في روايته التي أصدرها 1909، تخيّل الكاتب البريطاني إي إم فورستر نمطا جديدا لحياة البشر يُسيطر فيه التواصل الإليكتروني.
تخيّل فورستر أن البشر في المستقبل سيعملون ويتواصلون مع الغير من داخل غرفهم الخاصة.
وبالرغم من أن لحظة كتابة الرواية شهدت انتشارًا لجهاز الهاتف المنزلي، إلا أن أحدًا لم يتخيّل أن يُسيطر الهاتف على حياتنا، وتتطوّر استخداماته بالشكل الذي توقّعه فورستر.
لم يكتفِ الكاتب الإنجليزي بتخيل مدى التقدّم التكنولوجي الذي سيكون عليه البشر، وإنما توقّع أيضًا تأثير ذلك على العلاقات الاجتماعية.
فاستعرضت روايته علاقة معقدة بين أم وابنتها تسودها السطحية بسبب انزواء كل واحدة فيهما عن الأخرى، واكتفائها بالتواصل مع الآخرين عبر الهاتف.
في 1905، أرادت الناشطة الاجتماعية الهندية رقية سخوات حسين أن تكسر حالة الفراغ التي تعيشها بعد رحيل زوجها عنها في جولة سفر، فقرّرت تأليف رواية.
في "حلم السلطانة" تغلّبت نوازعها النسوية عليها في اختيار الحبكة الأدبية، فتخيلت مدينة اسمها "ليدي لاند" تعيش أوضاعًا معكوسة تخرج فيها النساء للعمل بينما يبقى الرجال للعناية بالأطفال.
في هذه الرواية، توقّعت رقية أن يُمكن هذا الوضع الاجتماعي "المقلوب" النساء من تطوير مجتمعاتهن بهدوء حتى توصلن إلى الكثير من المخترعات المفيدة، مثل: استغلال الطاقة الشمسية في الصيد، والقُدرة على التحكم في الصيد، وصناعة سيارات طائرة، والتواصل عبر تقنية الفيديو.
تلك الاختراعات التي كانت بعيدة المنال وقتها، أصبحت واقعًا اليوم، دون الحاجة لحبس الرجال في المنزل كما أرادت المؤلِّفة الهندية.
على الرغم من أنه لا يُمكن اعتبارها ضمن مصنّفات الخيال العلمي، باعتبار أن الروائي الأمريكي توم كلانسي اشتهر بالكتابة في مجالات التجسس والعلوم العسكرية. إلا أن تلك الرواية التي كُتبت 1994، تنبأت بحدثٍ سيقع لاحقًا بعدة سنوات وسيُغيّر العالم بأسره.
تدور حبكة الرواية الأساسية على صراع خيالي بين الولايات المتحدة واليابان، وهو ما سيدفع جماعة قتالية يابانية إلى شنِّ حربٍ على أمريكا، وذلك عبر تحطيم طائرات ركاب في مبنى الكونجرس.
هل تُذكر تلك الخطة الجهنمية بشيء؟! نعم، تخيّل الروائي الأمريكي كلانسي تعرّض بلاده لهجمات شبيهة بأحداث 11 سبتمبر قبل 7 سنوات من وقوعها.
في تلك الرواية التي صدرت عام 1990م، تخيّل الأمريكي ديفين برين الحياة على الأرض عام 2038.
أتت نظرة ديفين التخيلية بالغة القتامة، ففي روايته تنبأ بأن الأرض ستشهد العديد من الكوراث البيئية مثل الاحتباس الحراري الذي سيُهدّد حياة النباتات والحيوانات، كما ستنهار السدود التي أقامتها الحكومة لاحتواء فيضانات نهر المسيسبي، فضلاً عن التعرُّض لقضايا اللاجئين الذين سيتخلّون عن ديارهم بسبب هذه الكوارث المتلاحقة.
وبالمثل، تزامنت هذه الكوارث مع توصّل البشر إلى العديد من المخترعات، والتي لم تكن متاحة حينها للجمهور، مثل شيوع وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام المواطنين للكاميرات عالية الجودة.
في تلك الرواية التي ألّفها الكاتب الإنجليزي جون برانر عام 1968م، تخيّل شكل الحياة عام 2010م.
تتشابه الحياة التي تخيّلها جون بشكلٍ مُدهش مع الكثير من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي نعرفها اليوم، بعدما تنبأ بتشكيل الاتحاد الأوروبي، وتعرّض الولايات المتحدة لأزمة اقتصادية كبيرة، بخلاف تصاعد موجة الإرهاب وتهديدها للعالم بأسره.
أيضًا، تنبأ جون بأن العالم سيكفّ عن محاربة المثليين وسيعترف بأحقيتهم في الزواج، وهو ما شاهدنا أول إرهاصاتها بقرار المحكمة العليا الأمريكية بالسماح بزواج المثليين عام 2015م.
عام 1863م، فرغ جول فيرن من كتابة روايته الجديدة التي جاءت في مجال الخيال العلمي الذي تخصّص فيه فيرن.
رغم الانتهاء منها، رفض فيرن نشر الرواية وأبقاها حبيسة الأدراج، لأنه اعتقد أنه شطَ في خياله كثيرًا وأن هذه الرواية لن تُعجب الجمهور مثل أعماله السابقة.
بقيت تلك الرواية طيَّ الكتمان 131 عامًا ولم تُنشر إلا عام 1994م.
فما هي تلك الأحداث التي تنبأ بها فيرن واعتقد أنها مبالغ فيها؟
تخيّل فيرن أن البشر في مستقبله سيهتمون بالتكنولوجيا أكثر من الأدب، لذا سيبتكرون بريدًا إلكترونيًا للتواصل مع بعضهم كما سيضعون أجهزة إنذار ضد السرقة في كل منزل.
في المقابل،سيقلُّ الإقبال على المسارح وعلى القراءة لدرجة أن بطله الأديب كان يتضوّر جوعًا من عدم قُدرته على بيع أشعاره.
كما اعتقد أن المستقبل سيشهد الاستعانة بالغواصات لعبور المحيطات، وكذلك سيتمكنون من الوصول إلى القمر عبر مراكب خاصة.
كان فيرن مخطئًا عندما اعتقد أنه بالغ في توقعاته، أليس كذلك؟
روايات تنبأت بالمستقبل بشكلٍ صحيح
كتب تنبأت بالمستقبل بشكلٍ مخيف