هل يحق للرئيس التركي قانونيًا وسياسيًا تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد؟
أليس تغييرًا لوضع استقرت عليه الأمور وعليها دخل الأثر إلى قائمة اليونيسكو؟
أم أنه مجرد ممارسة للسيادة داخل بلده؟
كيف يفسر كل من مؤيديه ومعارضيه الموضوع دينيا وسياسيا؟
🔊 ضيوفنا في مناظرة دقائق لهذا الأسبوع:
* عمرو فاروق – الباحث في الشأن التركي وأمين عام مساعد حزب الوسط
* محمود لطفي -الداعية السلفي
المناظرون
(2)
تلاعب بمشاعر المسلمين
عمرو فاروق، الأمين العام المساعد لحزب الوسط وباحث في الشأن التركي
من يؤيد حق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، يدفع بأن السلطان محمد الفاتح قد اشتراه بعد فتح القسطنطينية، وهو كلام غير صحيح.
لكن، وبعيدًا عن أن أي محتل لأرض جديدة لا يشتري أصولًا تخص الدولة التي غزاها أو فتحها، لكن لنتجاوز ما حدث في عهد الفاتح أو مصطفى كمال أتاتورك الذي
تلاعب بمشاعر المسلمين
عمرو فاروق، الأمين العام المساعد لحزب الوسط وباحث في الشأن التركي
من يؤيد حق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، يدفع بأن السلطان محمد الفاتح قد اشتراه بعد فتح القسطنطينية، وهو كلام غير صحيح.
لكن، وبعيدًا عن أن أي محتل لأرض جديدة لا يشتري أصولًا تخص الدولة التي غزاها أو فتحها، لكن لنتجاوز ما حدث في عهد الفاتح أو مصطفى كمال أتاتورك الذي حول الكنيسة لمتحف، فهو لا يهمنا الآن.. ما يهمنا هو الظرف والسياق الحالي وخطوات أردوغان وتبعاتها.
السبب الذي قد يكون وحيدًا لدفع أردوغان لتحويل متحف أو كنيسة إلى مسجد هو مداعبة مشاعر المسلمين داخل تركيا وخارجها، بعد فقدانه الكثير من رصيده خلال الفترات الأخيرة.
أردوغان كان رمزًا وأيقونة للتطوير والإصلاح الفكري السياسي الإسلامي، خاصة وأنه يمثل مدرسة إسلامية، لكنه بمرور الوقت تحول إلى حاكم يريد أن يتشبث بالسلطة. الآن هو لا يرى أو يسمع أصواتًا غير أصوات مؤيديه، ولا يتلفت إلى المعارضين. أردوغان كان نموذجًا اختلفنا عليها أو اتفقنا، أثار حديثًا لدى كل القوى والشعوب الإسلامية، باعتباره يقدم رؤية إسلامية.
منذ توليه السلطة، نجح في مداعبة مشاعر المسلمين وحقق الكثير من طموحاتهم المتعلقة بالإسلام والمسلمين والتي كانت غائبة عنهم لفترات طويلة. الآن هو يتلاعب بها. يتلاعب بها لأنه ذكي للغاية ويعرف أنه فقد الكثير من رصيده الداخلي وكذلك على المستوى الدولي وأوروبا وروسيا. هذه ليست المرة الأولى. هو يلعب على تلك النقطة منذ البداية.
هل نجح؟
أظنه نجح على الأقل داخليًا. أما خارجيًا، ففي الأمر تفاصيل أخرى غائبة عنا. كنيسة آيا صوفيا مسجلة لدى اليونسكو والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة كمتحف وأثر تاريخي، لا يمكن تحويلها إلى مسحد مجددًا. خلال الثمانية عقود الماضية تغيرت الناس وتغيرت الدول.
لكن يحق لأردوغان اتخاذ قرار كهذا؟
كان الرئيس التركي ذكيًا في تلك الجزئية. هو لم يتخذ القرار بشكل منفرد. استصدر حكمًا قضائيًا، وهو ما يعني أنه على المستوى الداخلي من حقه أن يفعل ذلك. لكن على المستوى الأكبر لا يجوز تحويله، ماذا عن تسجيله في اليونسكو؟ ليس لك الحق لتعويض ما فقدت من مصداقيتك أن تتخذ قرار مماثل!
لكن لم يكن لُيتخذ لو كانت نجحت مساعي أردوغان السياسية في الداخل التركي من قبل. كلنا رأينا التغيرات السياسية التي أجريت في تركيا خلال السنوات الأخيرة، لها دور، تركيا خاضت عمليتين انتخابيتين وفقد حزب العدالة والتنمية اسطنبول، ثم تحولت من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، التغيرات السياسية تلك كان لها غرض واحد، هو بقاء أردوغان في السلطة.
بعد فشل تلك المساعي بتغيراتها، الحل الوحيد المتبقي أمام أردوغان هو مداعبة مشاعر الناس، ولكن كيف يداعب مشاعرهم؟من خلال الأمور الخاصة بالإسلام والمسلمين. أردوغان بدأ يكرر الشعارات والقضايا الخاصة بتلك الجزئية في فترته الأخيرة بشكل حاد.
في النهاية، ما يفعله أردوغان خاطئ، ومن ناحية أخرى سيكون بالفعل ورقة ضغط في يد القوى الخارجية تستخدمها ضده وقتما شاءت، فالعلمانية أصبحت جزءا لا يتجزأ من طبيعة كل الأحزاب السياسية في تركيا، سواء كانت ليبرالية أو إسلامية أو يسارية، والتخلي عنها ليس في صالح تركيا خارجيا، خاصة وأنها تقدمت للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بناءً على هذه الجزئية.
هناك جانبان مهمان في القضية: الجانب الديني والجانب السياسي،
* الجانب الديني:
مسألة تحويل كنيسة أو متحف إلى مسجد هي مسألة تخضع لولاية كل دولة، وأنا أعرف أنها كانت مسجد قبل قدوم أتاتورك. لم يكن يقام فيها أية شعائر، وكانت مسجدًا لمئات السنين. انا دخلتها بنفسي حين لم تكن مكانًا للصلاة، كان بها صلبان وأ
أوروبا نفسها تفعل هذا
محمود لطفي - داعية سلفي
هناك جانبان مهمان في القضية: الجانب الديني والجانب السياسي،
* الجانب الديني:
مسألة تحويل كنيسة أو متحف إلى مسجد هي مسألة تخضع لولاية كل دولة، وأنا أعرف أنها كانت مسجد قبل قدوم أتاتورك. لم يكن يقام فيها أية شعائر، وكانت مسجدًا لمئات السنين. انا دخلتها بنفسي حين لم تكن مكانًا للصلاة، كان بها صلبان وأيات قرآنية.
المسألة كانت ستختلف لو كانت آيا صوفيا كنيسة بالفعل وتقام فيها الشعائر، ثم جاء أردوغان وأخرجهم منها، لكن الوضع ليس كذلك. فلنفترض أن أية دولة أوروبية وضعت يدها على مسجد ما، هل يحق لنا التدخل؟ لا طبعًا لا يحق لنا، ولن نستطيع أن نفعل شيئا إن أردنا، في النهاية هذه مسألة تخضع لولاية الدولة نفسها.
وأيضًا الكثير من الكنائس في أوروبا وأمريكا تشتريها الجاليات المسلمة من مواطني هذه البلاد ويحولونها إلى مساجد، ما فعله أردوغان ليس بعملٍ غريب، أو تفرد به. “بسطاء المسلمين ممن يحملون الجنسيات الأوروبية والأمريكية اشتروا كنائس مهجورة بالفعل وحولوها إلى مساجد، لماذا لم ينتقد أحد هذا!”.
اؤكد مرة أخرى، قبل الفتح الإسلامي كانت كنيسة نعم، ثم جاء محمد الفاتح وحولها إلى مسجد، ومنذ ذلك الحين بقيت مسجدًا لأكثر من ٥٠٠ عام، ثم تحولت إلى متحف وبقيت كذلك لأقل من عقد، “يعني ما تحولتش لمسجد وهي كنيسة بتقام فيها الشعائر الكنسية، أنا لما دخلتها مكنش فيها مكان للصلاة سواء للمسيحيين أو المسلمين”.
ولا أعتقد أن أي من الدول الأوروبية ستتدخل للاعتراض على القرار.
* الجانب السياسي:
تناول مسألة آيا صوفيا من المنظور الديني يفقدنا قطاعًا عريضًا من المتدينين المحايدين الذين استطاع أردوغان الوصول إليهم بتحويله المتحف إلى مسجد، وهو ما يعني أننا نحتاج إلى مواجهته بنفس الأسلوب من منظور آخر. إثارة المشكلات التي يفتعلها أردوغان في الدول العربية، سواء شمال العراق أو سوريا أو ليبيا أو تعرضه للخليج. بتلك الطريقة نستطيع أن نستميل من استمالهم، أما اقتصار الموضوع على مسألة تحويل كنيسة أو متحف إلى مسجد، فهذا لن يفيد وتلك قضية فرعية. “مش عاوزين نسيب المشكلة الكبيرة ونركز على صغار الأمور”.
إذا كان أردوغان محقًا وصادقًا في توجهه الإسلامي وأنه يبحث عن الأفضل للمسلمين، فعليه أن يسحب مرتزقته من ليبيا ويتركها لليبيين يصرفون شؤونهم بأنفسهم، ولا مانع من أن يساعد مع جامعة الدول العربية لتصحيح الأوضاع هناك والعمل على الاستقرار، وعليه أيضا أن يرحل بجنوده عن شمال العراق وسوريا؛ حقنا للدماء، حينها سيكون قدم دليلا على صدق توجهه الإسلامي.
أما دخوله من ناحية الجانب الديني فقط، فهو غير مقنع “كدة بيلعب على أمور شكلية، وفي نفس الوقت يضعف شوكة المسلمين في أماكن أخرى تانية مثل سوريا أو مصر أو شمال العراق والخليج”.