لم يكن المشيشي من الأسماء التي اقترحتها الأحزاب السياسية المسيطرة على مجلس نواب الشعب على الرئيس. لكنه وعد بحكومة “تلبي تطلعات الشعب”.
يعود المركز إلى أصل المشكلة، نجاح حزب النهضة الإخواني في الانتخابات التشريعية، دون ضمان أغلبية مريحة لإيصال مرشحهم لتشكيل الحكومة. لتبدأ المشكلة بترشيح الحزب لحبيب الجملي الذي وصفوه بمرشح مستقل، بينما اعتبرته الأحزاب الأخرى “واجهة النهضة”، ليخلفه إلياس الفخفاخ كمرشح اختاره قيس سعيد، وأجبر النهضة على الانضمام لحكومته الإئتلافية. محللون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا حينها تعنت حزب النهضة مع الفخفاخ. وهو ما حدث، حيث أجبر في النهاية على الاستقالة.
أعيد فتح الباب لترشيح رئيس جديد للحكومة. وفشل حزب النهضة وحلفاؤه مجددًا في ضمان تزكية أغلبية كافية لمرشحيهم الوزير الأسبق للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، محمد فاضل عبد الكافي، وكاتب عام مركز الدراسات جسور المتخصص في السياسات العمومية، خيام التركي، ليرشح قيس سعيد الوزير السابق هشام المشيشي للمنصب، في تكرار لأزمة الفخفاخ.
ستراتفور تتوقع استمرار الاستقطاب السياسي في تونس حتى بعد تعيين الرئيس هشام المشيشي الذي يفترض أن يشكل حكومة تكنوقراط في محاولة لحل المشكلات الاقتصادية. أشارت كذلك إلى أن الحكومة التي يختار قيس سعيد رئيسها لن تحكم بشكل فعلي، ما يضعف قدرة تونس على تأمين التمويل الخارجي الذي تحتاجه البلاد بشدة.
قيس ابن عمي .. عندنا؟ عندهم؟ على الحياد؟.. تونس فوق صفيح ليبيا الساخن| محمد زكي الشيمي
مؤخرًا، استخدم حزب النهضة سلطته في البرلمان من أجل إجبار الحكومة الأخيرة على الإطاحة بالحكومتين السابقتين، فيما لايزال الحزب رغم عدم قبول مرشحه المستقل لرئاسة الحكومة الجديدة، يحتفظ بقوته للتأثير على أي حكومة أخرى مقبلة. أما خصوم الحزب من العلمانيين أبرزهم نداء تونس، يحاولون تشكيل تحالف آخر لإضعاف قوة الحزب الإسلامي، لكنهم الآن مختلفون حول الحكومة التكنوقراط المرتقبة.
ووسط هذا المناخ شديد الاستقطاب في تونس، من المتوقع أن تتعرض الحكومة المقبلة لخطر الانهيار، الأمر الذي قد يؤدي إلى جولة أخرى من الانتخابات وفقا للدستور التونسي، ومزيد من المآزق السياسية والاقتصادية.
تمرير أي إصلاحات هيكلية، مثل خفض الأجور العامة أو زيادة الضرائب، يتطلب تفعيل التعاون بشكل جاد ومكثف بين الفصائل السياسية المتناحرة في تونس خاصة داخل البرلمان، وهو أمر توقعت “ستراتفور” عدم حدوثه قريبًا، لأنها إصلاحات لا تحظى بشعبية بين الناخبين التونسيين أو النقابات العمالية.
ويعني استمرار الفشل في تمرير تلك الإصلاحات تقويض قدرة حكومة هشام المشيشي أو غيرها على الحصول على أي تمويل من صندوق النقد الدولي.
يُشار أيضا إلى أن تونس لديها أعلى أجور عامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتواصل حكومتها استخدام فكرة التوظيف في القطاع العام لتحقيق الاستقرار، ما جعل الدين العام يصل إلى مستويات خطيرة، لدرجة أن الدولة تسعى الآن لإعادة جدولتها مع الدائنين الرئيسيين مثل السعودية وفرنسا.
في 2017 على سبيل المثال توصلت الحكومة إلى اتفاق مع متظاهرين لفك حصارهم على حقول النفط والغاز مقابل تعهدها بتوظيف المزيد من السكان المحليين في مشاريع النفط والغاز الوظائف الحكومية، لكنها فشلت في الوفاء بتعهداتها، تاركة المجال مفتوحا أمام المزيد من الاضطرابات. وهو اتفاق كان سيكلف الحكومة حوالي 28 مليون دولار.
لذا من من المتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي بحلول نهاية 2020، مع اختفاء أي أمل قريب في الوصول إلى حل سياسي توافقي.
ميليشيات طرابلس تتاجر في البشر بأموال أوروبا.. وتونس تغسل الأموال | الحكاية في دقائق
الاستقطاب السياسي في تونس يعصف بأي حلول للأزمات الاقتصادية (ستراتفور)
حزب النهضة يرفض الحكومة الجديدة في تونس (رويترز)