متلازمة هافانا.. متى وكيف ظهرت؟ وهل هي جزء من مؤامرة؟

متلازمة هافانا.. متى وكيف ظهرت؟ وهل هي جزء من مؤامرة؟

4 Jan 2022
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

تشير هافانا إلى اسم العاصمة والميناء الرئيسي لجمهورية كوبا الواقعة بمنطقة الكاريبي في مدخل خليج المكسيك، وقد سُميت متلازمة هافانا باسم العاصمة الكوبية نظرًا لأن ظهورها الأول حدث في سفارة الولايات المتحدة الموجودة في هافانا، ولكن ما هي حقيقة تلك المتلازمة الغامضة؟ وما هي أعراضها؟ ولماذا يرى البعض أنها مؤامرة حقيقية؟

قصة ظهور متلازمة هافانا

بدأت القصة في عام 2016 بالعاصمة الكوبية هافانا خلال وقت متأخر من الليل حينما استيقظ أحد موظفي سفارة الولايات المتحدة الأمريكية على صوت مرتفع ومزعج في أذنه، وتلاه غثيان ودوار حاد.

مع الأسف لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث في غضون خمس سنوات فقط، بدأ تظهر العديد من الحالات المماثلة لهذا المرض الغامض من قبل ما يزيد عن 100 جاسوس ودبلوماسي ومسؤول في الدفاع الامريكي في عدة أماكن مختلفة مثل الصين، وروسيا، وصربيا، والبيت الأبيض.

أعراض متلازمة هافانا

عانى المصابين بمتلازمة هافانا من أعراض متفاوتة، حيث طبقًا لوصف إحدى المصابات فقد قالت أنها عانت من طنين منخفض بالإضافة إلى شعورها بضغط شديد في الجمجمة، بينما وصف مصاب آخر بأنه أحسّ بآلام من الصوت.

هناك أشخاص لم يسمعوا أصواتًا إلا أنهم عانوا من الاحساس بالحرارة أو الضغط، وأما من كانوا يسمعون أصوتًا فقد كانت تغطية آذانهم غير مجدية في التخلص من تلك الأصوات، واخيرًا عانى آخرون من الدوخة والإرهاق الذين استمروا معهم لفترات طويلة تصل لعدة أشهر.

هل متلازمة هافانا سلاحًا سريًا وجزء من مؤامرة؟

في البداية اقترح عدد من الخبراء والأطباء أن سبب متلازمة هافانا الحقيقي هو سلاح صوتي، حيث كشفت دراسة فريق ميامي لعام 2018 عن 19 مصاب عانوا من الدوار نتيجة لتلف في الأذن الداخلية من أحد أنواع الأسلحة الصوتية، ولهذا أصبحت هذه فرضية محتملة.

فقدت تلك الفرضية مصداقيتها نتيجة لوجود بعض العيوب بالدراسات، كذلك لم يتم التوصل إلى دليل قاطع على وجود أي سلاح صوتي قد يسبب في الحاق أضرار انتقائية بالدماغ، كما أن علماء الأحياء حللوا تسجيلات الضوضاء التي سمعها الدبلوماسيون الامريكيون في كوريا وقالوا أن سببها المحتمل هي لعبة الكريكيت، وهي من الرياضات الجماعية المشهورة في كوبا.

فرضيات أخرى فسّرت متلازمة هافانا

متلازمة هافانا والمبيدات الحشرية

وصلت متلازمة الهافانا إلى السفارة الكندية، حيث أصيب العشرات من موظفي السفارة وعائلاتهم بهذا المرض الغامض، وهذا الأمر أدى إلى فتح باب البحث في طبيعة المرض وأسبابه، وقد توصّل الباحثين هناك إلى اقتراح يفيد بأن متلازمة هافانا قد يكون لها علاقة بالمواد الكيميائية التي يتم استعمالها في المبيدات الحشرية وغازات الأعصاب.

يرجع سبب استعمال هذه المبيدات الحشرية إلى ما حدث في كوبا عام 2016، فقد قامت بحملة شرسة ضد البعوض في هذا العام حتى توقف فيروس زيكا الذي كان يهدد الحياة في المقاطعات الكوبية، وقد تم رش المكاتب والمساكن الدبلوماسية من الداخل والخارج، وكشفت التحاليل الكيميائية عن وجود نسبة من تلك المبيدات في دماء الدبلوماسيين.

على الرغم من معقولية هذا التفسير إلا أنه لم يتم التوصل إلى ما يثبت بالفعل أن هذه المبيدات الحشرية يمكن أن تكون السبب الحقيقي وراء متلازمة هافانا، ولهذا تبقى مجرد احتمال آخر غير مؤكد.

فرضية سلاح أشعة الميكروويف

نالت تلك الفرضية قبول أكثر بالتزامن مع الإقرار التي أصدرته الأكاديمية الوطنية للعلوم في ديسمبر 2020 الذي أستنتج أن طاقة الترددات الراديوية النبضية من المحتمل أن تكون هي السبب وراء الأعراض التي يعاني منها بعض المرضى على الأقل.

فسّرت الفرضية الأمر على أنه في حالة سماع شخص ما أفران ميكروويف عالية الطاقة، فمن المحتمل في بعض الأحيان أن يسمع أصوات لفترات قليلة، وهي ليست أصواتًا حقيقية، بل هي تسمى بـ “تأثير فراي” الذي يشير إلى تحفيز الخلايا العصبية بأذن المصاب أو دماغه يتم من خلال الموجات الصوتية وينتج عنه سماع تلك الأصوات.

مع ذلك لا ينطبق هذا التفسير مع ما وصفه الضحايا، كذلك هناك الكثير من الضحايا الذين قاموا بتسجيل الأصوات التي سمعوها مما ينفي من الأساس فكرة الموجات الدقيقة كمصدر للصوت، وبالرغم من أن أسلحة الطاقة الموجهة لها وجود بالفعل، لكن ليس هناك تفسير واضح يشرح الأعراض أو الأصوات التي تعرّض لها المصابين.

المرض الجماعي النفسي وتفسير متلازمة هافانا

تعريف المرض الجماعي النفسي

يُعرف المرض الجماعي نفسي المنشأ بأنه تلك الحالة التي يشعر فيها عدد من الأشخاص بمجموعة من الأعراض المتشابهة نتيجة لاعتقادهم بتعرضهم لشئ خطير، رغم عدم حدوث ذلك في الحقيقة.

عادةً ما تبدأ أعراض المرض الجماعي النفسي في بيئة مرهقة، حينما تظهر على شخص ما أعراض مجهولة المصدر والسبب، ثم يتم تضخيم تلك الفكرة ونشرها لمجموعات أخرى حوله.

علاقة المرض الجماعي النفسي بمتلازمة هافانا

في عام 2018 بعد أن تم الإبلاغ عن حالات للمتلازمة بواسطة الكثير من الدبلوماسيين الأمريكيين الموجودين في الصين، أصدرت وزارة الخارجية الامريكية تحذيرًا لكافة فرقها أن تكون متيقظة في حالة حدوث أي هجمة بأماكن أخرى.

حتى الآن تم الإبلاغ عن حالات لمتلازمة هافانا في اثني عشر دولة تقريبًا كالصين والمملكة المتحدة وأستراليا وألمانيا، ومع ذلك لا يُعد انتشار تلك المتلازمة امرًا عجيبًا؛ وذلك نظرًا لغموض أعراضها وشيوعها، فهي ليست أعراض محددة وواضحة تُميز هذا المرض الغامض عن غيره.

ما تسبب في تعقيد الأمور بشكل أكبر هو ما فعله وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حينما قام بإرسال عدة رسائل إلى حوالي 2.0 مليون عسكري ومسؤول مدني ومتقاعد لكي يحذرهم من أي أعراض صحية غير طبيعية، وعلى مدار السنوات العديدة الماضية، أبلغ بعض أفراد وزارة الدفاع عن شعورهم بأحاسيس مفاجئة ومقلقة كالأصوات أو الضغط أو الحرارة بالتزامن مع ظهور أعراض أخرى كالصداع أو الألم أو الغثيان أو الدوار.

يُمكن القول بأن موجة التحذيرات التي كانت موجهه للدبلوماسيين وضباط المخابرات تسببت في إحداث هذا المرض الجماعي النفسي، وفي ديسمبر 2020 أصدرت الأكاديمية الوطنية للعلوم تقريرًا يفيد بأن هذا التفسير هو الأكثر معقولية، خاصةً على نطاق الأعراض المزمنة، إلا أن هذا التفسير يفتقر إلى البيانات على مستوى المريض لكي يتم إجراء هذا التشخيص.

تحقيقات الحكومة الكوبية عن متلازمة هافانا

ما يشير إلى احتمالية صحة هذه الفرضية هو أن الحكومة الكوبية قامت بالعديد من التحقيقات بخصوص هذا المرض الغامض على مدار السنوات السابقة، وقد خلص تقريرهم الذي أصدروه في 13 سبتمبر عام 2021 على عدم وجود أي دليل يشير إلى استعمال أسلحة طاقة موجهة، وأنه لا يمكن استبعاد الأسباب النفسية كتفسير لهذه المتلازمة.

على الرغم من أن فكرة المرض النغسي الجماعي المنشأ ليست فكرة مشوقة مثل فكرة السلاح السري الحديث، إلا أن المرض الجماعي النفسي يُعد من الأمور التي ظهرت كثيرًا في التاريخ، واستطاعت أن تعطي تفسيرًا منطقيًا لمجموعة مختلفة من الأعراض.

هل تلف الدماغ من أعراض متلازمة هافانا؟

تُعد فكرة تلف الدماغ الناتجة عن متلازمة هافانا من أكثر العوامل المضللة التي تسببت في ربط تلك المتلازمة بوجود سلاح سري، إلا أنه في عام 2019 نشرت الجمعية الطبية الأمريكية دراسة تُفيد بأن المرضى مصابين بتشوهات في الدماغ، إلا أن هذا يختلف كليًا عن تلف الدماغ.

اعترفت الدراسة بأن الحالات الشاذة لم تكن مهمة لدرجة أنها لم تستطع أن تستبعد احتمالية حدوثها نتيجة الاختلافات الفردية، كذلك فقد ظهرت حالات شاذة مماثلة نتيجة التعرض لضغوطات طويلة الأمد، وهذا بسبب الشائعات التي تعرض لها موظفو السفارة بخصوص استهدافهم بسلاح سري.

عُمومًا لا تزال الحقيقة الكاملة غامضة ويحاول الكثيرون التوصل للتفسير الحقيقي، ولكن هذا الغموض بحد ذاته هوا ما يتسبب في زيادة القلق والرعب، والذي بدوره قد يكون سببًا أكبر في نشر تلك المتلازمة إذا كانت بالفعل نفسية المنشأ.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك