كيف نجح القدماء في تبريد الجو دون مكيف؟ وهل يمكن أن نستفيد من هذا الآن؟ | الحكاية في دقائق

كيف نجح القدماء في تبريد الجو دون مكيف؟ وهل يمكن أن نستفيد من هذا الآن؟ | الحكاية في دقائق

15 Jul 2021
أوروبا مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

موجة حر عارمة في أماكن مختلفة من العالم.

نحاول استخدام العديد من الوسائل الحديثة لتخفيف أثر الحرارة الشديدة على أجسامنا؛ كأجهزة التكييف والمراوح بأنواعها المختلفة.

لكن، في زمن “ما قبل التكنولوجيا”، كيف احتمل البشر قديمًا درجات الحرارة الشديدة؟

نعرض التفاصيل عبر:

الحكاية في دقائق

مصر القديمة: قصب مُبلل وملابس كتان

أنشأت مصر القديمة حضارة كبرى في بلاد شديدة الحرارة تُحيط بها الصحاري من جميع الجهات.

استعان المصريون القدماء بالطوب اللبن في بناء بيوتهم، وهو ما كان مُناسبًا تمامًا لمناخ مصر، ليمنح البيوت البرودة صيفًا والدفء شتاء.

داخل البيوت، وضعوا أواني مملوءة بالماء حتى تُضفي بعض البرودة على الجو عند تبخر المياه، كما علّقوا ألواح القصب الرطبة في النوافذ لتُقلل من حرارة الشمس، وهي خطوة شبيهة بما جرى في الهند القديمة من تعليق حصائر القصب المنقوعة في الماء على مداخل البيوت لتحقيق نفس التأثير.

وحرص المصريون على صُنع الملابس من خامات تُعينهم على اتّقاء الحر مثل القطن والكتان، والذي كان وسيلة مثالية لمكافحة الحر بسبب خفة وزنه وسهولة تهويته. صنع منه المصريون ملابسهم القصيرة التي كانوا يرتدونها في الحر، وفي بعض الأحيان كانوا لا يرتدون شيئًا على الإطلاق، ويعملون في الحقول شبه عُراة، حسبما تُظهر بعض جداريات المعابد.

أيضًا، ابتكروا مساند خشبية للرأس، وهي أقواس خشبية تستند على عامود خشبي قصير يضمن للنائم ألا تلتصق رأسه بالأرض ويتعرّق.

مسند رأس فرعوني

وتشير بعض الدراسات أيضًا إلى أن بعض المصريين القدماء اعتادوا خلال النوم استخدام أغطية مُبللة تُبقي الجسد باردًا طوال الليل.

الصينيون: قبعة خيزرانية ومروحة زمبركية

ابتكر الصينيون العديد من الوسائل التي تُعينهم على احتمال الحرِّ الشديد.

بعضها تعلّق بملابس أو وسائل للوقاية من الشمس، مثل قبعة الخيزران التي كانت تُعين المزارعين على التهوية وحماية الرأس من أشعة الشمس.

بالإضافة إلى الاعتماد على نوعٍ من “وسائد النوم” المجوفة من المنتصف، والتي يكفل احتضانها خلال النوم التخلص من الشعور بالحر.

وسائد نوم خيزرانية

كذلك، استعان الصينيون بالعديد من الأدوات التي سهّلت عليهم مقاومة الحرارة، أبسطها مراوح اليد متنوعة الأشكال، وانتهاءً باختراع ما يُمكننا اعتباره أول شكل بدائي للمروحة التي نعرفها اليوم، وهي شفرات حديدة مُثبتة في محور مركزي يُمكن تشغيله بواسطة محرك زنبركي، تكفل إضفاء بعض النسيم على أي مكان تُوضع فيه.

مروحة صينية قديمة

كما اعتاد الصينيون إقامة غرف معيشتهم أعلى الآبار، حتى يتمكنوا من حفر تجويف مستدير مباشرة فوق البئر، يسمح بمرور الهواء البارد الصادر عن المياه إلى قلب غرفة المعيشة، فيُلطِّف من حرارتها قليلاً.

ولا تزال حتى الآن بعض البيوت الصينية القديمة تحوي هذه الحفرة.

حفرة تهوية داخل منزل صيني

وبحسب المرويات التاريخية، فإن الجناح الملكي لأسرة تانج (Tang dynasty) تمتّع بأسلوب تبريد فريد من نوعه، عُرف بسببه بِاسم “جناح المطر الذاتي”.

زُوِدّ هذا الجناح بآليات ميكانيكية ترفع الماء من النهر الذي أقيم القصر على ضفته إلى السطح، حيث يجري في أنابيب مثقوبة كالمصفاة يُعيد الماء للتدفق مجددًا بمحاذاة جدران القصر وكأن الدنيا تُمطر، ما يُكسب هذه الغرف برودة شبيهة بفصل الشتاء!

قصر صيني ممطر

العرب: قِربة وقُلة

في عصور الإسلام الوسيطة وبعدما، عرف العرب حياة الحضر، اعتادوا تزويد منازلهم بفناءٍ واسع يُعطي المجال للهواء بدخول البيوت، مع تدشين أسوارٍ من سعف النخيل حول هذه الأرض تُرشَّ بالماء البارد، وهو ما يحوّل أي رياحٍ تمرُّ بها إلى هواءٍ بارد، مهما بلغت درجة حرارتها.

كما استعملوا قِربًا من جلد الماعز لحِفظ المياه بسبب قُدرته على العزل الحراري، ومثلها جرار الفخار التي تُبقي الماء باردًا خاصةً إذا تعرّض لتيار هواء، وهي العادة التي اشتُق منها اختراع “القُلة” و”الزير”، اللذين لا يزالان مُستخدمين حتى اليوم.

لاحقًا، عند بناء المنازل، تعمّدوا انتقاء المواقع الأكثر تعرضًا للرياح الباردة، وبنوها بجدران سميكة من الطوب اللبن، المادة تمتصُّ أكبر قدرٍ مُمكن من الحرارة، بالإضافة إلى تعلية السقف لأكبر حدٍّ ممكن؛ لإفساح المجال لتهوية كبيرة، مع إقامة نوافذ كبيرة الحجم على ارتفاعات عالية لتسمح للهواء الساخن (الأقل كثافة) بالخروج سريعًا.

كما أحاط الأثرياء منهم جدران بيوتهم بقنوات مياه تساعد على ترطيب الجو في أيام الحر، وهي عادة مقتبسة من الرومان لمقاومة الحر في بلادهم.

وفي ما بعد، عرفت القصور العربية إقامة النوافير داخل ساحات المباني كوسيلة لتخفيف وطأة الحر.

تقول حمدية صالح في دراستها “أجهزة التبريد في العصر العباسي”، إن العرب طوّروا وسيلة تبريد فارسية تُدعى “البادهنج”، وترجمتها بالعربية “منفذ الهواء”، أقبل عليه أثرياء بغداد العباسية، وبعدها صار شائعًا في مصر خلال الحُكم الأيوبي.

البادهنج

“البادهنج”، هو منفذ في سطح البيت على هيئة أسطوانة مُزوّد بفتحة مقابلة لاتجاه الرياح، يجذب أكبر كمٍّ من الهواء إلى داخله ثم يقوم بتبريده ونشره داخل المنزل بدلاً من الهواء الحار الذي يطرده خارجًا.

وفي بعض الأحيان كان باب “البادهنغ” يُغطّى بخيش مبلل بالماء وبالروائح العطرة لإضفاء المزيد من الأجواء المُلطِّفة على البيت.

ويُضيف حسني عبدالحافظ في بحثه “ملاقف الهواء.. وعبقرية التبريد في العمارة الإسلامية”، إن العرب أجادوا تصميم “البادهنج” ليُوزِّع الهواء في كافة غرف المنزل، ما يجعله أشبه بوحدة تكييف مركزية متطورة.

هل هناك مصادر لمزيد من المعرفة؟

كيف نجا القدماء من حرارة الصيف؟ (ذا جاكارتا بوست)

أساليب ذكية اخترعتها الحضارات القديمة للحفاظ على البرودة (صنداي مورنينج)

طُرق منسية أبقت الرومان باردين في الحر (أوف ذا جريد نيوز)

تكييف الهواء الخاص بالقدماء (هيريتاج هيتينج)

تاريخ الصين في الهروب من الصيف (زونالان)

أجهزة التبريد في العصر العباسي (دراسة)

ملاقف الهواء.. وعبقرية التبريد في العمارة الإسلامية (دراسة)


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك