في حالة الإمارات وبعد توقيع اتفاقية السلام كان الأمر أكثر انفتاحًا ودفئًا، حيث سارع الجانبان إلى إبرام الاتفاقيات الجانبية الاقتصادية، كالتي وقعت بين Tera Group الإسرائيلية وصندوق الاستثمار الإماراتي APEX بشأن البحث المشترك عن علاج لكوفيد 19.
وعلى مستوى وزراء الحكومتين أيضًا، سارع الطرفان باستدعاء نظرائهم، وفجأة فتحت خطوط الاتصال المباشرة.
تنافس الإسرائيليون والإماراتيون على إرسال التهاني على السوشال ميديا، وبدأت الحسابات الإماراتية متابعة وزارة الخارجية الإسرائيلية على تويتر، أي يمكن اعتبار أن الاتفاقية الحالية لا تبدو جديدة تمامًا، بل هي استكمال لعلاقة خاضها الطرفان من فترة؛ إدراكًا للمصالح المشتركة بينهما.
لكن في حالة السلام مع الأردن عام 1994، فإنه جاء بعد أكثر من ربع قرن من آخر صدام بينهم عام 1968 في معركة الكرامة، وكذلك في حالة مصر، جاء بعد ثلاثة حروب.
والمختلف أيضا في التجربة الإماراتية هو توقعات وطموحات الإماراتيين بألا يكونوا وحدهم في هذه العملية، هم حاليًا ومن خلف الكواليس يشجعون دولًا عربية وإسلامية أخرى، بما في ذلك جيرانهم في الخليج والدول البعيدة عنهم مثل السودان والمغرب، على خوض محادثات مباشرة مع الإسرائيليين.
اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل: خطوة في أربعة اتجاهات |خالد البري
الارتباط بين دول الخليج وإسرائيل بدأ بشكل جدي منذ عقدين ونصف تقريبًا في أعقاب اتفاقيات أوسلو. وقتها كان متوقعًا أن يخرج هذا الارتباط إلى العلن في حال نجاح عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، لكن رغم ذلك ظلت الروابط قوية خلف الكواليس ونمت بشكل أكبر على مدار العقد الماضي.
الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قاد كذلك بشكل أو بآخر إلى التقارب بين الخليج وإسرائيل، بعدما تضاءل الخطر الناتج عن القضية الفلسطينية مقابل ارتفاع المخاوف بشأن إيران.
بالإضافة إلى إيران، هناك الشق الاقتصادي ورغبة حكام الخليج في تنويع اقتصاداتهم ووقف الاعتماد على النفط وحل المشكلات المتعلقة بإمدادات المياه والتصحر.
يمكن اعتبار أن العلاقة الوثيقة مع إسرائيل سعي للبحث عن حلول محتملة للمشكلات الواقعية التي يواجهها الخليج.
وتعتبر مبادرة السلام العربية بقيادة السعودية في 2002 أول اقتراح واضح للتطبيع الكامل بين إسرائيل وغالبية الدول العربية، بشرط الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي المحتلة، ورغم ذلك قام العديد من أعضاء جامعة الدول العربية بمد الجسور مع إسرائيل لكن خلف الكواليس.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي كانا صراعًا واحدًا لعقود، لا تجري أية محادثات أو اتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي إلا وكانت القضية الفلسطينية حاضرة.
أما الاتفاقية الجديد بين الإمارات وإسرائيل ومن خلال جعل العلاقة مفتوحة وعلنية، فإنها بذلك تعلن بشكل عملي فصل الصراعين عن بعضهما، أما في ما يتعلق بالشرط الإماراتي الذي يقضي بتوقف إسرائيل عن ضم أراضي الضفة الغربية، فهو شرط يمكن اعتباره إطارا تسويقيا للمعاهدة، لو صدقنا أن نتنياهو كان صادقا حين أعلن سابقا تجميده لعملية الضم.
بذلك يمكن اعتبار محمد بن زايد ثاني يسير على خطى السادات ولا يجعل القضية الفلسطينية عائقا في علاقة مفتوحة مع إسرائيل.
بعيدًا عن الحوارات العبثية.. 7 أسئلة لرافضي سلام الإمارات وإسرائيل | محمد زكي الشيمي