نظرية التطور | اكتشاف “دراجون مان” يفرض مراجعة فهمنا لمسار التطور البشري | س/ج في دقائق

نظرية التطور | اكتشاف “دراجون مان” يفرض مراجعة فهمنا لمسار التطور البشري | س/ج في دقائق

28 Jun 2021
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

إذا فكرنا في قصة التطور البشري كلعبة بازل لا تكتمل أبدًا، فالإكتشافات الأخيرة في الصين وإسرائيل تمثل قطعة ذهبية يقول الباحثون إنها قد تحل اللغز وتكمل السطور الناقصة في القصة.

أزمة الحلقة المفقودة في التطور البشري ظهرت عندما درس علماء الجينات الحمض النووي لإنسان النياندرتال Neanderthal – الذي سكن أوروبا منذ 350,000 عام.

ومن مقارنة حمضه النووي مع الإنسان العاقل Homo Sapiens، افترض العلماء ضرورة وجود جنس بشري آخر أطلقوا عليه “البشر المفقودين” أو “الإنسان إكس” يمثل حلقة وصل مع الإنسان العاقل عن طريق تزاوج مفترض حدث منذ أكثر من 200,000 عام.

لكن الباحثين لم يعثروا أبدًا على آثار أو حفريات واضحة تدعم فرضية البشر المفقودين. لتبقى بمثابة ثغرة في قصة تطور البشر.

الجديد هنا أن الاكتشافات الأخيرة في إسرائيل فتحت الباب لحل لغز البشر المفقودين.. خصوصًا مع ارتباطها مع اكتشاف أقدم ظهر في الصين عُرف في الأوساط العلمية بـ “جمجمة التنين”.

قصة الاكتشاف الأخير الذي سيغير رؤيتنا لقصة تطور البشر نعرضها عبر:

س/ج في دقائق


ما هي جمجمة التنين المكتشفة في الصين؟ 

في 1933، عثر الباحثون على جمجمة في الصين. لكنها لم تصل إلى العلماء إلا مؤخرًا، في بحث شارك فيه كريس سترينجر، أحد الخبراء الرائدين في مجال تطور البشر من متحف التاريخ الطبيعي في لندن.

الجمجمة تعود لنوع مختلف تمامًا من الأجناس البشرية القديمة، عاشوا في شرق آسيا منذ 146,000 سنة على الأقل.

ويقول الباحثون إنهم الأقرب للإنسان العاقل القديم – السلف المباشر للبشر حاليًا – من الأنواع الأخرى كإنسان النياندرتال والإنسان منتصب القامة Homo erectus.

سترينجر وصف “إعادة استشكاف الجمجمة” بأنها كشف عن فرع منفصل في مسيرة تطور البشر.. فرع تطور لمئات الآلاف من السنين وانقرض في النهاية، معتبرًا أنه الاكتشاف الأهم بين حفريات المليون سنة الماضية.

الأكثر دهشة أن الجمجمة قد حُفظت جيدًا لمئات القرون، بحيث يمكن دراسة كافة تفاصيلها بعناية من الباحثين.


لماذا تأخر استكشاف جمجمة التنين كل هذه السنوات؟ 

اكتشفت الجمجمة بالصدفة على يد عامل بناء، أثناء تشييد جسر على نهر سونغوا الذي يمر بمدينة هاربن بمقاطعة هيلونغجيانغ، والتي تعني حرفيًا “التنين الأسود”، ومنها جاء اسم الجمجمة.

في ذلك الوقت كانت المدينة تحت الاحتلال الياباني، فهرب العامل القطعة لإبعادها عن أيدي المحتلين لشعوره بقيمتها الأثرية، فأخفاها في قاع بئر مملوك لعائلته، حيث بقيت الجمجمة لمدة 80 عامًا، حتى أخبر الرجل أسرته بالأمر قبل وفاته، وفي النهاية وصلت إلى يد العلماء.

جمجمة الدراجون مان


ماذا كشفت الجمجمة؟

يصف العلماء الجمجمة بواحدة من أكثر حفريات الجماجم البشرية اكتمالًا.

الجمجمة ضخمة مقارنةً مع الجماجم متوسطة الحجم للأنواع البشرية الأخرى. لكن حجم المخ مقارب لحجم المخ لجنسنا البشري.

أما عن تفاصيل وجه “الإنسان التنين”، فهو يمتلك تجاويف عين واسعة تكاد تكون مربعة، وفم عريض، وأسنان كبيرة الحجم.

ويصف العلماء شكله بخليط عجيب من الصفات البدائية والصفات الأكثر تطورًا في الأنواع البشرية.

الدراجون مان


ما الثغرة التي تركها الاكتشاف؟

رغم روعة الأثر، لم يستطع العلماء معرفة أي شيء عن أسلوب حياة الجنس البشري الذي انتمى إليه صاحب الجمجمة؛، لأنها أزيلت من موقعها الأصلي، بالتالي لا توجد أي معلومات عن الأدوات التي استعملها أو أي عناصر ثقافية أخرى طورها، فكان الأمر بمثابة ثغرة جديدة في اكتشاف كبير.


كيف فك كشف لاحق شمال القدس الثغرة؟

كشفت حفريات في موقع الرملة، شمال القدس، والتي أجراها علماء إسرائيليون، عن جمجمة لنوع متميز في سلسلة التطور البشري لجنس عاش في المنطقة من حوالي 420,000 – 120,000 سنة مضت.

فحص الجمجمة أظهر أنها لا تنتمي إلى الإنسان العاقل (الهوموسابيان) ولا للإنسان النياندرتال، بل لمجموعة فريدة تقع في منطقة وسط بين النوعين.

وفي دراسة نشرها الباحثون في مجلة “science” توصلوا إلى حدوث تبادل جيني بين تلك المجموعة وبين مجموعات الإنسان العاقل القريبة منها لآلاف السنين.

اكتشاف الرملة دراجون مان

المثير كان عثور العلماء على مجموعة من حوالي 6,000 أداة حجرية في موقع الاكتشاف، صُممت بنفس الطريقة التي صنعها بها الإنسان العاقل المعاصر لها.

التشابه كان كبيرًا بما عزز الافتراض أن تفاعلهم معًا كان طويل الأمد. يبدو أن التبادل لم يتوقف عند حدود الجينات والتزاوج فقط، بل امتد ليشمل كيفية صنع الأدوات.

التنقيب كشف كذلك عن عظام حيوانات (غزلان، وخنازير، ونعام) تم صيدها وأكلها، والصادم كان استخدامهم النار للطهي، التي كشفتها نيران المخيمات التي تعود لنفس فترة الحفريات،

والعجيب أن نيران المخيم التابعة للموقع عثر عليها في الهواء الطلق خارج الكهوف التي تحمي النيران لفترة أطول، مما يعني مزيدًا من التحكم في إشعال النيران، وهو أقدم اكتشاف لنيران أشعلها الإنسان في الخلاء.


ما العلاقة بين الاكتشافين؟ 

يفترض العلماء أن الحفريات المكتشفة بمنطقة الرملة تمثل الحلقة المفقودة أو السكان المفقودين الذين تزاوجوا مع الإنسان العاقل منذ 200,000 عام، وأن “إنسان التنين ينحدر في الأساس من تلك المجموعة الفريدة التي ظهرت لأول مرة في الشرق الأوسط وخاصةً فلسطين.

تسمح تلك الاكتشافات الأخيرة بسد الكثير من الثغرات في قصة التطور البشري. لكنها تفتح مزيدًا من الأسئلة، بينها:

كيف تفاعلت تلك المجموعة مع الإنسان العاقل؟

وما علاقة ذلك بالتغيرات الثقافية والبيولوجية التي حدثت للجنس البشري (الـ هومو – Homo)  في تلك الفترة الحرجة من التطور البشري؟

لكن العلماء يتوقعون بعد تلك الاكتشافات الأخيرة مزيدًا من العمل الإضافي لكشف قصة التطور البشري.


لماذا تفرض الاكتشافات إعادة دراسة التطور البشري؟

كان يُعتقد حتى وقت قريب جدًا أن مسيرة تاريخنا التطوري كانت مباشرة، وصفها الرسم التخطيطي المعروف جيدًا: من قرد منحني على مراحل ليصبح إنسانا منتصب القامة.

مسار التطور البشري

لكن، يوميًا تقريبًا يصبح من الواضح أن المسار النظري المبسط خاطئ. التايمز اعتبرت الاكتشافات الجديدة دليلًا إضافيًا على حقيقة أن تاريخ التطور البشري أكثر تعقيدًا بكثير مما كنا نظن في البداية.

تفترض الصحيفة أن الإنسان العاقل كان ببساطة آخر الأنواع التي بقيت من شبكة من العديد من البشر، الذين غالبًا ما كانوا متداخلين.


هل هناك مصادر لمزيد من المعرفة؟

العلماء يشيدون باكتشاف “دراجون مان” المذهل (بي بي سي)

جمجمة ضخمة في بئر صيني تجبر العلماء على إعادة تقييم التطور البشري (الجارديان)

في الفهم سريع التغير لتطورنا: أن تكون إنسانًا (التايمز)

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك