعوباتهم الخاصة، لا سيما حزب الشعب المحافظ المتذبذب والذي يدير حكومة مدريد الإقليمية، التي يرى منتقدوها أنها كانت أكثر عدوانية من غيرها في خفض الإنفاق الصحي وخصخصة بعض المخصصات.

حتى في إقليم كتالونيا الانفصالي، دعا رئيس حكومة الإقليم كيم تورا إلى “إغلاق منطقته تمامًا، لكنه فشل في التعامل مع أزمة كورونا بشكل جيد، لتصبح كتالونيا الإقليم الوحيد الذي أعطى الحكومة المركزية درجات أعلى من حكومته المحلية في استطلاع رأي أجري هذا الشهر.

وبحسب تشارلز باول من معهد إلكانو الملكي، كانت خطابات بيدرو سانشيز المتلفزة المتكررة التي أثارت سخرية خصومه هي نفسها نقطة قوته شعبيًا؛ إذ أحب كثير من الإسبان تواصله الدائم معهم خلال حل أزمة كورونا. متوقعًا أن يخرج من الأزمة أقوى.

نصعد مع الرأسمالية “ونحن قلقون”. نغرق مع الاشتراكية “ونحن مطمئنون” | س/ج في دقائق