امتلك البيزنيطون سلاحًا سريًا ضد أعدائهم، هو النار اليونانية، والتي لا يُمكن إطفاؤها حتى باستخدام الماء.
تمتعت النار اليونانية بقدرة على حرق كافة الأسطح، بما فيها الماء، وامتلكت قوة تدميرية هائلة فكانت تحرق الأعداء حتى درجة التحميص.
أثبت السلاح فعاليته الشديدة مرارًا، وأنقذ العاصمة البيزنطية، القسطنطينية، عدة مرات من الغزو، أشهرها الحصار الذي فرضه المسلمون عليها عام 678.
رغم هذه النجاعة العسكرية الشديدة فإن تلك التكنولوجيا النارية لم تخلُ من مخاطر.
فلم يكن مُطلق النيران يتمتّع بأي حماية تكفل له وقاية نفسه من اللهيب اليوناني، فكان ينال نصيبه من النار في أغلب الأحيان.
لا نملك إحصائيات عن عدد القتلى من مشعلي النيران اليونانية، لكن بلا شك كان هذا السلاح خطيرًا على مُطلقيه بنفس درجة خطورته على الأعداء.
عرفت حروب العالم ما يُسمّى بـ"حروب الحصار"، بصفة مستمرة.
فعندما يستعصي على أحد الجيوش القتال للظفر بمدينة ما، فإنه يفرض عليها حصارًا خانقًا يحرمها فيه من الطعام والماء لإجبار أهلها على الاستسلام.
من أجل هذه اللحظات العصيبة، اعتاد بُناء المدن الكبرى القديمة إحاطتها بأسوارٍ شديدة الضخامة، تحميها من ضربات المنجانيق والأسهم..
وهو ما خلق في كل جيش فرقًا عسكرية هندسية مهمتها الأساسية حفر الأنفاق تحت هذه الأسوار السميكة.
أعضاء تلك الفرق كانوا يستخدمون الفؤوس لضرب أساسات الأسوار حتى تنهار أو على الأقل فتح ثغرة بها تسمح بنسفها بالمتفجرات.تمهيدا لغزو جيشهم لها
هذه المهمة شديدة الخطورة؛ لأن الشيء الوحيد الذي يمنع الأطنان الثقيلة من حجارة السور من السقوط فوق رؤوس أعضاء ذلك الفريق الانتحاري هو بعض الأخشاب التي تدعم التربة بشكلٍ مؤقت.
طوال فترة العمل، يكون جميع الحفّارين عُرضة لخطر سقوط الأحجار الثقيلة فوق رؤوسهم، خطر لن تحميهم منه كومة الأخشاب الضعيفة التي يحتمون بها.
في حالات نادرة، كان عمال المناجم يحفرون أنفاقًا طويلة تحت الحصون؛ لإنشاء ممر يمكن للجيش المحاصر المرور من خلاله إلى قلب المدينة، وطوال مدة الحفر تلك كانت حوادث الانهيار فوق رؤوس العمال تحدث بشكلٍ منتظم.
عرفت الحرب العالمية الأولى القتال لأول مرة بِاستعمال الطائرات.
كانت "الطائرات المقاتلة" تقنية جديدة تمامًا، ولم تتمتع بتكنولوجيا تأمين كافية مثلما هو الحال اليوم.
فكان الطيارون يجلسون في مقاعد مفتوحة معرضين للعوامل الجوية ونيران العدو، كما أن الطائرة نفسها كانت تُصنّع من مواد ضعيفة، ما يجعلها شديدة التعرض للحريق أو الدمار.
لم تتوفر حينها أيضا اتصالات لاسلكية بين قائد الطائرة والقواعد الجوية لبلاده ما جعله عُرضة لـ"النيران الصديقة"، لأن جنود المدافع لم يكونوا يستطيعون التمييز بين طائراتهم أو طائرات أعدائهم.
لذلك فإن حياة طائري الحرب العالمية الأولى كانت قصيرة للغاية، فلم يكن يتوقع أن يعيش طاقم أي طائرة أكثر من 10 أسابيع في المتوسط من خوض المعارك الحربية، كما لقي 8 آلاف طيار حتفهم أثناء التدريب.
خلال أعمال القتال عبر السفن، لم يكن من المستحسن وجود كميات كبيرة من البارود المتفجر بجوار مدافع السفينة.
وهو ما خلق الحاجة إلى ابتكار واحدة من أكثر وظائف الحرب خطورة وهي "قرد البارود".
عادةً ما كان هذا القرد طفلاً لم يتجاوز عمره 7 سنوات. وبلا شك، يمكننا تصنيف تلك الوظيفة كواحدة من المهن التي حطّمت كافة قواعد التشغيل المهني للأطفال.
وفقًا للجمعية التاريخية البحرية الوطنية، فإن أغلب "قرود البارود"، كانوا من الأيتام أو الفتية بلا مأوى الذين هربوا من منازلهم.
أثناء المعركة، كان قرد البارود يركض إلى أسفل السفينة ويحمل أكياس البارود إلى طاقم المدفع كلما احتاجوا المزيد من المَدد.
خلال القرن الثامن عشر، شاع استخدام "القوادس" بين جيوش العالم، وهي سُفُن حربية تسير بالتجديف.
مُجدفو تلك السفن كانوا يُكبّلون بالسلاسل، ويُجبرون على العمل باستمرار، وتناول الأكل والنوم في أماكنهم.
شاع استخدام "عبيد القوادس" في مصر خلال العهد البطلمي، وكذلك لدى الإسبان والعثمانيين والفرنسيين.
عادةَ ما يكون هؤلاء المُجدّفون التعساء من العبيد أو من الأحرار الذي ارتكبوا جريمة فعُوقبوا بأشغال التجديف الشاقة لعقدٍ كامل دون توقف.
إذا مات العبد خلال العمل، يُلقى في البحر، وإذا غرقت السفينة التي كانوا يعملون عليها، فإنهم سيموتون حتمًا لأن تقييدهم بالسلاسل فيها لن يسمح لهم بأي وسيلة للهروب.
واحدة من أخطر الوظائف العسكرية للحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية هي نقل المواد الحربية إلى الدول التي كانت في حاجة إليها.
اشتملت هذه المهمة على خطورة بالغة، لأن هذه الخطوط كان يُحيط بها خطر كبير، ويتعرّض أصحابها للهجمات من قِبَل الجيوش الألمانية.
أخطر طرق الإمداد على الإطلاق هو ما يسمى بـ "سباق مورمانسك"، والذي، وفقًا لمتحف الحرب الإمبراطوري، يتضمن جلب سفن الإمداد عبر مياه القطب الشمالي الخطرة حول النرويج، التي تسيطر عليها ألمانيا، إلى موانئ آرتشانجيل ومورمانسك السوفيتية.
بصرف النظر عن البرد الشديد والبحار الهائجة، تعرضت هذه القوافل لهجمات مكثفة من الغواصات والسفن والطائرات الألمانية.
كانت الخسائر عالية للغاية، كما أوضحت مجلة سميثسونيان، حيث لقي ما يقرب من 9300 بحار مصرعهم في البحرية التجارية الأمريكية وحدها، وكان هذا أعلى معدل خسائر في أي فرعٍ من فروع الجيش الأمريكي خلال الحرب.
رغم ذلك لم يتم اعتبارهم على قدم المساواة مع الفروع الأخرى، وحُرم هؤلاء الضحايا من مزايا المحاربين القدامى حتى عام 1988.