عندما اندلع صراع المخدرات في ريو دي جانيرو في الثمانينيات، كانت الثورة الإنجيلية في البرازيل لا تزال في بدايتها. لذلك، كان رجال العصابات حريصين على الصلاة بانتظام للآلهة الأفرو برازيلية مثل إله الحرب؛ طلبًا للحماية والبركة.
حينها، كان رؤساء عصابات المخدرات يترددون على المعابد الأفروبرازيلية، وبنوا الأضرحة لأوريكساس، وارتدوا العقود لإظهار إخلاصهم لعقيدتي أومباندا وكاندومبلي.
مع الوقت، ومع ظهور جيل جديد من رجال العصابات تأثر بالدعاة الخمسينيين، استبدلت العصابات العديد من هذه المقدسات "الوثنية" بمنحوتات من الأناجيل وجداريات للعشاء الأخير.
تقول الأكاديمية كريستينا فيتال، التي أمضت ما يقرب من 30 عامًا في دراسة تقدم الكرازة في أرض العصابات في ريو، إن المهربين اعتنقوا المسيحية، رضوحًا لتسونامي التبشير الإنجيلي الذي اجتاح المجتمع البرازيلي خلال تلك الفترة، موضحة أن الإنجيليين يشغلون الآن مناصب رئيسية في عالم الجريمة، تمامًا كما فعلوا في الإعلام والسياسة والقضاء والثقافة.
أصبح للقساوسة نفوذًا كبيرًا على رجال العصابات في مئات الأحياء الفقيرة في ريو، التي يسيطر عليها مسلحون من عصاباتها الرئيسية الثلاث: القيادة الحمراء (CV)، وأصدقاء الأصدقاء (ADA)، والقيادة الثالثة النقية (TCP).
ونتيجة تدين رجال العصابات، فقد أعطوا لمنتجاتهم وتجمعاتهم طابعًا دينيًا مسيحيًا خمسينيًا، فقام أباطرة المخدرات بتزيين حزب الكوكاكين والأسلحة وملابسهم بنجمة داود، في إشارة إلى الاعتقاد الخمسيني بأن عودة اليهود إلى إسرائيل تمثل تقدمًا نحو المجيء الثاني.
كما دونوا آيات من الإنجيل ورسموا جرافيتي مسيحيا من أجل الإرشاد الروحي ونيل الثناء السماوي.
أكثر مكان يظهر فيه التبشير المسيحي في ريو هو "مجمع إسرائيل"، وهو عبارة عن مجموعة من خمسة أحياء فقيرة بالقرب من المطار الدولي يحكمها Peixão (السمكة الكبيرة)، وهو واعظ تحول إلى بائع مخدرات يأخذ لقبه من أسماك "يسوع"، وتعرف قواته باسم "جيش الله الحي".
تكريمًا لكبير رجال العصابات المنطقة، تظهر لوحة جدارية للشخصية الكرتونية Fishtronaut عند أحد المداخل، مؤطرة بسطر من المزمور 33: "طوبى للأمة التي إلهها الرب".
وهناك في المجمع، تظهر نجمة داود المصنوعة من اللمبات النيون، والتي يمكن رؤيتها ليلًا من أميال بعيدة، والموجودة على برج يعتبر من أعلى نقاط المجمع.
في مكان قريب، على نتوء متجه جنوبًا نحو تمثال المسيح الفادي في ريو، يوجد كتابات من الإنجيل تقول: "أنقذني يا رب من الإنسان الشرير"، و"احمني من رجال العنف الذين يبتكرون خططا شريرة في قلوبهم ويثيرون الحرب كل يوم".
بسبب حالات العنف تجاه المعابد الأفرو برازيلية من قبل رجال العصابات، فقد تسبب ذلك في حظر الاحتفالات الأفرو برازيلية في مجمع إسرائيل.
إلا أن بعض السكان يقولون إن عقيدة رجل العصابات التي تتضمن الحفاظ على الشوارع منظمة ومضاءة، وقيامهم بالأعمال الخيرية، ومحاربتهم للسب وتعاطي المخدرات بين أفراد العصابات والتركيز على النمط العسكري في الانضباط، حسَّن الحياة في الحي الذي أهملته الدولة لفترة طويلة.
قال جوجو رود، مغني الراب المحلي الذي يتغنى بالحياة في مجتمع يحكمه رجال عصابات يخشون الله: "هناك نظام في الأحياء الفقيرة".
يعترف أفراد العصابات في ريو بأن أسلوب عملهم الوحشي في كثير من الأحيان يتعارض مع الكتاب المقدس الذي يقولون إنهم يتبعونه.
أحد كبار المهربين اعترف أن تجارة المخدرات عمل شرير ينطوي في بعض الأحيان على أعمال عنف مروعة، لكنه زعم أن إيمانه ألهمه لتقليل الهمجية، من خلال محاولة إقناع زملائه المجرمين بعدم قتل بعض الناس، والاكتفاء بمعاقبتهم.
في حالات تصفية الخائن، يتم ربط يديه ببعضهما البعض، كما لو كان في الصلاة، ثم يتم إطلاق الرصاص عليه من مسافة قريبة على يديه لتحطيمهما بدلًا من قتله.
المسيح والكوكايين: عصابات الرب في ريو تمزج بين الإيمان والعنف (الجارديان)