لبنان: بثرة على بشرة .. بين نصر الله وعون والحريري .. هل يريد الشعب إحياء النظام | خالد البري

لبنان: بثرة على بشرة .. بين نصر الله وعون والحريري .. هل يريد الشعب إحياء النظام | خالد البري

19 Oct 2019
خالد البري رئيس تحرير دقائق نت
الشرق الأوسط
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

كل مشكلة في لبنان عصية على الحل. لأنها مجرد بثرة على الجلد. أما المرض فكامن، آمن، يحيط نفسه بقوة أكبر من جيش لبنان نفسه، ومصالح انتهازية تحميه من المضاد الحيوي، والحقنة، والمشرط.

كان لدى لبنان فرصة كبيرة بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب لكي يلتفت المجتمع إلى نفسه، ويركز على مسار التنمية الذي بدأه رئيس الوزراء المغدور رفيق الحريري بعد الحرب الأهلية. كان لدى لبنان فرصة، لكنه لم يقتنصها.

ما لم تنجح فيه الحرب الأهلية.. أزمة الدولار تضرب لبنان والأسوأ لم يأت بعد | س/ج في دقائق

أضعف “رئيس قوي” في لبنان

الأغرب في ذلك أن بعض الوجوه التي قدمت نفسها سابقًا كعرابة لهذا التوجه، وأخص الرئيس الحالي ميشيل عون، انقلب عليه حين لاحت له مظنة مصلحة لدائرته، بالاستقواء بميليشيات حزب الله والحلف الإيراني. صحيح أنه حقق حلمه وصار رئيسًا للجمهورية. وصحيح أن تحالفه مع الشيعة قوى “النفوذ العوني” على الفرقاء حتى المسيحيين منهم. لكن صحيح أيضًا أن النفوذ زاد في نطاق خرب، فسخر لصالح مزيد من الضعف العام للدولة اللبنانية. صار “الرئيس القوي” أقوى مِن عصى، قويا بإضعاف من حوله، قويا بمعيار يجعله أضعف رئيس منذ الحرب الأهلية، لقد ائتمر سابقون له بأوامر النظام السوري، في توازن قوى لم يكن يسمح لهم بكثير من المناورة، واعترض بعضهم على إجراء هنا وهناك، فمنهم من اغتيل ومنهم من تلقى تهديدًا. أما هو فيأتمر بأمر زعيم ميليشيا.. وأضاع على لبنان فرصة استقلال كبرى.

“إضعاف من حوله” عبارة مفتاحية في السياسة اللبنانية. تحور الشعور الطائفي لـ “الشعوب اللبنانية” إلى مظاهر سياسية ضارة، تشبه أمراض التآكل الذاتي، حيث ينقلب الجسم على نفسه، وينتج ذاتيًا ما يهاجم به ذاته. كل طائفة في لبنان منذ نشأته عمدت إلى إضعاف من يَقوى من الطوائف الأخرى، أو إلى فرض رؤيتها على الآخرين.

وبما أن الطائفة المارونية كانت الأسبق بعد قيام لبنان في التقدم وجودة الحياة والتعليم، بالإضافة إلى السلطة المعنوية الناشئة عن تركيبة لبنان ليكون بلدًا تتمتع فيه تلك الطائفة بالصوت الأعلى، ممثلًا في رئاسة الجمهورية، فقد نالت النصيب الأول من ائتلاف الآخرين عليها. وعبثًا حاولت الدفاع عن استقلال لبنان أيام الاستقطاب السياسي العربي بين الرجعية والتقدمية، والانعزالية والقومية، وواجهت اتهامها بالانعزال والرجعية والاستئثار بالسلطة، كما واجهت اتهامها بـ “خيانة القضية”.

لبنان.. صقلية الجديدة

نجاحات صفرية

الأمور تحركت بعد التسعينيات، وانتقل قطاع آخر من الشعب اللبناني، من مختلف الطوائف، وإن كان الأبرز القطاع الحريري من الطائفة السنية ، إلى الاعتقاد بوجوب استقلال القرار اللبناني عن المحيط المشتعل، ولا سيما ما يتعلق بقرارات الحرب والسلم، والانشغال بالتنمية.

هذا التغير الكبير، الضخم، كان الفرصة التي وجب على الساسة المسيحيين انتهازها. لكن ميشيل عون، ٨٤ سنة، لم يعد يرى أبعد من قدميه، وظن أن الرئاسة – في حد ذاتها – هي الفرصة، وليس ما يمكن لهذه الرئاسة أن تنجزه.

عراب الاستقلال سابقًا، المتهم – سابقًا أيضًا – بالخيانة من قبل حزب الله بسبب دوره في القرار ١٥٥٩، أظهر قدرًا من الرضوخ لرغبات إيران السياسية لم نشهده من رئيس سبقه بعد تحرير الجنوب. حتى إيميل لحود كان مرتهنًا لتوافق قوى إقليمية وليس الجمهورية الإسلامية وحدها. ناهيك عن أن لحود حكم لبنان وجنوبه محتل، على عكس عون الذي حكمه وقد اختفى عذر الاحتلال.

في لبنان لا محصلة لنجاحات الأطراف المختلفة؛ لأن الأفعال متعارضة، يلغي بعضها بعضا حسابيًا. والاتجاهات متقابلة، محصلة قواها الميكانيكية صفر أو أقل. “الشعوب اللبنانية” تجمعت على قطعة واحدة من الأرض تحمل اسمًا واحدًا، ومشاعر متناقضة.

لبنان.. تحديات وفرص اقتصادية

الدولة الوطنية أم دولة حزب الله؟

لقد جربت منطقة الشرق الأوسط منذ وقت الاستقلال الأفكار الوحدوية جميعًا، وفشلت جميعًا. جربت القومية العروبية وفشلت، جربت القومية الاشتراكية وفشلت، جربت الأسلمية السياسية وفشلت (فضلًا عن أنه النظام القديم الذي حكمها طوال قرون). الآن، وحسب مقتضيات الزمن الذي نعيش فيه، لا أفق ولا أمل إلا بالشعور الوطني، بالاستقلال، بإدراك أن الترتيب الحالي لاجتماع البشر هو الدولة الوطنية التي ترعى مصالح مواطنيها على اختلاف ميولهم الدينية والمذهبية.

كل حل في لبنان لا يتوجه إلى ترتيب الوضع السياسي وإنهاء سيطرة حزب الله على البلد وقراراته لن يكون أكثر من مسكن وقتي. يرحل المشكلة إلى يوم آخر يقترب مرة بعد مرة. ويتفاقم مرة بعد مرة.


س/ج في دقائق: تقنين الحشيش في لبنان. اقتصاد أم سياسة؟

إجراءات ترامب الاقتصادية ضد إيران تضرب حزب الله؟ | س/ج في دقائق


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك