بعد عشرات الأعوام من ظهورها وتبنيها حماية القيم والأخلاق في المجتمع، وإرجاع كافة أمور الحياة إلى الدين. هل نجحت “الصحوة الإسلامية” في جعل مجتمعاتها أفضل أخلاقا.
هل جعلت الشارع في بلادها نموذجا مشرقا في العالم؟
أم أن ما حدث العكس؟
🔊 ضيوفنا في مناظرة دقائق لهذا الأسبوع:
🎙عبدالله رشدي – الداعية الأزهري صاحب التواجد الكثيف على السوشال ميديا
🎙نبيل نعيم – مؤسس تنظيم الجهاد في مصر
🎙عبد السميع جميل – الباحث في حركات الإسلام السياسي
المناظرون
(3)
الأخلاق مسؤولية الشريعة
عبدالله رشدي - داعية أزهري
ليست الصحوة الإسلامية هي من تتحمل مسؤولية الأخلاق في المجتمع، بل أحكام وآداب الشريعة الإسلامية التي تساهم في تحسين صورة المجتمع وحراسة الأخلاق فيها.
لا يوجد ما يسمى بالتدين الظاهري حتى. التدين شيء واحد، فيه بعض الأحكام الظاهرية وبعض الأحكام من القلب. لكن البعض ممن لا يستطيع التمسك بالأحكام الظاهرية
الأخلاق مسؤولية الشريعة
عبدالله رشدي - داعية أزهري
ليست الصحوة الإسلامية هي من تتحمل مسؤولية الأخلاق في المجتمع، بل أحكام وآداب الشريعة الإسلامية التي تساهم في تحسين صورة المجتمع وحراسة الأخلاق فيها.
لا يوجد ما يسمى بالتدين الظاهري حتى. التدين شيء واحد، فيه بعض الأحكام الظاهرية وبعض الأحكام من القلب. لكن البعض ممن لا يستطيع التمسك بالأحكام الظاهرية يهاجم التدين الظاهري.
أما ما نراه من تناقضات لدى بعض جمهور الدعاة مثلًا، فيما يتعلق بالهجوم غير الأخلاقي أو استخدام الألفاظ المسيئة، فكل شخص في هذا المعسكر أو المعسكر المقابل يتحمل وزره. لكن ينبغي أن نراعي أن هناك من يجتزئ الكلام من سياقه ولا يضعه في صورته الكاملة.
يمكن أن أعتبر أن الأخلاق ساءت أكثر منذ خروج الصحوة الإسلامية. بجانب بعض العوامل الأخرى، مثل العامل الاقتصادي وانتشار البطالة والظلم الاجتماعي والاحتقان السياسي، هناك أيضا التجارة بالدين والتي بدأتها تلك الجماعات. بمعنى استغلال الدين كمطية ولاستغلال الناس والنصب عليهم والدجل وإيهامهم أن الله يقف لهم
تاجروا بالأخلاق
الدكتور نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد في مصر
يمكن أن أعتبر أن الأخلاق ساءت أكثر منذ خروج الصحوة الإسلامية. بجانب بعض العوامل الأخرى، مثل العامل الاقتصادي وانتشار البطالة والظلم الاجتماعي والاحتقان السياسي، هناك أيضا التجارة بالدين والتي بدأتها تلك الجماعات. بمعنى استغلال الدين كمطية ولاستغلال الناس والنصب عليهم والدجل وإيهامهم أن الله يقف لهم بالمرصاد “هيطلع عين أبوهم”.
ما فعلوه جعل الكثير من الناس ينصرفون عن الدين ويلهون عنه، وقتل الثقة في الجماعات الدين السياسي. ما حدث على مدار الأعوام السابقة هو متاجرة بالأخلاق.
نرى اليوم دعاة يبررون يمثلون هذا النموذج، من يقول أن رداء الفتيات سبب يؤدي إلى التحرش فهذه تسمى سقطة أخلاقية لا يوجد تبرير للمعصية، على سبيل المثال لو افترضنا أن هناك بيت دعارة، هل من المبرر حينها أن أدعوا الناس للزنا؟؟ من يفعل هذه عذره أقبح من ذنبه.
في النهاية جماعات الإسلام السياسي ساهمت في انهيار أخلاق المجتمع لا حافظت عليها أو طورتها، “الناس حست ان الجماعات دي تجار الدين هدفهم الوصول للحكم والنفوذ واستغلال الدين للاستحواذ على الدنيا”.
الصحوة الدينية ساهمت في تراجع أخلاق المجتمع من وجهة نظري لعدة أسباب:
أولًا: تصديرها للوعظ الديني باعتباره الأداة السحرية الوحيدة القادرة على إصلاح أخلاقيات المجتمع، وهذا غير صحيح، لأن هناك أسبابا أخرى أهم، ولأن الدين سلاح ذو حدين؛ يمكن أن يجعلك تفعل كل الشرور وأنت مرتاح الضمير، كما يمكن أن يجعلك أيض
فشل نموذج الصحوة الأخلاقي
عبدالسميع جميل، باحث في حركات الإسلام السياسي
الصحوة الدينية ساهمت في تراجع أخلاق المجتمع من وجهة نظري لعدة أسباب:
أولًا: تصديرها للوعظ الديني باعتباره الأداة السحرية الوحيدة القادرة على إصلاح أخلاقيات المجتمع، وهذا غير صحيح، لأن هناك أسبابا أخرى أهم، ولأن الدين سلاح ذو حدين؛ يمكن أن يجعلك تفعل كل الشرور وأنت مرتاح الضمير، كما يمكن أن يجعلك أيضًا تمتنع عن هذه الشرور تمامًا ويصنع منك إنسانًا نافعًا صالحًا، والمؤسف أن النسخة الدينية المنتشرة في مجتمعاتنا العربية الآن بسبب ما يسمى بالصحوة الإسلامية، في نسختها التي حدثت في السعودية أو في مصر، هي من هذا النوع الذي يفسد أكثر مما يُصلح!، فضلًا عن كون إصلاح المجتمعات لا يعتمد على الوعظ الدين وحده من الأساس.
ثانيًا: النسخة الدينية التي اعتمدتها تيارات الصحوة اهتمت بالمظاهر الدينية أكثر من أي شيء آخر، فصدرت شعارات الحجاب واللحية والجلباب والطقوس الدينية كعلامات على وجودهم وانتشارهم وسيطرتهم على المجتمع، كونهم تيارات سياسية من الأساس تبحث عن الدعاية لا الهداية.
ثالثًا: فشل تيارات الصحوة في تقديم نموذج أخلاقي واحد يثير إعجاب واحترام الناس، فكان شأن سلوكهم السياسي شأن أحط التيارات السياسية الوصولية من نفاق ونصب باسم شركات توظيف الأموال، وتورط في جميع أشكال الكذب والخداع وتبرير الانحرافات الجنسية والبذاءات اللفظية والفوضى والعنف والإرهاب والاستبداد.
رابعًا: منطق الخطاب الديني المعتمد داخل تيارات الصحوة بشقيها السلفي والإخوان يلتزم بمفاهيم دينية مغشوشة ومخدرة للضمائر، تقدم الشعائر والطقوس على القيم الأخلاقية، وتجعل من تلك الطقوس الشكلية عصا سحرية لمحو سيئات كل الأعمال الأخلاقية الفاسدة!.
فالصلاة والصيام والحج والعمرة والشهادتين وبعض الأذكار كفارات للذنوب والكبائر، فمن صلى عليَّ عشرا وجت له شفاعتي، وشفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، والجمعة إلي الجمعة كفارة لما بينهما، ومن صام رمضان غفر له ما تقد من ذنبه، ومن حج ولم يرفث خرج من خطاياه كيوم ولدته أمه، وما من عبد قال: لا إله إلاَّ الله ثم مات على ذلك دخل الجنة!… وإن زنا وإن سرق رغم أنف أبى ذر!.
هذا الخطاب يبرر الفحش ويُميت الضمائر طالما التزم صاحبها بتلك الطقوس، بينما خطاب تقديم القيم الأخلاقية على الشعائر الشكلية، اختفى تمامًا مع تلك الصحوة المزعومة.
فإذا كنا نرفض المنطق اليساري الذي يميل إلى تقديم العوامل الاقتصادية دائمًا لتفسير أي مشكلة اجتماعية، كونه يبرر تراجع أخلاقيات المجتمع بحجة الفقر والظلم السياسي بالضرورة!، فنحن نرفض أيضًا المنطق الديني في معالجة نفس القضية، لأن هناك عامل آخر أكثر تأثيرًا في ضبط سلوك المجتمعات هو القانون، ومن المؤسف أن يتم التحايل على هذا القانون بهذا المنطق اليساري التبريري، وبتلك الثقافة الدينية الوهابية المغشوشة.