"لورانس" ليس اسم العائلة الحقيقي، الاسم الحقيقي تشابمان. والد توماس إدوارد لورنس هو النبيل الأيرلندي توماس تشابمان، الذي قرر الفرار عن منزله، تاركًا زوجته وطفلتيه، مفضلًا الارتباط بالخادمة الإسكتلندية سارة جونز، والدة "لورانس العرب".
عاش أبواه توماس وسارة في ويلز عشرات السنوات دون زواج، لكنهما أنجبا 5 أطفال. اختار الوالد أن يحمل اسم "لورانس" تخفيا من أسرته، التي رفضت فكرة ربط سلالتها بخادمة.
ولنفس السبب، تنقل الأبوان بأبنائهما من ويلز إلى إسكتلندا، حتى استقر بهم المطاف في أكسفورد.
بحسب شهادته، عاشت أمه حياة مضطربة تحت وطأة عقدة الذنب. لم تستطع طول تلك السنوات تقبل فكرة أنها تعيش مع رجل دون زواج، وهي المسيحية المتدينة.
انعكس هذا الاضطراب على علاقتها بأبنائها
خلال الحرب العالمية الأولى، كان لورانس في القاهرة، يعمل ضمن قسم الخرائط التابع للجيش البريطاني.
بلغه خبر مقتل شقيقيه ويل وفرانك في إحدى المعارك. خسارته تلك كانت الدافع الرئيسي لديه لدعم الثورة العربية ضد العثمانيين.
يقول إنه شعر بالذنب لأن أخويه ضحيا بحياتهم من أجل الحرية وصناعة التاريخ، بينما اكتفى هو بعمل روتيني آمن.
بالرغم مما أبداه توماس من عبقرية في إدارة المعارك الحربية للعرب ضد العثمانيين، فإنه لم يتلقَ تدريبًا نظاميًّا في الجيش.
زيارته الأولى للمنطقة كانت كعالم آثار مُستكشف للقلاع الأثرية الصليبية، وهو ما زاد من معرفته بالمنطقة وأهلها.
عام 1914م، بدأ الجيش البريطاني الاستعانة بلورانس في مهام مخابراتية، عبر إرساله في رحلة استشكافية إلى شبه جزيرة سيناء لتفقد االمواقع التدريبية.
بعدها تقرّر إرساله إلى شبه الجزيرة العربية لمساعدة العرب في تنفيذ عمليات ضد العثمانيين.
فور انطلاق الثورة العربية سارع البريطانيون إلى دعم قيادة الشريف حسين ضد الحُكم العثماني
الموقف العالمي حينها كان شديد التعقيد؛ انحازت ألمانيا عدوة بريطانيا إلى العثمانيين، فانحاز البريطانيون إلى العرب لإرهاق أعدائهم في موضعٍ آخر من العالم.
هنا بزغ دور لورانس العرب كضابط اتصال بين البريطانيين والعرب، وتحديدًا مع الأمير فيصل نجل الشريف حسين.
تجنّب لورانس ارتداء الزي الغربي، وارتدى غطاء الرأس العربي، وقدّم مشورات عسكرية ثمينة للعرب قادتهم إلى تنفيذ حرب عصابات ناجحة ضد الأتراك.
جذبت بطولات لورانس انتباه الصحفي الأمريكي لويل توماس فكتب عنه مرارًا، ونشر صور وهو يقاتل في الصحراء. هذه الخطوة لم تعجب لورانس كثيرًا واعتبرها اتجارًا بدوره، فوصف لويل بأنه "رجل مبتذل".
فيما بعد، سيدفع لورانس ثمن هذه الشُهرة غاليًا؛ فبعد انتهاء مهمته في الجزيرة العربية حاول مرارًا الالتحاق بالجيش البريطاني تحت أسماء مستعارة لكنه اكتشف في كل مرة و جرى تسريحه.
في أحاديثه، أعرب توماس أكثر من مرة عن موقف مستعل على العرب، ووصفهم أكثر من مرة بأنهم "أناس غير منطقيين، لا يستحقون المعرفة"، كما وصف في مذكراته محاولتهم للتقرب من الاوروبيين بأنها "ابتذال ميئوس منه".
رغم ذلك، لم يرفض لورانس معاونة العرب في حربهم ضد العثمانيين طالما أن هذا سيصبُّ في مصلحة بريطانيا.
لكنه في المقابل شعر بالشفقة ناحية العرب عقب انتهاء أعمال مؤتمر السلام في ياريس، والذي رفض فيه قادة أوروبا منح العرب الاستقلال، وقسّموا المنطقة بين فرنسا وإنجلترا، وفقًا للاتفاقية الشهيرة "سايس بيكو".
أصابت هذه القرارات لورانس بخيبة أمل وجعلته يشعر كما لو أنه خان العرب، فحاول التأثير على صديقه ونستون تشرشل في هذا القرار دون جدوى.
وبسبب هذا الموقف رفض لورانس تكريم الملك جورج الخامس له بوسام الفروسية معتبرًا أن بلاده خانت العرب.
في مذكراته، أعمدة الحكمة السبعة، يكتب لورانس بمحبة عن رجل يدعى سليم أحمد، التقى به أثناء قيامه بحفر أثري في كركميش على ما يُعرف الآن بحدود تركيا / سوريا.
أعجب بذكاء الشاب، وعلمه الإنجليزية والرياضيات. بينما علمه أحمد العربية. لم ينفصل الاثنان لسنوات، مع تقارير عن علاقة "غير أفلاطونية تمامًا" جمعتهما.
في يونيو 1914 ، ترك لورانس أحمد في كركميش؛ للعمل كحلقة وصل بين الجيش البريطاني والعرب الذين يقاتلون العثمانيين.
وبعد أربع سنوات، وبينما لورانس يستعد للمعركة المحورية في دمشق ، سمع أن أحمد مات بسبب التيفوس خلال مجاعة قضت على آلاف الأرواح بين عامي 1916 و1917.
عندما انتهى القتال، وعاد لورانس إلى بريطانيا، أهدى الأعمدة السبعة لـ "S.A" ، الذي يعتقد معظم الباحثين أنه سليم أحمد.
وقد استهل لورانس الكتاب بقصيدة يدعي فيها أن فترة عمله كجندي كانت دائمًا مدفوعة بحبه لـ "SA":
"أحببتك، لذلك رسمت كل هذا المد والجزر بين يدي، وكتبت إرادتي عبر النجوم لتكسبك الحرية".
الحياة الواقعية المأساوية للورانس العرب