هل قرأ الخميني رواية سلمان رشدي “آيات شيطانية”؟ | ترجمة في دقائق

هل قرأ الخميني رواية سلمان رشدي “آيات شيطانية”؟ | ترجمة في دقائق

18 Aug 2022
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

نقلاً عن مقالي روبن رايت في نيويوركر، وفاس شينوي في تايمز أوف إسرائيل


“باسم الله، برر البشر منذ القدم كل ما لا يمكن تبريره”، يقول سلمان رشدي.

هذا تحديدًا ربما ينطبق أكثر على روح الله الخميني، فـ “آية الله” كان السبب في “ما لا يمكن تبريره” من ميراث الكراهية الذي طال الجميع؛ كثمن كان على البشرية أن تدفعه تعويضا عن إذلاله على يد شاه إيران.. ثمن لا يبدو أنه سيسدد أبدًا حتى بعد عقود من وفاة الرجل.

فتوى تأخرت 6 شهور

حين صدرت رواية آيات شيطانية لأول مرة في أكتوبر 1988، اندلعت احتجاجات عنيفة في عدة بلدان ذات تجمعات مسلمة كبرى، أهمها الهند، مسقط رأس سلمان رشدي.

لكن إيران ظلت بعيدة تمامًا عن مشهد الاحتجاج. ستة أشهر كاملة “لا حس ولا خبر” بينما الاحتجاجات تتوسع في الجوار، والقتلى يسقطون هنا وهناك، حتى في باكستان المجاورة، دون أن يصل صدى صوتهم إلى الملالي الصامتين تمامًا في طهران.

فقط في فبراير 1989، تحرك رأس الدولة، روح الله الخميني، مفتيًا بإهدار دم كل من شارك في “آيات شيطانية”.. ليس الراوي سلمان رشدي فحسب، بل كلهم، مترجمًا كان أو ناشرًا، أو مسؤول دعاية،

مبشرًا من يُقتل خلال محاولة إنفاذ حكم الإعدام بجنة عرضها السماوات والأرض، مع مكافأة دنيوية نمت تدريجيًا حتى تجاوزت ثلاثة ملايين دولار لمن يأت آيات الله برأس سلمان.

سلمان رشدي | هل أصابته “رصاصة الخميني” بعد 33 عامًا من إطلاقها؟ | س/ج في دقائق

هل قرأها الخميني؟

هل تأخر الخميني مثلًا ليقرأ “آيات شيطانية” قبل إصدار فتواه؟!

الإجابة القاطعة: لا. لم يقرأ الخميني الرواية أبدًا، ولا غيرها مما كتب سلمان رشدي. هذا باعتراف ابنه أحمد نفسه.

لماذا التأخير إذن؟

الإجابة بسيطة: لأن الخميني كان “داهية”. أدرك من أين تؤكل الكتف.

ضحية “ما لا يمكن تبريره”

في فبراير 1989، كانت الثورة الإسلامية تكمل عامها العاشر، ومعه يتبخر أي أمل في تحقيق الوعود التي قامت لأجلها، بينما تتصاعد التحديات الوجودية التي تطارد حلم الخميني:

– أكثر من مليون ضحية في حرب بلا طائل مع العراق المجاور، استمرت 8 سنوات، اضطر الخميني على مضض لقبول إيقافها، بعدما دمرت الاقتصاد المحلي.

– عقد كامل من العزلة الدبلوماسية، يقول آيات الله إن سببها تصديهم لـ “الشيطان الأكبر”، لتكشف قضية إيران كونترا أن الخميني مد يده لهذا “الشيطان” نفسه ليزوده بسلاح متطور يواجه به العراق مقابل إطلاق سراح أمريكيين محتجزين في لبنان.

– والأهم: انقسام الدائرة المقربة من آيات الله حول الخميني يخرج للعلن:

آية الله علي منتظري، خليفة الخميني المختار والرجل الذي وصفه ذات مرة بـ “ثمرة حياته”، ينتقد الحكومة علنًا لإعدامها المعارضين وفشلها في الوفاء بوعود الثورة.

بيدق في تمرير خلافة الخميني

تحدي منتظري تحديدًا كان خطيرًا بالنسبة للخميني، فخليفته يروج لنفسه أمام العالم باعتباره وجهًا مختلفًا. يقول إنه يملك عقلية إصلاحية معتدلة سياسيًا، ويرى أن الجمهورية الإسلامية يمكن أن تتطور من مجتمع ثوري إلى دولة طبيعية تحترم قانون الإنسان دون تعدٍ على قانون الله!

وهنا، كان سلمان رشدي بيدقًا، قاده حظه العثر ليكون ثمن تسريع الاختيار البديل لخلافة الخميني الذي بدأ يستسلم للمرض؛ بعدما أدرك آيات الله أن مؤهلات الخليفة المختار، على خامنئي، لن تكون كافية أبدًا، إن قورن بمنتظري.

نذكر هنا أن أحد آيات الله اعترض على فتوى الخميني.

من تحديدًا؟

بالضبط.. آية الله منتظري، الذي طعن في صحة فتوى أستاذه، واعتبرها بمثافة لافتة ترفعها إيران للعالم، أن ثورتها الإسلامية أتت للقتل وحسب، فطرده الخميني، ووضعه قيد الإقامة الجبرية.

وبعد 4 أشهر فقط من فتواه، مات الخميني بسبب قصور في القلب، ورثه خامنئي، وورث إيران أزمة دبلوماسية فوق أزمتها بسبب الفتوى نفسها.

لعبة “الإصلاحيين” والملالي

وكالعادة، راوغت إيران باللعبة المعتادة، فبينما استعاد الإصلاحيون العلاقات مع بريطانيا بناء على تعهد بأن “فتوى سلمان رشدي انتهت تمامًا”، ليعتقد سلمان – وكذلك وكالات المخابرات الأمريكية والأوروبية – أن التهديد تضاءل، لم يتنصل الملالي من الفتوى أبدًا.

وقبل أيام من الهجوم، أعادت وسيلة إعلام إيرانية رسمية نشر الفتوى “التي تطارد سلمان رشدي ككابوس الموت الذي لن يرحل عنه أبدًا”، ومعها تأكيد من خامنئي في 2017 بأن “الفتوى كما أصدر الإمام الخميني”.

وأخيرًا، يحدث الهجوم الوحشي المثير للسخرية في تفاصيله؛ إذ وقع على منصة استضافت عشرات الحوارات حول إيران، والحاجة لتطبيع العلاقات بين طهران وواشنطن.

كل ذلك بينما يستمر العد التنازلي للدبلوماسية بشأن الاتفاق النووي الذي توسطت فيه إدارة أوباما، في 2015، ويحاول جو بايدن إحياءه، بينما يقدر الآن أن طهران على بعد أيام فقط من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لتصنيع سلاح نووي.

لنصل لنتيجة بسيطة: الهجوم على رشدي، أحد أشهر الكتاب في العالم حاليًا، يسلط الضوء على التوترات التي لا تزال تتخلل الكثير من تكتيكات وسياسات إيران الثورية.

سلمان رشدي مختبئا | 33 عامًا يطارد الحسناوات وتطارده فتوى ومكافأة لقاتله | بروفايل في دقائق

الإسلاموفوبيا

بطول فترة ولايته، أنفق رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان الكثير من الأموال فوق طاقة بلاده، لتشكيل جماعات ضغط لضمان الاعتراف بالإسلاموفوبيا رسميًا.

لكن الهجوم على سلمان رشدي ربما يثبت للعالم أنه كان منطقيًا في مخاوفه: العالم يخشى إسلامًا مسيسًا، يطارد بسببه أحدهم لأن شخصًا لم يفهم بدقة ما يريد أن يعبر عنه، فيحكم عليه بازدراء الأسلام، فتصدقه جماهير أمية، فينتظر طعنات كتلك التي وجهت إلى جسد سلمان.

التايمز: ليس آيات الله وحدهم .. الليبراليون الغربية شركاء في محاولة قتل سلمان رشدي| ترجمة في دقائق


رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك