حسن حنفي | أن تضرب سيد قطب مع كارل ماركس في خلاط فينتج “اليسار الإسلامي”! | هاني عمارة

حسن حنفي | أن تضرب سيد قطب مع كارل ماركس في خلاط فينتج “اليسار الإسلامي”! | هاني عمارة

25 Oct 2021
هاني عمارة دقائق.نت

هاني عمارة

باحث في جماعات الإسلام السياسي والتراث الإسلامي

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

المفكر الراحل حسن حنفي يعتبر من أهم الشخصيات الفكرية في الخمسين عامًا الأخيرة.

هو أحد أهم أصحاب المشاريع الفكرية الكبرى في الفكر والفلسفة والتجديد الديني.

امتاز بمعارفه الموسوعية وغزارة إنتاجه الأدبي على المستوى الكمي وسلاسة أسلوبه وترتيب أفكاره على المستوى الكيفي بشكل جعله يحظى بالقبول لدى الكثير من الدارسين والباحثين.

غير أن تلك الموسوعية والغزارة حملت بداخلها الكثير من التباينات والتشتت والتناقضات التي أرهقت الكثيرين ممن حاولوا الإحاطة بفكر حسن حنفي أو تصنيفه فكريًا.

وهذه النقطة الجوهرية عند أغلب من نقدوه، وفي مقدمتهم المفكر الراحل جورج طرابيشي الذي تعقب تناقضاته في كتاب “المفكرون العرب والتراث” حيث قال عنه:

ما من كاتب أتقن رقصة المتناقضات كما أتقنها حسن حنفي

المتناقضات تتجلى في تباين تصنيف حسن حنفي بين جمهوره ما بين مفكر إسلامي أو تنويري علماني أو يساري أو حداثي تغريبي أو قومي.

تتجلى كذلك عند وفاته، حيث نعته شخصيات بارزة على اختلاف توجهاتها ما بين إسلامي وعلماني وديني وثقافي.


حين تتبعت صورة حسن حنفي لدى من كتب عنه سلبًا أو إيجابًا، وجدتها تنحصر في الوجوه الخمسة التالية:

1 – حسن حنفي الإسلامي الأصولي

في الدول الإسلامية الآسيوية، ينظر لحسن حنفي كمفكر إسلامي أقرب ما يكون لفكر جماعات الإسلام السياسي.

يرى الدين هوية كما في كتابه “الهوية”.

يرى السياسة أصلًا من أصول الدين كما في كتابه “اليمين واليسار في الفكر الديني”، ويعيب على المسلمين إهمالها وتحويلها إلى فرع، وهو جوهر كلام حسن البنا المناقض لفكرة العالمانية.

حمل مشروعه الفكري كذلك تحويل العقيدة الدينية إلى أيديولوجية ثورية في موسوعته “من العقيدة إلى الثورة” وهو جوهر فكر الحركات الإسلامية السياسية.

كما اتبع الكثير من الطرق  التأويلية التي تفرد بها الإسلاميون، مثل تأويل النص ليطابق الواقع كما في نظرية الإسلاميين “صالح لكل زمان ومكان”، وتفسير الكثير من آيات الأحكام تفسيرًا مقاصديًا على طريقة القرضاوي والريسوني.

استخدم حسن حنفي كذلك مصطلحات الإسلام السياسي الراديكالية بلا حساسية، مثل الطاغوت في وصف الحكام الديكتاتوريين، والحاكمية بمعنى حكم الله، مع اختلاف تأويلي، إذ يرى أن حكم الله يتحقق بارادة الشعب.

كان معجبًا بالنظام الإسلامي في إيران، وكتب دفاعًا عنه في موسوعته عن التيارات الإسلامية. كما كتب مقدمة لترجمة كتاب “الحكومة الإسلامية” للخميني أشاد به، وانتقد العرب لعدم دعمه.

أشاد كذلك بالكثير من الرموز الإسلام السياسي، مثل سيد قطب، الذي يراه مفكرًا عظيمًا. كما كان مقربًا من الإخوان في الفترة التي سبقت أحداث الربيع العربي.

يتفق مع الإسلاميين في نظرية الصراع الحضاري الإسلامي في مقابل الغربي. ولذلك وضع أسس ما يسمى بعلم الاستغراب كأداة مقابلة للاستشراق في إدارة الصراع من أجل تحجيم الغرب وإعادته داخل حدوده، على حد وصفه.

 هنا، يلزم التنويه أن اغلب تلك التوافقات مع الإسلاميين كانت في العموميات. لكن على مستوى التفاصيل والفروع، سيظهر الجانب الآخر التنويري العلماني والذي بسببه كفرته بعض التيارات الإسلامية.

2 – حسن حنفي التنويري

هذا الجانب هو الأبرز لصورته في الداخل المصري عمومًا، وإلى حد ما دول الجوار الناطقة بالعربية، وبين التيارات العالمانية والسلفية على السواء.

حيث يرى ضرورة نقد النصوص وقراءتها قراءة تاريخية دينية، وفق منهج سبينوزا.

كما يرى أن الدين يجب أن يتمحور حول الإنسان وليس الله، وفق نظرية فيورباخ.

استحضر كذلك نظريتي الإنسان الكامل ووحدة الوجود الصوفيتين بتأويلية معاصرة لإعادة صياغة النظرة الدينية للحياة؛ فهو يرى التوحيد ليس توحيد الله لكن وحدة البشرية والتاريخ، وصفات الله تتجلى في الأرض والخبز والحرية والعدل بصورة تجريدة أشبه بوجدة الوجود الصوفية.

أما الصفات السبع الكلامية لله عند الأشاعرة (العلم، والقدرة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام، والإرادة) فهي صفات الإنسان الكامل.

كما أنه يقول بنظرية الشعور في الوحي، وهي تشبه نظرية الفيض عن الفلاسفة الفارابي وابن سينا، ليصل لفكرة أن الوحي ناتج من تفاعل العقل مع الواقع حيث يعتبر الوحي نتاجًا بشريًا عالمانيًا.

3 – حسن حنفي القومي

هكذا يراه بعض المثقفين والسياسين العروبيين. ففي كتاباته السياسية، يستخدم خطابًا قوميًا عربيًا في أغلب القضايا، حيث يعادي إسرائيل في المطلق، ويعارض معاهدة السلام، ويتكلم كثيرًا عن المؤامرات الصهيونية على العالم العربي بشكل شعبوي يناقض نزعته الفلسفية العقلانية.

كما يصف حركة الرسول والصحابة بـ “ثورة عربية حررت العالم من الاستعمار الفارسي والروماني”.

السادات ودولة “العلم والإيمان” | الشعراوى ومصطفى محمود و “الخليفة السادس” | الحكاية في دقائق

4 – حسن حنفي اليساري

وهي الصورة التي عرف بها ابتداءًا في الكتاب والفكر. حيث يغلب على تفسيراته الدينية تفسيرات يسارية.

يعتبر نفسه مؤسسًا لتيار ما يسمى “اليسار الإسلامي” الذي يعرفه في كتابه “ماذا يعني اليسار الإسلامي” تعريفًا شاملًا فيقول:

الإسلام ذاته ضد تجميع رأس المال في أيدي القلة {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}، ويرفض الملكية الخاصة والمجتمع الطبق، ويقول بالمساواة، ويرفض الاستغلال والاحتكار.. ويعطي الإمام حق التأميم والمصادرة للمال المستغل لصالح المسلمين. مهمة اليسار الإسلامي إعادة توزيع ثروة المسلمين بين المسلمين

كما أنه يعادي السياسة الرأسمالية الامريكية بالعموم ويصف العولمة بأنها أحد الأشكال المعروفة للهيمنة الغربية.

5 – حسن حنفي التغريبي

وبعكس مقصده القومي من تأسيس الاستغراب، يراه الكثير من الإسلاميين ورجال الدين تغريبيًا؛ حيث يتبع في  فلسفته وقراءاته الدينية مناهج التحليل الغربية متأثرًا بسبينوزا وفيورباخ وهيجل.

كما أنه يؤمن بالقيم الحداثية الغربية ويدعو لإعادة تأويل النص ليتماشى معها.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك