نيويورك تايمز: الحرب على مطربي المهرجانات تختبر قوة حرس الثقافة القديم | ترجمة في دقائق

نيويورك تايمز: الحرب على مطربي المهرجانات تختبر قوة حرس الثقافة القديم | ترجمة في دقائق

27 Jan 2022
مصر
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

نقلاً عن تقرير نيويورك تايمز: موسيقى المهرجانات في مصر


مثل باقي الأغاني الشعبية في مصر، بدأت أغنية بنت الجيران، بغزل بين جارين يتسللان بنظرات غزليّة لبعضهما البعض، ويمران بفترة حلوة ومرّة من الشوق والانتظار.

لكن الكلمات تأخذ منعطفًا جذريًا، عندما قال المغني حسن شاكوش: “تسبيني، وأكره حياتي وسنيني،وأشرب خمور وحشيش.

حققت أغنية ” بنت الجيران” نجاحًا هائلاً، حيث حصدت أكثر من نصف مليار مشاهدة على يوتيوب وحده، ودفعت حسن شاكوش إلى النجومية.

لكن الإشارة الصريحة إلى المخدرات والخمور، والمواد المحظورة ثقافيًا في مصر، حولت الأغنية، التي صدرت 2019، إلى نقطة أزمة كبرى في حرب ثقافية حول ما هو وجه مقبول للموسيقى الشعبية، ومن الذي يقرر ذلك.

بنت الجيران.. أغاني المهرجانات تكسب شوطًا فنيًا جديدًا | أمجد جمال

منع مطربي المهرجانات

مؤخرا، احتدمت المعركة، التي تضع المؤسسة الثقافية المصرية في مواجهة نوع موسيقي مستقل يحتضنه ملايين الشباب المصريين، إذ منعت نقابة الموسيقيين 19 فنانًا شابًا على الأقل من الغناء والأداء في مصر.

اتهمت نقابة الموسيقيين حسن شاكوش ومغنيين آخرين من هذا النوع المعروف باسم المهرجانات بـ “تشجيع السلوك المنحط، وتشويه صورة مصر، وإفساد الذوق العام”، واصفة حربها ضد أغاني المهرجانات بـ “معركة في وجه الفساد والتراجع”.

لحسم المعركة، منعت النقابة المغنين من حفلات النوادي والزفاف، وحرمتهم من الظهور في الإعلانات. لكنها لا تملك منعهم من الغناء في الخارج أو في الحفلات الخاصة.

حرب ثقافية

موقف النقابة يلقي بظلاله على المشهد الثقافي في مصر، حيث أرسل رسالة قوية مفادها أن الفنانين ليسوا أحرارًا، ويجب أن يظلوا ملتزمين بالخطوط التقييدية التي وضعتها المؤسسات.

ينظر الموسيقيون إلى النقابة على أنها كيان عفا عليه الزمن يتمسّك بشدة برؤية الحرس القديم للثقافة المصرية التي تتعرض لموجة حتمية من التغيير الذي يحركه الشباب.

إبراهيم سليمان، 33 عامًا، مدير أعمال حسن شاكوش: “لا يمكنهم إقناع أنفسهم بأننا هنا لنبقى، فكيف يمكنك أن تقول إن شخصًا مثل شاكوش ينشر الانحراف في مصر عندما تسمع أغانيه وتتشاركها البلد بأكملها؟”.

غضب مشجعو المهرجانات، وبدأوا في إطلاق إحدى الميمز ضد رئيس النقابة، هاني شاكر، مغني كلاسيكيات الحب من السبعينيات، أحد  الميمز صورته وهو يصدر أمرا للناس بالتوقف عن الغناء في الحمام.

May be an image of ‎1 person and ‎text that says '‎عاجل الخدو في هاني شاکر يصدر أمرا بمنع أي شخص من الغناء في الحمام لم إذا یکن عضوا نقابة المهن الموسيقية‎'‎‎

حرب الثقافة في عصر الانترنت

تعكس المعركة الصراعات الثقافية في جميع أنحاء المنطقة، حيث تحاول الهيئات المنظمة في البلدان المحافظة اجتماعيًا فرض الرقابة على أي تعبير يتحدى الأعراف التقليدية.

على سبيل المثال، اعتقلت إيران فتيات مراهقات نشرن مقاطع فيديو لأنفسهن يرقصن. وفي عام 2020، ألغت جامعة نورث وسترن في قطر حفلاً موسيقياً لفرقة موسيقى روك لبنانية لأن مغنيها الرئيسي مثلي الجنس.

البث عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي أحدثت ثغرات عملاقة في هذا الجهد، مما سمح للفنانين بتجاوز وسائل الإعلام التي تقرها الدولة، مثل التلفزيون وشركات التسجيل، والوصول إلى جيل جديد من المعجبين المتعطشين لما يرونه محتوى أكثر واقعية وملاءمة.

أنتجت القيود الصارمة التي تفرضها إيران على الموسيقى غير المقبولة مشهدًا مزدهرًا لموسيقى الروك والهيب هوب.

من يحدد الذوق؟

السؤال الذي يواجه مصر هو: من لديه الآن سلطة تنظيم شؤون الذوق العام؟

12 رجلاً وامرأة واحدة يديرون النقابة، أم ملايين المعجبين الذين كانوا يتدفقون لحضور حفلات مطربي المهرجانات؟

خرجت المهرجانات لأول مرة من أحياء الطبقة العاملة الصاخبة في القاهرة منذ أكثر من عقد من الزمان ولا تزال تُصنع عمومًا في استوديوهات منزلية منخفضة التقنية، وغالبًا ما لا تحتوي على معدات أكثر من ميكروفون رخيص وبرامج مقرصنة.

الكلمات الحادة عن الحب والجنس والسلطة والفقر تعكس تجربة وثقافة قطاع عريض من الشباب المحرومين الذين يعيشون في تلك المناطق على إيقاع راقص نابض.

سرعان ما تحولت أغاني المهرجانات الجذابة وإيقاعاتها الإلكترونية إلى الاتجاه السائد وأصبح يتردد صداها الآن من قاعات حفلات الزفاف الساحرة للنخبة الناطقة بالفرنسية في مصر إلى النوادي الليلية الخاصة في منتجعات البحر المتوسط، إلى قاعات الحفلات الموسيقية في قطر والسعودية.

هل يحق للنقابة الحظر؟

يقول العديد من المحامين والخبراء إن النقابة ليس لها حق قانوني في حظر الفنانين، ويصرون على أن الدستور المصري يحمي حرية الإبداع بشكل صريح. لكن هذه الحجج لا تطبق.

يدافع الأعضاء التنفيذيون للنقابة بشدة عن تحركهم، بحجة أن جزءًا رئيسيًا من عملهم هو حماية المهنة من العمل المتدني الذي يقولون إنه من صنع محتالين غير مثقفين يشوهون صورة البلاد.

المؤسسات الرسمية تتوافق معهم في هذا الاتجاه، ففي عام 2017، ألقى قسم خاص من الشرطة يستهدف الجرائم الأخلاقية القبض على صناع أغنية مهرجانات، ووعد بمواصلة “البحث عن أي عمل يعرض محتوى مسيئًا للمشاهد المصري أو يحتوي على إيحاءات جنسية”.

في عام 2020، بعد تداول مقطع فيديو يظهر عشرات الطالبات في مدرسة ثانوية للبنات يغنين على أغنية بنت الجيران، حذرت وزارة التربية والتعليم المدارس من الانتشار “الملحوظ” للأغاني التي تحرض على “السلوك السيئ”.

بعد ذلك بوقت قصير، تعهد وزير الشباب والرياضة بـ “محاربة الفساد” من خلال منع عزف موسيقى المهرجانات في الساحات الرياضية والمنشآت الرياضية.

من يفوز في النهاية؟

حتى الآن، تدعي النقابة أنها تكسب المعركة، وتحاول إزالة الأغاني من يوتيوب. لكن يبقى أن نرى من سيفوز على المدى الطويل.

في حين أن جهود النقابة قد تكون سبباً في إبعاد المهرجانات عن النوادي وصالات الحفلات الموسيقية، فإن الموسيقى لم تتوقف أبداً، فقد وسع مطربوها نشاطهم إقليميًا وزادوا من عدد المتابعين.

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك