عرف السومريون والآشوريون والكنعانيون والعبرانيون ليليث باعتبارها الشيطانة التي تعذب النساء أثناء الولادة، وتسبب الإجهاض، وتسرق الرضع.
كانت الإشارة الوحيدة لليليث في الكتاب المقدس- العهد القديم في سفر إشعياء 34:14:
"وتُلاقي وُحوشُ القَفْرِ الضِّباع، ويَصيحُ الأَشعَرُ بِصاحِب، وهُناكَ تَقِرُّ ليليت وتَجِدُ لِنَفسِها مَكاناً مُريحاً،" بحسب الترجمة اليسوعية- الكاثوليكية للكتاب المقدس للعربية.
تساءل بعض المعلقين الحاخاميين الأوائل على الكتاب المقدس: هل ظهرت ليليث في سفر التكوين؟
عند القراءة المتأنية، تظهر روايتان منفصلتان عن كيفية خلق الله للرجل والمرأة الأولين.
في التكوين 1، خلق الله الرجل والمرأة في نفس الوقت "ذكر وأنثى خلقهما" (تكوين 1:27 ). لكن في تكوين 2، خلق الله آدم أولًا "من تراب الأرض" ثم أزال أحد أضلاع آدم ليشكل حواء (تكوين 2: 21-22).
هل كانت المرأة المجهولة في التكوين 1 شخصًا آخر غير حواء؟ هل كانت ليليث تحديدًا؟ السؤال ظهر في الأساطير اليهودية والفولكلور لعدة قرون. ثم، في القرن التاسع الميلادي، حصلنا على أول معاملة كاملة لليليث كزوجة آدم الأولى العاصية.
تظهر الرواية في "أبجدية بن سيراش"، وهو نص يهودي هرطقي ساخر من العصور الوسطى يسخر من الشخصيات التوراتية ويدمج عناصر من الفولكلور الشعبي.
وفقًا لبن سيراش، كانت ليليث أول امرأة خُلقت جنبًا إلى جنب مع آدم في التكوين 1، وقد بدأت هي وآدم "على الفور في الشجار". عندما أصر آدم على أن ليليث "ترقد تحته" أثناء ممارسة الجنس ، فأجابت: "لا، كلانا متساوون، فكلانا من الأرض".
انطلقت ليليث ناطقة باسم االله الأعظم، وحلقت بعيدًا، فأرسل الله ثلاثة ملائكة: سينوي وسانسينوي وسيمانجيلوف، الذين طالبوها بالعودة. عند هذه النقطة، كانت قد نامت بالفعل مع سمائل، رئيس الشياطين، وتعهدت بأنها لن تؤذي نسل آدم وحواء البشريين إذا كتبوا اسمها على تميمة واقية أثناء الولادة. خلاف ذلك، سيكون لها السيادة على الأطفال حديثي الولادة خلال الأسابيع الأولى من حياتهم.
قبل وقت طويل من تداول "أبجدية بن سيراش" كانت الأسر اليهودية تستخدم التمائم الواقية لدرء ليليث وسارقي الأطفال الشيطانيين الآخرين.
,بين القرنين الخامس والثامن الميلادي، كان الشكل الأكثر شيوعًا للحماية ضد الشياطين هو ما يسمى وعاء التعويذة.
صنع السحرة اليهود هذه الأواني الخزفية في بابل لاصطياد شيطان محدد مرتبط بمرض أو حالة معينة، مثلها مثل الممارسة التقليدية في الكتاب المقدس المتمثلة في تثبيت مزوزاه (تميمة) على أعمدة باب المنزل، وتقوم العائلات اليهودية بدفن أحد هذه الأواني السحرية تحت باب منزلهم لمنع دخول خاطفي الأطفال.
وإذا فقدت أوعية التعويذة، تشتري العائلات اليهودية تمائم معدنية أو ورقية منقوشة عليها صورة ليليث من أجل الحماية الإلهية.
التعليقات الحاخامية والقصص الشعبية اليهودية تقدم ليليث في صورة امرأة ساقطة لعنتها خطيئتها المتمثلة في التمرد.
وبحسبها، فنظرًا لأن ليليث لم تكن قادرة على إنجاب أطفال، فإنها لم تكتف بسرقة الأطفال الرضع فقط، بل أغوت الرجال أثناء نومهم لأخذ السائل المنوي.
يقول التلمود البابلي، وهو مصدر قديم للشريعة اليهودية: " يحرم على الرجل أن ينام وحده في منزل، لئلا تمسك به ليليث "، حيث كان يُعتقد أن ليليث تستخدم السائل المسروق لتلقيح نفسها وإنجاب عدد لا يحصى من الأطفال الشياطين.
تقول لورا ليبر، أستاذة الدراسات الدينية في جامعة ديوك، إن بعض الحكايات الشعبية الخيالية تحكي عن معارك قضائية بين ذرية بشرية وشياطين على الميراث.
ليليث نفسها ستظهر مجددًا في أواخر القرن العشرين، حين تبدأ الكاتبات والناشطات النسويات في إعادة تفسير الأسطورة؛ كنموذج يحتذى به لنوع مختلف من الإناث.
في عام 1972، نشرت الكاتبة والمخرجة ليلي ريفلين مقالاً عن ليليث.. ثم أطلقت النسويات مجلة بنفس الاسم في 1976.
كتبت ريفلين في كتاب " أي ليليث؟": 1998، إن النساء اللواتي يتمتعن بما يكفي من الحرية تتبنين ليليث لأنها تظهر نوعًا مختلفًا من قدرة المرأة على التحكم في مصيرها.
وكتبت أفيفا كانتور زوكوف في العدد الأول من مجلة ليليث: "ليليث أنثى قوية. وعلينا الاعتراف بثورتها وقوتها وأنشطتها الانتقامية.
ظهرت ليليث أيضًا في برامج تلفزيونية نسوية متنوعة مثل "The Chilling Adventures of Sabrina" و "Frasier" و "Scooby-Doo! Mystery Incorporated"، بالإضافة إلى إطلاق اسمها على معرض Lilith Fair للموسيقى النسوية.
تاريخ ليليث.. من شيطانة إلى زوجة آدم الأولى إلى أيقونة النسوية (howstuffworks)