Anti-vaxxers | جماعات مناهضة التطعيم.. ماذا يعلمنا التاريخ قبل لقاح كوفيد-19 ؟| فادي داوود

Anti-vaxxers | جماعات مناهضة التطعيم.. ماذا يعلمنا التاريخ قبل لقاح كوفيد-19 ؟| فادي داوود

10 Nov 2020
فادي داوود دقائق.نت
كورونا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

بحث استقصائي أجراه مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH) كشف أن 16.6% من البريطانيين لن يقبلوا التطعيم بلقاح كوفيد-19. الوضع كان أسوأ في الولايات المتحدة، 33.3% لديهم تخوفات من تلقي اللقاح.

خبراء الصحة العامة متخوفون من أن تلك النسب ربما تمنعنا من الوصول لمناعة القطيع.
نفس الدراسة التى شملت 1,663 شخصًا أظهرت أن الأشخاص الذين اعتمدوا على السوشال ميديا للحصول على معلومات عن الوباء كانوا أكثر ترددًا بشأن لقاح كوفيد-19 المحتمل. وهو ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية مرارًا فيما سمته بالوباء المعلوماتي “Infodemic”.

معهد رويترز للصحافة الاستقصائية أجرى استطلاعًا في ست دول، كشف أن حوالي ثلث المشاركين تعرضوا لمعلومات خاطئة ومضللة حول كوفيد-19 عبر السوشال ميديا خلال الأسبوع السابق للدراسة.

جماعات مناهضة التطعيم

ربما سمعت تلك الجملة من قبل، ومتوقع أن تتكرر الفترة المقبلة تحذيرات من أن لقاح كوفيد-19 خطر وغير آمن، على الرغم أن اللقاحات تنقذ سنوًيا ملايين البشر، وربما أنقذتك أنت بشكل شخصي.

هناك 16 لقاحًا يتلقاها الأطفال، منهم 11 لقاحًا تحت سن عامين لتدريب مناعتهم على الوقاية من فيروسات خطيرة مثل (شلل الأطفال – الحصبة – فيروس A,B – فيروس الروتا وغيرها).

لكن جماعات مناهضة التطعيم anti-vaxxers تنشط الآن للترويج لنظرياتها حول خطورة اللقاح، وأن هناك خطة خفية للسيطرة على البشر عبر لقاح كوفيد-19. وبعضهم ذهب بعيدًا للحديث عن “خطة بيل جيتس السرية لزرع رقاقات داخل البشر”.

ستختلف النظريات، لكن الهدف واحد.. جماعات مناهضة التطعيم. 

حسب تقرير مركز مكافحة الكراهية الرقمية، انتشرت جماعات مناهضة التطعيم عبر السوشال ميديا،  وزاد متابعيها حوالى 8 ملايين شخص منذ 2019، بخلاف 31 مليونًا يتابعون مجموعات تديرها جماعات مناهضة التطعيم عبر فيسبوك.

يرى المركز أن تلك المجموعات تكرر نشر معلومات مضللة باستمرار حول اللقاحات وخطورتها، وأن تعريض المتلقين لنفس المحتوى بشكل مستمر قادر على إقناعهم بتلك النظريات الخاطئة.

ومع اقتراب إعلان لقاح كوفيد-19 أعتقد أن نظريات المؤامرة ستخرج للعلن مجددًا، سواء القديمة منها أو بنظريات جديدة. وللعلم لا يختص الشرق الأوسط وحده بتلك الظاهرة، لكل شعب نظريات مؤامرة خاصة به.

لن نفند مزاعم هؤلاء، لكننا سنسترجع التاريخ لمواقف مشابهة لإسقاطها على الشائعات المنتشرة الحالية. ولنر كيف يعيد التاريخ نفسه.

لقاح الحصبة الألماني يسبب التوحد

في 1997، نشر الطبيب البريطاني أندرو ويكفيلد دراسة في دورية The Lancet العريقة تربط التطعيم الثلاثي MMR ضد الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف مباشرة بزيادة حالات الإصابة بالتوحد بين الأطفال البريطانيين.

البحث أحدث ضجة كبيرة، رغم أنه شمل 12 طفلًا فقط. لكن بعد 14 عامًا، سحبت دورية ذا لانسيت الورقة البحثية باعتبارها “تعرضت للخداع بورقة كاذبة تمامًا”.

حدث ذلك بعدما أثبت محكمة قانونية مكونة من خمسة أعضاء تابعة للجنة الرصد والتحقق الجنائي البريطاني 13 تهمة ضد أندرو ويكفيلد، منها أربع تهم تتعلق بخيانة الأمانة؛ لأن بحث أندرو كان ممولًا من محامي تعويضات بريطاني رفع قضايا ضد شركات مطورة للقاحات لتغريمها، بخلاف 12 تهمة تنطوي على إساءة معاملة الأطفال المعاقين من الناحية الإنمائية.

وخلصت اللجنة إلى أن ويكفيلد تعمد نشر بحث مضلل لمصالح شخصية، وتصرف ضد مصالح مرضاه على حد سواء، وكان “غير مسؤول” في أبحاثه المنشورة. فسحبت الرخصة الطبية، ومنعته من ممارسة مهنة الطب تماما.

سُحبت الدراسة بالفعل، وظهرت مئات الدراسات التى تنفى نتائجها، لكن نتيجة تلك الدراسة تلاحقنا حتى الآن، وتسبب في مئات الآلاف من الوفيات التي كان من الممكن إنقاذها.

بسبب مزاعم ويكفيلد تراجعت نسبة تطعيم الحصبة في بريطانيا من 92% عام 1996، إلى 84% عام 2002. النسبة عاودت الارتفاع إلى 91% عام 2010، لكنها لا تزال تحت الـ 95% الموصى بها من منظمة الصحة العالمي. حوالى 150 ألف طفل لم يحصلوا على لقاح الحصبة في بريطانيا في التسعينيات بسبب مزاعم ويكفيلد.

قصة غش أندرو ويكفيلد – التي وثقها “كتاب الطبيب الذي خدع العالم – The Doctor Who Fooled the World” – لم تنته بحكم المحكمة وإجماع المجتمع العلمي. لا يزال يمارس هوايته المفضلة، وهو الآن من أكبر وجوه جماعات مناهضة التطعيم.

لقاح الجدري.. والتاريخ الذي يعيد نفسه 

في 1796، أعلن إيداور جينز الملقب بـ “أبو علم المناعة” عن لقاح ناجح وفعال للجدري الذى حصد ملايين الأرواح.

“يقدر ضحايا الجدرى من 300 لـ 500 مليون شخص” غير الملايين التى عاشت بتشوهات من المرض.

 كان من الفترض أن يستقبله الجميع بفرح لأنه يغلق فصل مؤلم من التاريخ استمر آلاف السنين. ولكن!

ظهرت دعاوى كثيرة وشائعات عن اللقاح الجديد. الصورة السابقة كانت غلافًا لكتيب انتشر بشدة عام 1885، للطبيب أالكساندر روس.

الكتاب حرض وبشدة ضد لقاح الجدري، ونشر الكثير من الشائعات عن اللقاح، زاعمًا أن اللقاح نفسه يسبب المرض، وأنه مجرد خدعة لجلب الكثير من الأموال للحكومة والشركات ضمن مؤامرة سياسية واقتصادية متعمدة.

المزاعم التى نشرها روس وحتى بحث أندرو ويكفيلد  تظهر نموذجًا متكررًا يمكننا إسقاطه بامتياز على شائعات الوقت الحالى المنشرة ضد لقاح كوفيد-19.

1- اللقاح جزء من مؤامرة أكبر

روس، وكذلك أندرو ويكفيلد روجا أن اللقاح مؤامرة راسمالية مشتركة بين حكومات وشركات أدوية لجمع المال من الفقراء، وأن الوباء فرصة لمكاسب سياسية ومالية حينها. وجزء منه توجه للحكومة لإجبار البشر على اللقاح وتقييد حرياتهم في الاختيار.

رسم يظهر فيه رجل من الطبقة العليا يجبر أحد الفقراء على التطعيم وهو محتجز من قبل شرطي

رسم يظهر فيه رجل من الطبقة العليا يجبر أحد الفقراء على التطعيم وهو محتجز من قبل شرطي

لم ير روس وغيره من مضطهدى اللقاح كيف أن اللقاح سوف ينهي معاناة الفقراء والأغنياء على حد سواء من مرض لعين ومميت وليس له علاج. أسقط هذا على الوضع الحالى، والنظريات المنتشرة حول شركات الأدوية وأنواع لقاح كوفيد-19.

2 -اللقاح يسبب المرض.. غير فعال.. أو كلاهما

حملات مناهضة التطعيم روجت إلى أن لقاحات الجدري تسبب الجدري نفسه، بجانب مجموعة كاملة من الأمراض، مثل الزهري والتيفود والسل والكوليرا و”تسمم الدم”.

الترويج لتلك المزاعم كان محض كذب، وتسبب أن البعض امتنع عن اللقاح حينها.

3 -التقليل من خطر المرض

على الرغم أن الجدري كان يسبب معدل وفيات مرتفعا جدا يتراوح بين 30% إلى 40%، إلا أن روس ومريديه روجوا أن المرض ليس خطيرًا للدرجة، وأن اللقاح أكثر خطورة من المرض.

4 -استخدام معلومات “علمية” مغلوطة

روج روس حينها في كتيبه لشهادات أطباء ومجموعات آخرى تناهض اللقاح، لأسباب مفترض أنها علمية، على الرغم أن تلك الشائعات تم دحضها، لكنها ساهمت في إضافة المصداقية المضللة لحجج روس لمناهضة اللقاح.

أخيرًا المفاجأة ؟ تبين فيما بعد أن روس نفسه تلقى اللقاح، لكنه لم يعلن عن ذلك لكى يستمر في مزاعمه.

المشهد يتكرر، والتاريخ يعيد نفسه. لن أسرد الشائعات الحالية كي لا تزيد انتشارًا، لكن حاول بنفسك إسقاط أية شائعة على النقاط الأربع السابقة وستجدها مناسبة تمامًا لنفس طريقة التفكير، لكن مع اختلاف الزمن والعصر الرقمي الحالى الذى يساهم أن تنتشر تلك الشائعات بكل سهولة.

الأساطير قديمًا، والآن الشائعات والأخبار الكاذبة تعتبر فلكلورًا شعبيًا تمتاز به الشعوب وقت الأزمات.مواجهة تلك الشائعات تتطلب نهج علمي، في ظل أزمة أكبر الخاسرين فيها هم نحن.. نحن كأفراد وجماعات ودول ومؤسسات، ليس من مصلحة أحد أن يخدعك الآن، هناك وباء وتبين انه خطر ويقتل ولابد من وجود لقاح للتخلص منه. فإيه عزيزي الإنسان

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك