مصاعد القاهرة القديمة | حكايات المَلكية والبصل والثوم وقانون الإيجار القديم | ترجمة في دقائق

مصاعد القاهرة القديمة | حكايات المَلكية والبصل والثوم وقانون الإيجار القديم | ترجمة في دقائق

28 Sep 2021
مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

نقلاً عن مقال نيويورك تايمز “مصاعد القاهرة العتيقة الرائعة.. مشاهد حُب وخوف


تُعدُّ مصاعد القاهرة القديمة الخشبية ذات الأبواب الحديدية المكشوفة واحدة من أقدم معالم عمارات وسط القاهرة أو وسط البلد بحسب الوصف المحلي المصري.

مَن شاهد فيلم عمارة يعقوبيان (عمارة قديمة في وسط القاهرة)، لن ينسى أبدًا مشهد عادل إمام وهو يصرخ في سكان العمارة يتهمهم بالكسل.

نسي أحد السكان الباب مفتوحًا، فتعطّل الأسانسير عن العمل. هذا المصعد من طراز عتيق جدًا، جميل الشكل لكنه غير مزوّد بدائرة كهربية تغلقه أوتوماتيكيًا ولا بوسائل أمان فعّالة.

ما حكاية مصاعد القاهرة العتيقة؟ وكيف بقيت تعمل رغم مرور عشرات السنوات على تصنيعها؟


هاجر محمد: المصاعد القديمة تخيفني

تعيش هاجر محمد (28 عامًا) في أحد شوارع وسط البلد، تقطن في الطابق السادس ورغم ذلك ترفض ركوب الأسانسير، وتفضل الصعود والنزول على ساقيها.

برغم مظهره الأنيق؛ خشبه اللامع البرّاق وبوابته الحديدية المزخرفة إلا أنه يعاني من الشيخوخة، ولا يكف عن الأزيز كلما تحرّك صعودًا أو هبوطًا.

مصاعد القاهرة القديمة

لدى هاجر ذكرى سيئة مع المصعد حين ركبته ذات مرة، وبعدما ارتفع توقّف في المنتصف ورفض الاستجابة لأوامر النزول أوالصعود، وقتها فشل جميع السكان في إصلاحه، وتطلّب الأمر تدخلاً خارجيًا.

تقول هاجر: أعيش الآن على بعد خمس طوابق بلا مصعد، إنها حياة مرهقة لكنّي مضطرة إليها”.

الحاج محمد فيلهلم | قيصر ألمانيا أحيا دعوة “الجهاد” بعدما قتلها العثمانيون | الحكاية في دقائق

المصاعد القديمة: معجزة وسط القاهرة

عمارات وسط البلد المنشأة على طراز أنيق، مثلها مثل مصاعد القاهرة العتيقة شاهدة على الحقبة الملكية حين كان المهندسون الأوروبيون يتكالبون على تعمير القاهرة.

ولّت هذه الأيام بلا رجعة، ومعها راحت تتآكل مساحة “اللمسة الأوروبية” في المعمار تدريجيًا. وحدها عمارات وسط البلد التي قاومت هذا التغيير حتى الآن.

وسط البلد

لم تكن هذه المقاومة كاملة؛ صحيح أن العمارات احتفظت بواجهاتها العتيقة إلا أن بعضها من الداخل تخلّى عن العراقة لصالح الحداثة، وهو ينطبق بأبرز ما يكون على المصاعد.

تخلت البنايات عن عشرات -إن لم يكن المئات- من مصاعد القاهرة العتيقة الخشبية لصالح أخرى معدنية حديثة مغلقة من جميع الجوانب.

لا يُوجد إحصاء دقيق لما تبقّى من مصاعد القاهرة القديمة في العمارات، لكن بعضها يزيد عُمره عن قرنٍ.

بعض هذه المصاعد لا تزال تحمل اللوحات النحاسية الأصلية التي وُضعت خلال تركيبها لأول مرة منذ عشرات السنوات؛ كتبت هذه اللوحات بالفرنسية وأشارت إلى عددٍ من أكبر شركات توريد المصاعد في العالم مثل “ستيجلر” و”شندلر”.

لوحة أحد المصاعد

يقول محمد حسن، مهندس في شركة مقاولات مسؤولة عن إعادة تأهيل مباني وسط البلد: كون هذه المصاعد تعمل حتى الآن معجزة في حد ذاته.

بينما يقول محمود رشاد، حارس عمارة في الزمالك: هذه المصاعد القديمة تحفة فنية، أي أحد يركبها يشعر بأنه عاد بالزمن إلى الوراء.

طفولة بائسة وزوج يرى “الست ملهاش إلا المطبخ”.. ألغاز مارلين مونرو حية وميتة | الحكاية في دقائق

لماذا بقيت حتى الآن؟

تختلف دوافع إبقاء سكان العمارات على تلك النوعية من المصاعد حتى هذه اللحظة.

بعض ملاك الشقق يعتبرون أنها “قطعة فنية” لا يجوز التفريط فيها، وأنها باتت من علامات منزلهم الأساسية.

وآخرون لا يستبدلونها لأنهم لا يمتلكون ثمن المصاعد الحديثة بكل بساطة.

وهو ما يجعل مصاعد القاهرة العتيقة تدين بالفضل لقانون الإيجار القديم، الذي يُطبّق على ربع إيجارات عمارات القاهرة تقريبًا، وسمح لمستأجر الشقة في منطقة حيوية كوسط البلد بالعيش فيها مقابل مبلغ شهري يوازي 3 دولارات تقريبًا.

وهو ما أتاح لعددٍ كبير من “محدودي الدخل” بامتلاك شُقق في أعرق أحياء القاهرة.

موكب المومياوات الملكية | 22 ملكًا يعرضون تاريخ مصر في شوارع القاهرة | ألبوم صور في دقائق

العراقة ليست كل شيء، عيوبها قاتلة

برغم كل شيء تبقى تلك المصاعد من أقدم الطُرُز التي قدمتها الصناعة الأوروبية في هذا المجال.

ورغم اعترافنا بأن استمرارها في العمل حتى اليوم أمر طيب إلا أن هذا لا يعني أنها خالية من المشاكل.

في كل مرة يستعمل فيها أحد هذه المصاعد، سيظل يترنّح طوال الطريق يمينًا ويسارًا بسبب ضعف التثبيت، ومن الوارد جدًا أن يستقبل “خبطة” قوية فور وصول المصعد إلى وِجهته النهائية.

مصاعد القاهرة العتيقة

لا توفر هذه المصاعد الكثير من الخصوصية، ما يجعلك متاحًا للمشاهدة طوال الصعود والهبوط.

كما أنها تفتقر إلى الأمان؛ فإذا نسي شخص إغلاق الأبواب بشكلٍ صحيح سيكون عليك الصعود إلى الدور وغلقها بنفسك، وهو الخطر الذي يستمر معك طوال رحلتك.

فلو فتح أي شخص باب المصعد، ولو بشكلٍ غير مقصود، سيتوقفّ بك أينما كنت!

تقول هناء عبدالله (68 عامًا)، متزوجة من حارس عقار في وسط البلد، إن المصعد يُعاني من الإهمال بعدما هاجر ورثة البشوات أصحاب الشقق إلى المدن الجديدة.

وتكشف أن العمارة باتت شبه فارغة ولا يستخدم أحد الأسانسير؛ لذا تجاسرت على تعليق عناقيد الثوم والبصل في كابلات المصعد لتحظى بتهوية دائمة لا تجدها في غرفتها الخانقة، كأحد أشكال الاستفادة من المصعد المعطل منذ سنوات.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك