الحكاية في دقائق
كان المشروع الأصلي الذي اكتشف مقبرة جيل الصحابة هو مشروع اليونسكو لإنقاذ المواقع الأثرية، تزامنًا مع بناء السد العالي في مصر، وتضرر العديد من المواقع الأثرية من حجز المياه خلفه.
اكتشف الأثريون ثلاث مقابر في المنطقة. من بينها اثنتان في منطقة تعرف بـ "جبل الصحابة" على جانبي النيل، والثالثة في موقع قريب.
في جبل الصحابة تحديدًا، وجد الباحثون 61 هيكلًا عظميًا، بالإضافة إلى العديد من البقايا المتناثرة الأخرى.
وأثبتت الأبحاث أن 45% على الأقل من الرجال والنساء والأطفال المدفونين هناك عانوا من جروح عميقة؛ إذ عثر الأثريون على مقذوفات حجرية مدببة في جثث 21 شخصًا، بخلاف علامات القطع على عظام أفراد آخرين، بما يوحي أنهم كانوا ضحايا حرب عنيفة.
من هنا بدأ البحث عن سبب اندلاع الحرب.
بحث جديد توصل إلى أن مقبرة جبل الصحابة، وهي واحدة من أقدم الأمثلة المعروفة للصراع الجماعي بين البشر، نتجت عن سلسلة لا هوادة فيها من الاشتباكات، وليس معركة واحدة.
مجلة نيو ساينتست ذكرت أن موقع جبل الصحابة أحد أقدم المواقع التي تعرض حدثًا من أعمال العنف الجماعي ضد البشر.
وتظهر البقايا التي يعود تاريخها إلى أكثر من 13,000 عام آثار إصابات ناجمة عن أسلحة مثل الرماح والسهام.
قال العلماء في الدراسة إنه غالبًا ما يُنظر إليه على أنه مثال على الظهور المبكر للعنف والحرب المنظمة التي أشعلتها النزاعات الإقليمية.
ووجد تحليل جديد للبقايا أكثر من 100 إصابة لم يتم توثيقها من قبل، أظهر بعضها علامات الشفاء. ووجد العلماء أن رفات 16 شخصًا كانت مصابة بجروح ملتئمة وغير ملتئمة، هذا يشير إلى أن هذه الوفيات جاءت بعد سلسلة من الغارات والمناوشات والكمائن التي امتدت لأشهر أو سنوات، وليس بعد معركة وحيدة.
إحدى الفرضيات الأكثر احتمالًا للحروب في المنطقة هي أن التوترات نشأت نتيجة تغيرات جذرية في الظروف المناخية.
إيزابيل كريفيكور، المؤلفة الرئيسية للدراسة والباحثة في جامعة بوردو، قالت إن تغير المناخ كان الدافع وراء هذه الأحداث على الأرجح، لأن المنطقة تحولت من مناخ جاف إلى مناخ رطب بين نهاية العصر الجليدي، منذ حوالي 20 ألف عام، وبداية الحقبة الأفريقية الرطبة، خلال العصر الهولوسيني، منذ حوالي 15 ألف عام.
ترى كريفيكور أن الانتقال بين المرحلتين لم يكن تدريجيًا، حيث تم تسجيل فيضانات شديدة في النيل خلال هذه الفترة لم تستقر إلا بعد 11 ألف عام.
بيان صحفي مصاحب للدراسة قال إن الوضع الجديد تسبب في تركيز البشر في ما كان يجب أن يكون منطقة ملجأ في ذلك الوقت، مما تسبب في تنافس على الموارد.
وربما لعبت التوترات الثقافية دورًا أيضًا، حيث أظهرت الدراسات السابقة أيضًا أن البشر في ذلك الوقت ربما كان لديهم إحساس بهوية المجموعة.
تقول كريفيكور: إذا أضفت الهوية الثقافية إلى ضغط المناخ، وربما الضغط على الوصول إلى الموارد الأساسية، فلديك حقًا الجذور لتوليد الصراع بين المجتمع.
وجد العلماء أيضًا أن بقايا الذكور والإناث قد أصيبت بشكل متساوٍ، وهو ما قالت كريفيكور إنه كان مفاجأة.
وأوضحت أنه في معظم الأمثلة الإثنية - الأثرية لأنواع مماثلة من الصراع، يكون عدد الأفراد الذكور الذين أصيبوا دائمًا أعلى بكثير من النساء.
لكن الفرق الوحيد هو أن معظم النساء تعرضن لكسور أكثر في الساعد، بينما أصيب الرجال بكسور أكثر في أيديهم.
هذا هو نوع الإصابة التي تتعرض لها في قتال متقارب، وقد تعكس هذه الاختلافات رد فعل غريزي في هذه المواقف - عندما يكون الرجال أكثر ميلًا إلى التعامل مع المهاجم بهجوم مضاد، بينما تحاول النساء حماية أنفسهن.
دراسة جديدة: القبور في مقبرة مصرية عمرها 13000 عام لم تأت من معركة واحدة بل كانت حرب طويلة الأمد مدفوعة بتغير المناخ (businessinsider)