منذ أواخر يناير 2020، تحولت عاصمة كندا – أوتاوا – لساحة انتظار مفتوحة لمئات الشاحنات التي أطلقت أصوات أبواقها المزعجة، ضمن ما يعرف بـ “قوافل الحرية” التي نظمها محتجون على قيود كورونا، بدرجة اضطرت رئيس الحكومة لمغادرة العاصمة.
قوافل الحرية توسعت لأبعاد ومطالب سياسية، ثم توسعت جغرافيًا لتصل تأثيراتها إلى الولايات المتحدة، ثم بدأت مظاهرات مماثلة في فرنسا، مع توقعات بتوسعات مقبلة.
فما الذي حدث؟ وكيف تطور الأمر؟ وإلى ماذا سيصل؟
س/ج في دقائق
من أين بدأت المشكلة؟
في أغسطس 2021، مع انتشار موجة كورونا الرابعة، طبقت كندا جوازات سفر اللقاحات. لكنها أجلت التطبيق على سائقي الشاحنات حتى 25 يناير.
التشريع يلزم سائقي الشاحنات الكنديين الذين يعبرون الحدود مع الولايات المتحدة، إما بالتطعيم، أو الخضوع للحجر الصحي بعد عودتهم.
في منتصف يناير، اجتمع سائقو الشاحنات في أوتاوا، وبدأوا احتجاجًا لرفض التشريع، بتمويل 10 ملايين دولار جمعوها من التبرعات لإطلاق ما يعرف بـ “قوافل الحرية”.
بإغلاق جسر أمباسادور، وهو الممر التجاري الرئيسي بين البلدين، وتعطيل حركة المرور عند معبر حدودي بين مونتانا وغرب كندا، توقفت حركة أكثر من 30% من التجارة بين البلدين، والتي تبلغ 600 مليار دولار سنويًا.
ورغم صدور حكم قضائي بإبعاد المتظاهرين قسرًا، فشلت الشرطة في تفريق المحتجين، الذين تزايد عددهم، وانضمت إليهم أسر كاملة بينهم أطفال، لتتوقف الحركة تمامًا.
نتيجة لذلك، قلصت العديد من المصانع إنتاجها بسبب صعوبة وصول المواد الخام.
لماذا تحولت إلى معركة بين اليسار واليمين؟
في حين أن شرارة “قوافل الحرية” كانت تدور حول قيود كورونا، فقد توسعت وأدرجت المزيد من الأعضاء والمطالب، واكتسبت دعمًا كبيرًا من القوميين والحركات اليمينية، وتمويلًا من الجماعات اليمينية الأمريكية.
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بدا بين أعلى المؤيدين صوتًا، وقال إن “قوافل الحرية احتجاج سلمي على سياسات مجنون اليسار المتطرف”.
وبانضمام رئيسة حزب المحافظين كانديس بيرغن لداعمي القافلة، بات ثلث الكنديين يؤيدون الاحتجاجات رغم تسببها في تعطيل مصالحهم.
لاحقًا، توسعت المظاهرات لتشمل باريس وبروكسل وأمستردام وغيرها، ليبدأ سياسيون “ليبراليون” في المطالبة بفك قيود كورونا، قبل أن تتوسع التغييرات السياسية.
على غرار حركة السترات الصفراء، كانت قوافل الحرية مدفوعة بالحرمان الاقتصادي والمشاعر المناهضة للحكومة وانعدام الثقة والاستياء من النخبة الليبرالية وحلفائها في ميديا المين الستريم.
وبحسب نفس المحللين، كان اليمين حاضرًا في الحالتين، حيث ظهرت مطالب “الحقوق والحريات” من أجل الاستفادة من المظالم الموجهة ضد سياسات اشتراكية على نطاق أوسع، وتوسيع قاعدتهم.
وعلى عكس قافلة السترات الصفراء، كانت قوافل الحرية فعالة في اجتذاب دعم جماهيري واسع، بل و”تعاطف” من الشرطة التي يقول يساريون إنها “أبدت تخاذلًا في وقف المظاهرات”.
الناشطة اليسارية إيما جاكسون تقول إن “اليمين يملك الآن الكثير من العوامل التمكينية التي قد تحول جائحة كورونا إلى لحظة تسييس تاريخية”.