في 700 قبل الميلاد، سمى اليوناني بيزاس الميجاريان المنطقة بِاسم "بيزنطة"، وعاش فيها مجموعة صغيرة من اليونانيين حتى 300 قبل الميلاد.
في 330م، أعلن الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول أن بيزنطة ستكون "روما الجديدة"، فحوّلها إلى القسطنطينية، بعدما منحها اسمًا مشتقًّا من اسمه.
ازدهرت بيزنطة القديمة تحت الحكم الروماني لأكثر من ألف عام، وحافظت على تماسكها برغم انهيار مناطق أخرى من الإمبراطورية الرومانية.
يقول كورنيل فلايشر، أستاذ القانون التركي العثماني والدراسات التركية الحديثة في قسم لغات وحضارات الشرق الأدنى بجامعة شيكاغو، إن حكام البندقية غزوا البندقية خلال حملة صليبية مسيحية، وحكموا المنطقة من 1204 إلى 1260 م.
وبخلاف ذلك، ظلت الإمبراطورية في أيدي الرومان ومركزًا لدولتهم حتى دخول العثمانيين عام 1453.
عقب تمدد الدولة العثمانية في البلقان وشمال غرب الأناضول، والمعروفة باسم آسيا الصغرى، فيما يُعرف اليوم بتركيا، أصبح الاصطدام بالبيزنطيين حتميًّا.
يقول فلايشر: حلم العثمانيون بغزو المدينة الرومانية لفترة طويلة جدًا، ارتبط ذلك بتبشير النبي لفاتح القسطنطينية بمكانةٍ عظيمة في الإسلام.
بدأت المحاولات العثمانية لغزو المدينة بداية من أواخر القرن الثالث عشر. لم تنجح واحدة منها إلا على يدي السلطان محمد الثاني (محمد الفاتح).
حاصر السلطان محمد المدينة 55 يومًا، قصف فيها جيشه دفاعاتها برًّا وبحرًا حتى سقطت بين يديه في 29 مايو 1453.
بعد دخول العثمانيين تدهورت أحوال المدينة بشكلٍ كبير، فوفقًا لسجلات التعداد أصبح عدد سكان القسطنطينية 30.000 شخص فقط بعد استيلاء السلطان العثماني عليها.
بعد فترة وجيزة من دخول العثمانيين. جرت عمليات إعادة توطين وبناء على أعلى مستوى، حتى أصبح عدد السكان 400.000-500.000 شخص خلال قرنٍ واحد.
وبدلاً من تفكيك القطع الأثرية الدينية الموجودة مسبقًا بالكامل، احتفظت الإمبراطورية العثمانية بهياكل المدينة المعمارية - مثل الأعمدة الكبيرة - حتى عند تحويلها من كنائس ومعابد يهودية، إلى مساجد.
كان عهد سليمان القانوني من أفضل العصور للمدينة، حيث قام ببناء الكثير من المدارس والمساجد على شكلٍ معماري مميز، امتدَّ لاحقًا إلى كافة أرجاء الإمبراطورية.
لا نعرف تحديدًا متى أصبحت القسطنطينية بالضبط عاصمة للإمبراطورية العثمانية.
فعلى مدار تاريخ الدولة العثمانية، تمركزت القوة في العديد من المدن، مثل "بورصة" التي أصبحت العاصمة الفكرية والروحية للإمبراطورية بحلول القرن الخامس عشر.
يقول فلايشر، إنه مع إعادة بناء القسطنطينية وبناء المساجد والجامعات الكبرى، انتقل مركز القوة إليها بحلول منتصف القرن السادس عشر.
فنظرًا لموقعها الجغرافي المهم في قلب أوروبا وآسيا، وإحاطة البر والبحر بها، تميزت القسطنطينية بموقع جغرافي ممتاز لم يتح لها فقط أن تكون مركز نشاط ثقافي وديني، ولكن أيضًا كمركز تجاري.
أصبحت القسطنطينية مركزًا لشبكة موسعة من طرق التجارة، تم تعزيزها من خلال بناء الخانات التي كانت عبارة عن نزل للتجار على طول الطريق من إيران إلى حدود ما يعرف الآن بالنمسا.
يقول فلايشر: ظلت القسطنطينية منطقة ذات أغلبية غير مسلمة- بها يهود ومسيحيون- حتى القرن السادس عشر.
بعد استحواذ العثمانيين على المدينة، حافظت القسطنطينية على اسمها حتى أوائل القرن العشرين، عندما انهارت آخر بقايا الإمبراطورية العثمانية وبدأت الجمهورية التركية.
بعد هذا التحول، أصبحت المدينة معروفة رسميًا باسم "اسطنبول"، وهو الاسم المشتق من العبارة اليونانية "ستانبولين" والتي تعني "المدينة".
وكان هذا الاسم هو الاسم الدارج بين السكان لسنوات عديدة قبل تغيير الاسم الرسمي، وكان يبدلون بين اسطنبول والقسطنطينية حسب الحالة، وقد أطلق العديد من السكان على الجزء القديم من المدينة اسم "ستامبول" في القرن التاسع عشر.
استمرت المدينة في جذب السياح لتراثها متعدد الثقافات ووفرة المواقع المعمارية الدينية المختلفة. ومع ذلك، فإن نظام رجب طيب أردوغان فضل أن تكون مدينة مخصصة إلى حد كبير للمسلمين الأتراك السنة، وفقًا لما ذكره فلايشر.
يقول فلايشر إن النتيجة النهائية لذلك تقلص عدد المسيحيين واليهود بشكل كبير في عهد أردوغان، وحرمانها من التنوع الثقافي الذي طالما تمتّعت به.