بني شنقول | حرب حول سد النهضة.. كيف انقلبت دعاية إثيوبيا العالمية عليها داخليًا؟ | س/ج في دقائق

بني شنقول | حرب حول سد النهضة.. كيف انقلبت دعاية إثيوبيا العالمية عليها داخليًا؟ | س/ج في دقائق

3 May 2021
أثيوبيا
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

القصة في دقيقة:

إثيوبيا تقول مرارًا إنها تطلب إعادة توزيع مياه النيل أملًا في تخليص أفريقيا من ميراث الاتفاقيات الاستعمارية التي منحت مصر والسودان أغلب مياهه.

ليرد السودان بأن الاتفاقيات وقعت حين كانت إثيوبيا دولة مستقلة بينما كان السودان ومصر خاضعين للاستعمار البريطاني.

الجديد أن السودان أعاد توصيف الرواية: طالما أن إثيوبيا تريد التخلص من الميراث الاستعماري، فلتتخلص منه كاملًا، ليس فيما يخص تفسيم مياه النيل فحسب، بل التخلي عن سيادة أديس أبابا على إقليم بني شنقول – قمز الذي بنت عليه سد النهضة، والذي انتقل إليها من السودان عام 1902 بموجب نفس اتفاقيات الحقبة الاستعمارية.

قصة إقليم بني شنقول- قمز طويلة. بدأت من ترحال قبائل سودانية إلى موقع الإقليم، ثم طمع إثيوبيا فيه لموارده الغنية بالذهب، واضطرار بريطانيا لمنحه لها تحت تهديد حملة عسكرية إثيوبية لبعض المناطق السودانية.

الوضع بني شنقول- قمز لم يكن مستقرًا تاريخيًا. لكن بناء سد النهضة زاد حالة عدم الاستقرار، قبل أن يتضاعف التوتر بعد حرب تيجراي، مدعومًا باضطرابات اشتعلت في الإقليم منذ 2018، عندما سمح آبي أحمد بعودة جبهة تحرير أورومو إليه.

س/ج في دقائق


ما جذور أزمة بني شنقول – قمز تاريخيًا؟

وفق السير جيمس روبرتسون في كتابه “السودان من الحكم البريطاني إلي فجر الاستقلال”، ترجع أصول سكان بني شنقول إلي مجموعات سودانية هاجرت إلى أقصي جنوب النيل الأزرق فرارًا من حملات محمد علي باشا العسكرية لجمع الذهب من جبال مناطقة الأصلية، ثم تزاوجوا من القبائل المحلية.

وعرف جزء منهم باسم الوطاويط، وهم المجموعات التي هاجرت إلي إثيوبيا والمنطقة الحدودية في فترة متاخرة.

عند وصولها للمنطقة، لم ترضخ القبائل لسلطان ملوك الأحباش.

ثم عزلت السلطات البريطانية التجمعات القبلية الوثنية في السودان ومنعتها من التداخل مع مناطق انتشار قبائل بني شنقول والوطاويط التي ساعدت الإنجليز ضد الطليان.

في دراسته “الحدود الاستعمارية لإفريقيا: الحالة من حدود إثيوبيا مع السودان”، يقول الدكتور وندوسون تيشوم من جامعة فيينا إن مناطق بني شنقول “كانت في السابق في أيدي المصريين”. لكن الملك منليك الثاني ضمها في 1896، لإمبراطورية الحبشة، ثم طالب القوى العظمى بالاعتراف بتبعية المنطقة الغنية بالذهب لسيادته

فضل الإنجليز الاحتفاظ بالسيطرة على مياه النيل الأزرق مقابل تنازلهم عن إقليم بني شنقول إلى إثيوبيا. لكن الفصل تأخر حتى سقوط أم درمان في يد القوات البريطانية، لترد إثيوبيا باحتلال منطقة فازوغلي والروصيرص.

هنا تفاوض الإنجليز بقيادة الميجور پارسونز مع الملك منليك الثاني وخرجوا باتفاق معاهدة أديس أبابا 1902، والتي احتفظ الملك منليك الثاني بموجبها بإقليم بني شنقول ضمن حدود مملكته، مقابل تعهده بعدم إنشاء أو السماح ببناء أي أعمال عبر النيل الأزرق أو بحيرة تسانا أو السوبات التي من شأنها أن تعتقل تدفق مياههم إلى النيل إلا بالاتفاق مع حكومتي بريطانيا والسودان.

على خطى يوغوسلافيا.. هل تتفكك إثيوبيا ؟ وما أثر ذلك على المنطقة؟ | س/ج في دقائق


وهل ارتضى سكان بني شنقول بهذا الوضع الجديد؟

بعد ضم إقليم بني شنقول إلى إمبراطورية الحبشة، واجه أهالي بني شنقول أزمة في التعامل مع السلطة الجديدة التي اعتبرتهم مواطنين من الفئة (ب)، ليبدأ أول تمرد مسجل رسميًا من سكان بني شنقول ضد الإمبراطورية في 1931.

ولعقود، تراوحت المطالب بين إعادة الإقليم إلى السودان باعتبارهم أرضًا وشعبًا جزءًا لا يتجزأ منه، أو المطالبة بحكم ذاتي في إطار الدولة الإثيوبية. ومع كل رفض كان يتجدد النشاط المسلح.

في الثمانينيات، ولمواجهة الجفاف والمجاعات، نقلت الحكومة العسكرية العديد من العرقيات الأخرى إلى إقليم بني شنقول – قمز ليختل التوازن العرقي. لكن الإقليم حصل على درجة من الحكم الذاتي بموجب دستور إثيوبيا 1995، الذي صاغته الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.

ثم حدد دستور بني شنقول – قمز، المعدل في 2002، خمس مجموعات عرقية كسكان إصليين، مستبعدًا الأمهريين والأورومو والتجرايين والأجاويين باعتبارهم مقيمين وليسوا مواطنين، يُسمح لهم بالتصويت دون الترشح.

وكان إقليم بني شنقول ساحة صراع إما بين المواطنين والمقيمين، أو المقيمين وبعضهم.

في 1988، أدى احتلال أسوسا من قبل جبهة تحرير أورومو (OLF) إلى مذبحة ضد الأمهريين. وفي 2018، بعد عودة جبهة تحرير أورومو من المنفى بدعوة من أبي أحمد، اندلعت نوبة عنف متجددة بين الأورومو والقمز على الأراضي والموارد في كاماشي، والتي تشمل رواسب الذهب الغنية، فلقى العشرات مصرعهم، ونزح حوالي 150,000 من منازلهم.

كيف انتقل إقليم بني شنقول من السودان إلى إثيوبيا؟

كيف نقلت حرب تيغراي مفاتيح سد النهضة – تحديد مصير آبي أحمد إلى السودان ؟ | س/ج في دقائق


كيف عقد سد النهضة أزمة الإقليم؟

في بعض مدن بني شنقول تعرض المواطنون الأصليون للطرد على يد الأمهريين والأجاويين, لكن الضغوط تصاعدت مع العمل في بناء سد النهضة في المنطقة:

– سكانيًا: تسبب السد في نزوح الآلاف. أعيد توطين 5,110 شخصًا من منطقة المصب في 2013 بعد نقل ما يقرب من 20,000 شخص في وقت سابق.

– اقتصاديًا: خلق السد فرص عمل وموارد جديدة خصصت لغير السكان الأصليين، بينما عانى القمز من ظروف اقتصادية أسوأ نتيجة لاضطراب مصدر الرزق الأصلي (المزارع – تربية الماشية) ليتسارع التدافع على التفوق العرقي في المنطقة؛ إذ منح التخلف النسبي لسكان بني شنقول-قمز الأصليين قوة اقتصادية للمقيمين ونفوذًا غير متناسب مع المواطنين.

علاوة على ذلك، لم يتم إبلاغ غالبية الأشخاص المتضررين بشكل صحيح عن تداعيات مشروع سد النهضة. كانوا يعرفون فقط أن هناك مشروعًا يتم تدشينه.


لماذا ازدادت وتيرة العنف في بني شنقول مع حرب تيجراي؟

تقول حكومة إثيوبيا إن تصاعد العنف في بني شنقول يستهدف عرقلة بناء سد النهضة. وتقول إن جبهة تحرير تيجراي متورط رئيسي.

وتملك جبهة تحرير تيجراي – التي ظلت في الحكم فترة طويلة قبل وصول آبي أحمد – مصالح ضخمة في بني شنقول في قطاعي الاستثمارات الزراعية والبناء.

لكن وصول آبي أحمد ومحاولاته تقليص نفوذ الجبهة عطل العديد من الاستثمارات التيجرية في الإقليم، ليحاول الأمهرة، ثاني أكبر عرقية  في الإقليم والأكثر نفوذًا، الدخول مكانهم، استفادة من رئيس الحكومة – أمه وزوجته تنتميان للعرقية – فهددت ميليشيات قمز باستهدافهم لعدم احترام أوامر مغادرة المنطقة.

كل هذا مرتبط بتطور مهم حدث في ملف تيجراي عام 1991، إذ تتهم ولاية أمهرة ولاية بني شنقول – قمز بإدراج منطقة ميتيكل تحت سلطتها قسرًا بعد استيلاء الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية على السلطة.

ومع اشتعال حرب تيجراي، اعتبرها الأمهرة فرصة لاستعادة الأراضي المتنازع عليها، بينما اعتبر المواطنون هذا محاولة احتلال، لتشتعل الاشتباكات التي تشير التقديرات إلى تسببها في مقتل الآلاف ونزوح 100,000 آخرين.

وبحسب لجنة حقوق الإنسان الرسمية الإثيوبية، فإن سيدال وريدا، في منطقة كاماشي ببني شنقول-قمز الغربية، موطن سد النهضة نفسه، باتت تحت السيطرة الكاملة تقريبًا لجماعة مسلحة اعتبارًا من 19 أبريل.

سدود إثيوبيا من وجهة نظر المتضررين في الصومال وكينيا| س/ج في دقائق


هل لمصر أو السودان علاقة بالتطورات الأخيرة؟

يرى موقع ذا كونفرسيشن إن هناك مصالح سودانية ومصرية يجب أخذها في الاعتبار، فالبلدين يعارضان الملء الثاني لسد النهضة، الذي يقع في ميتيكل.

ويزيد من التشابك أن السودان يرى أن إقليم بني شنقول يتبعه لأنه كان “هدية” من خليفة عبد الله الزعيم المهدوي السوداني للملك منليك الثاني في نهاية القرن التاسع عشر، وتعتبر مصر السد تهديدًا كبيرًا لأمنها المائي، وذلك لأن النيل الأزرق، الذي ينبع من إثيوبيا، يمد ما يصل إلى 80٪ من مياه النيل.

أما إثيوبيا فتتهم كلاً من السودان ومصر برعاية هجمات ميليشيا قمز لتعريض بناء السد وملئه للخطر، وخصوصًا مع قيامها بإغلاق الطريق المؤدي إلى السد في إحدى احتجاجاتها، وتزايد العنف في الإقليم مع الصراع بين السودان وإثيوبيا على مثلث الفشقة الحدودي.

إثيوبيا والسودان | لماذا يتحاربان على الفشقة ؟ ومن يحسم النزاع؟ | س/ج في دقائق


هل هناك مصادر أخرى لزيادة المعرفة؟

سد النهضة الكبير في مقابل بني شنقول وقمز  (Arcgis)

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك