* حزب الله حاول تخزين أطنان من المتفجرات في لندن بعد فترة وجيزة من اتفاق إيران النووي
* المؤامرة وصلت للاستخبارات وشرطة لندن.. لكنها أُبقيت سرًا. بعد إطلاع رئيس الوزراء ووزيرة الداخلية بصفة شخصية عليها
* كوادر الحزب اعتمدوا على تخزين المتفجرات في عبوات الثلج
* هدف العمليات ليس واضحًا.. لكنه لم يكن على الأرجح يستهدف بريطانيا. أدين شخص بالفعل في قبرص ونال ٦ سنوات سجنًا
* التليجراف كشفت التفاصيل بعد تحقيق صحفي عابر للحدود دام ثلاثة أشهر
س/ج في دقائق
مؤامرة لندن.. ماذا نعرف عن تفاصيلها؟
في خريف 2015، خزن إرهابيون من حزب الله اللبناني آلافًا من عبوات الثلج شمال غرب لندن.
عبوات الثلج متعددة الاستخدامات؛ فجانب استخداماتها الطبية، تستخدم لتخزين نترات الأمونيوم؛ وهو عنصر شائع الاستخدام في تصنيع القنابل محلية الصنع.
كمية المتفجرات بلغت ثلاثة أطنان مترية؛ أي أكثر من تلك استخدمها تيموثي مك فاي وتيري نيكولز في تفجيرات مدينة أوكلاهوما الأمريكية في 1995، والتي أسفرت عن مقتل 168 شخصًا.
كيف كشفت بريطانيا المؤامرة؟ وكيف تعاملت معها؟
الخيط الأول لكشف المؤامرة أتى عبر بلاغ من حكومة أجنبية كان خطيرًا بالدرجة التي دفعت عملاء من الـ MI5 وضباط من قسم مكافحة الإرهاب التابع لشرطة العاصمة لشن عملية سرية.
وفي 30 سبتمبر/ أيلول 2015، بدأت شرطة العاصمة بالتحرك. استخرج الضباط مذكرات تفتيش لمهاجمة أربعة عقارات في شمال غرب لندن؛ ثلاث شركات ومنزل واحد.
في نفس اليوم، ألقوا القبض على رجل في الأربعينيات للاشتباه في ارتكابه جرائم إرهابية بموجب المادة 5 من قانون الإرهاب 2006، دون الكشف عن اسمه أو هويته.
كان المعتقل الوحيد على ذمة التحقيق في القضية رغم تأكيد مصادر للتليجراف أن شخصين على الأقل كانا متورطين. أطلقت السلطات سراح الرجل بكفالة. وفي النهاية اتخذت قرارًا بعدم توجيه أي اتهام رسمي.
وقال مصدر استخباراتي بريطاني للتليجراف إن MI5 عملت بشكل مستقل ووثيق مع شركاء دوليين لتعطيل تهديد النوايا الخبيثة من إيران وعملائها في بريطانيا.
لماذا لم توجه الحكومة البريطانية اتهاما بالضلوع في الإرهاب لأي شخص؟
الاكتشاف كان خطيرًا بالدرجة التي دفعت الجهات المعنية لإطلاع أعلى قيادات الحكومة حينها، رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزيرة الداخلية تيريزا ماي، شخصيًا على ما تم العثور عليه.
أحد المصادر وثيقة الاطلاع وصف المؤامرة بـ “إرهاب محكم التنظيم”، بينما قال آخر إن مخزون المواد المتفجرة كان يكفي للتسبب في ضرر شديد.
بات واضحًا حينها، وفقًا لمصادر قريبة من الملف، أن تخزين هذا القدر من المتفجرات في بريطانيا كان جزءًا من مؤامرة دولية دبرها حزب الله لوضع الأساس لشن هجمات إرهابية مستقبلًا.
لكن كانت المؤامرة في مرحلتها المبكرة.. مجرد تجهيز أولي مسبق، لم يحدد حزب الله خلاله أي هدف بعينه أو يخطط لهجوم وشيك. وبالتالي – رغم تأكد الجهات الأمنية – لم يكن مممكنا إقناع الجهات القضائية بأدلة تصلح للإدانة القانونية.
كما أن مصادر وثيقة الصلة بجهات التحقيق لم تتوصل إلى دليل على أن بريطانيا نفسها كانت هي المستهدفة.
وظلت نترات الأمونيوم مخبأة في عبوات الثلج بدلًا من إزالتها ومزجها، وهي حالة أكثر تقدمًا وخطورة.
إيران تلاحق معارضيها في أوروبا.. متى بدأت؟ وماذا تواجه؟ | س/ج في دقائق
ولماذا أخفيت المؤامرة عن الرأي العام لمدة أربع سنوات؟
النشاط الشنيع – بوصف التليجراف – ظل مخفيًا عن البريطانيين لسنوات، بما في ذلك النواب الذين كانوا يناقشون ما إذا كانوا سيحظرون حظر حزب الله بالكامل، حتى الآن.
وتبقى الأسباب الدقيقة التي دفعت بريطانيا للتعتيم على الملف غير واضحة، لكن من المفهوم أن المحققين كانوا على ثقة من أن المؤامرة فشلت، وأنهم حصلوا على معلومات مفيدة حول أنشطة حزب الله في بريطانيا وخارجها.
مصادر وثيقة الصلة بالملف قالت إن عملية المخابرات السرية استهدفت إحباط المؤامرة بدلًا من السعي للملاحقة القضائية.
سياسيا:
هذا التعتيم أثار تساؤلات حول ما إذا كانت شخصيات رفيعة المستوى في الحكومة البريطانية قد اختارت عدم الكشف عن المؤامرة جزئيًا؛ رغبة في تجنب اتفاق إيران النووي خطر النسف المبكر.
وزير الدولة البريطاني لشؤون الأمن بن والاس قال إن MI5 والشرطة يعملان بلا كلل للحفاظ على البريطانيين في مأمن من مجموعة من تهديدات الأمن القومي. بالضرورة، فإن جهودهم ونجاحاتهم غالبًا ما تبقى بعيدة عن الأضواء.
وكيف وصل الرأي العام البريطاني أخيرًا؟
صحيفة التليجراف كشفت الملف بعد تحقيق صحفي استمر ثلاثة أشهر.
تواصل الصحيفة خلال تحضير التحقيق مع أكثر من 30 مسؤولًا حاليًا وسابقًا في بريطانيا والولايات المتحدة وقبرص، ونجحت من خلاله في الحصول على الوثائق القضائية.
تقول التليجراف إن تحقيقات MI5 استمرت عدة أشهر، وتجاوزت تعطيل المؤامرة إلى الحصول على صورة أوضح عما كان عليه حزب الله.
مثل هذه التحقيقات يمكن أن تشمل التنصت على مكالمات هاتفية، إلى زرع مخبرين سريين، ومحاولة الإيقاع بالمشتبه بهم، لكن الطرق المستخدمة في هذه الحالة غير معروفة بدقة.
بريطانيا تحظر حزب الله بالكامل.. لماذا الآن؟ وماذا بعد؟ | س/ج في دقائق
لماذا توصف المؤامرة بـ “العالمية“؟ وهل تورط حزب الله سابقا في عمليات إرهابية خارج لبنان؟
كُشفت محاولات سابقة لحزب الله لتخزين عبوات الثلج في عدة مناطق بينها تايلاند. وفي 2017 ، أي بعد عامين فقط من إحباط مؤامرة لندن، حاول أحد كوادر حزب الله البحث عن شركة أجنبية لتصنيع عبوات الثلج في نيويورك.
توفر عبوات الثلج غطاءً مثاليًا لنترات الأمونيوم، وفقًا لمصادر التليجراف؛ كونها غير مؤذية على ما يبدو وسهلة النقل.
لكن قبرص كانت مسرحًا للقضية الأكثر صلة، قبل أشهر قليلة من مؤامرة لندن. هناك ، ألقت السلطات القبض على رجل يبلغ من العمر 26 عامًا يدعى حسين بسام عبد الله، مواطن لبناني كندي، أثناء تخزين أكثر من 65,000 علبة ثلج في قبو.
أثناء الاستجواب، اعترف عبد الله بعضويته في الجناح العسكري لحزب الله. أقر أيضًا تلقى تدريبًا على استخدام بندقية هجومية من طراز AK47.
اعتبر عبد الله بتخزين 8.2 طن من نترات الأمونيوم لشن هجمات إرهابية، وحُكم عليه بالسجن ست سنوات في يونيو/ حزيران 2015.
عثرت شرطة في أمتعة عبد الله على صورتين لجواز سفر بريطاني مزور.
أبرز العمليات التي تورط فيها حزب الله في أوروبا
لماذا يشكل كشف التليجراف إحراجًا لحكومة بريطانيا؟
تعتبر التليجراف أن قرار إبقاء المؤامرة سرًا، رغم الخلاف المحتدم حاليًا مع الولايات المتحدة؛ أقرب حليف لبريطانيا حول نجاح اتفاق إيران النووي، يبقى مثيرًا للدهشة.
وتقول الصحيفة إن الحكومة البريطانية ستواجه موقفًا محرجًا كذلك من عدم إخبار نواب البرلمان بالمعلومات المتاحة حول مؤامرة لندن وسط جدل حاد حول ما إذا كان يجب تصنيف حزب الله بأكمله – وليس فقط جناحه العسكري – كجماعة إرهابية.
وصفت الولايات المتحدة حزب الله منظمة إرهابية في التسعينيات، لكن بريطانيا اكتفت بحظر جناحه المسلح. هذا التفريق أوصل شخصيات بريطانية بارزة في مجال مكافحة الإرهاب إلى الاعتقاد بأن هناك شكلاً من أشكال التفاهم بأن حزب الله لن يستهدف بريطانيا مباشرة.
وأضافت بريطانيا حزب الله بالكامل إلى قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة فقط في فبراير/ شباط 2019؛ أي بعد أكثر من ثلاث سنوات من كشف مؤامرة لندن.
إجراءات ترامب الاقتصادية ضد إيران تضرب حزب الله؟ | س/ج في دقائق
إنفوجرافيك| عمليات إرهابية برعاية إيران في أوروبا