ولدت خرم سلطان والتي كانت تعرف بأناستازيا أو ألكسندرا ليسوفسكي أو ليسوسكا، كابنة لكاهن مسيحي أرثوذكسي، بين عامي 1502 و 1506.
ويُعتقد أن تتار القرم أسروها في غارة لجمع العبيد على منطقة روثينيا في ما كان آنذاك جزءًا من مملكة بولندا، والتي أصبحت اليوم جزءًا من أوكرانيا.
بيعت خرم في سوق العبيد في القسطنطينيةـ فاشتراها إبراهيم باشا الفرنجي وقدمها هدية لصديق طفولته سليمان، نجل السلطان سليم الأول.
انجذب لها سليمان بسبب بياض بشرتها، ولون شعرها الأحمر، لكنها بدأت تستحوذ على عقله لا بجمالها، لكن بذكائها الفطري، وقدرتها على التكيف، ومكرها السياسي.
بمجرد دخولها القصر، اكتسبت اسمين، روكسلانا، أي العبدة من روثينيا، وكذلك اسم "خرم"، وهو يعني الباسمة أو الضاحكة بالفارسية.
كان عملها الأول في مغسلة القصر، وقد سحر صوتها سليمان أثناء مروره بالمغسلة وهي تغني، فطلبها إلى خلوته. لكن هناك رواية أخرى تقول إن والدة سليمان، حفصة سلطان، هي التي اختارتها لقضاء ليلة مع ابنها.
بعد اللقاء الأول، طلب سليمان مرارًا وتكرارًا خرم للانضمام إليه في خلوته، مما جعله يبتعد عن ماه دوران سلطان، زوجته الأولى والتي أنجبت له ولدًا.
بدافع الغيرة، هاجمت ماه دوران سلطان خرم سلطان وخدشتها في وجهها، وكان لهذا الحادث دورًا في زيادة تعلق سليمان القانوني بخرم سلطان، حيث استغلته في زيادة ارتباط السلطان بها، لأنها امتنعت عنه بعض الوقت حتى تلتئم جروحها، مما زاد شوقه إليها.
أصبح سليمان القانوني سلطانًا في عام 1520، وهو نفس الوقت الذي أصبحت فيه خرم خليلة له، فأنجبت منه ولدًا، سُمي محمد، في العام التالي.
وخلافًا لما كان معهودًا، أنجبت خرم من سليمان 6 أطفال، 5 ذكور وأنثى، رغم أنه كان معتادًا ألا تحمل محظيات السلطان إلا ابنًا واحدًا، وفي عام 1533 حررها من العبودية حتى يستطيع أن يتزوجها.
مع سفر ماه دوران سلطان مع ابنها مصطفى إلى أماسيا لتجهيزه لولاية العهد، أقتنعت خرم سلطان سليمان أن يخرجها من قصر الحريم لتسكن معه قصر توبكابي.
وعندما توفيت والدة سليمان، حفصة سلطان، عام 1534، أصبحت خرم سلطان المتحكمة الوحيدة في القصر.
كانت خرم سلطان امرأة ذكية، واستطاعت أن تكسب الكثير من النفوذ مع الوقت، حتى إن السلطان عهد إليها بمهمة إطلاعه على شؤون البلاد عن العودة من أسفاره
تتهم خرم سلطان بدور فعال في قتل إبراهيم باشا الفرنجي، الذي كان في ذلك الوقت الصدر الأعظم ومنافسها في بسط السيطرة وقت مغادرة السلطان.
ونظرًا لمستوى الثقة بين خرم وسليمان، فقد حصلت على حرية رئاسة أعمال البنية التحتية في المدينة، مثل إنشاء مرافق عامة للشرب والاستحمام، ومشاريع خيرية، مثل إنشاء مطابخ الفقراء، والأعمال الدينية مثل بناء المساجد وبيوت الحجاج، وكانت أيضًا راعيًا للفنون.
استغلت خرم ذكائها لحماية نفسها وأطفالها من التآمر ومكائد الحكم، وكانت ترفض وجود أي محظيات روثينيات في حريم القصر، بل كانت تدفع بهن لتتزوجن من نبلاء آخرين لكي لا يحب زوجها إحداهن.
تسببت خرم في تغيير مسار الإمبراطورية العثمانية، حيث اتفقت مع الصدر الأعظم رستم باشا لإقناع سليمان القانوني بأن ابنه الأكبر مصطفى يقود تمردًا عليه، فأمر بقتله، وبذلك مهدت الطريق لحكم ابنها سليم الثاني.
لم تحقق رغبتها في أن تكون بجوار سلطانها في الحياة فحسب، بل في الموت أيضًا، فقد توفيت عام 1588 ودُفنت في ضريح في مسجد السليمانية، حيث دفن السلطان نفسه في ضريح مجاور بعد ثماني سنوات.
أما القرن الذي تلا حياتها فقد أصبح يُعرف باسم "سلطنة المرأة"، وهو القرن الذي مارست فيه الزوجات والأمهات الملكيات السلطة من خلال التأثير السياسي على رجالهن الملكيين، وكان ذلك كله بفضل الأمة الروسية خرم سلطان.