نشأت الملوخية من كلمة ملوكيا (المنسوبة إلى العائلة المالكة)، فبحسب الأساطير الفرعونية فإن حاكما مصريا مرض بشدة، ولما شرب حساءً شافيًا مصنوعًا من نبات الملوخية استردّ صحته، لهذا داوَم الملوك المصريون على شُربها.
تقول ميشيل بيريديل-جونسون، مؤرخة الغذاء وكاتبة الصحة الغذائية، إن المصريين القدماء أكلوا الملوخية التي نبتت حول النيل، وكانت مناسبة لنظامهم الغذائي.
فيما تقول نوال نصر الله، مُؤلِّفة كتاب "كنز الفوائد في تنويع الموائد": لم يترك المصريون القدماء أي وصفات للطهي، لكن رسوم جداريات المقابر تثبت اعتمادهم الدائم على الملوخية.
مع الوقت لم تعد الملوخية حكرًا على ملوك مصر القديمة، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا في كل مطبخ مصري، بسبب شغف المصريين الكبير به.
ولم تمنع هذه الشعبية الكبيرة مجيء أوقات حُرم فيها المصريون من الملوخية، مثلما فعل الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، الذي منع النساء من أكل الملوخية بسبب الاعتقاد بأنها منشط جنسي.
بمرور الوقت، أصبحت الملوخية هي الأكلة الأكثر شعبية في مصر.
واعتاد المصريون الالتفاف حول هذه الوجبة المميزة وأكلها بالأرز أو بالخبز مساءً وصباحًا.
كما أصبحت الملوخية عنصرًا ثابتًا في قوائم المطاعم المصرية
وظهرت بعدة أشكال حسب النطاق الإقليمي؛ ففي الإسكندرية والمدن الساحلية يتم طهوها بالجمبري (القريدس)، وفي المناطق الريفية يتم طهوها مع الأرانب.
في الفلكلور الشعبي المصري تقترن الملوخية بما يسمى بـ"الشهقة"، وهي من طقوس الطبخ القديمة التي لا تزال يمارسها المصريون اليوم، اعتقادًا أن ذلك يجعل من الملوخية أكثر روعة.
عند محاول الشهق، ينحنى الطباخ فوق بخار الملوخية، وهو يتلفظ بعبارة "شاه الملوخية" بينما يصدر شهقة مسموعة، قبل إغلاق غطاء الأواني.
هناك العديد من الأساطير التي تقف وراء هذه العادة، منها أن امرأة مصرية في العصور القديمة شهقت بصوتٍ عالٍ لإبعاد الحيوانات عن قدْر الملوخية الذي تضعه على الحطب فصارت عادة.
أو أخرى كاد الطبق أن يسقط عليها فـ"شقهت" خوفًا من الألم المتوقع لسقوط السائل الساخن عليها.
قد تكون هاتان الحكايتان الحل ، وقد تكون هناك أساطير أخرى وراء "شهقة الملوخية"، لكن في جميع الأحوال حافظت نساء على هذه العادة المستمرة حتى اليوم خلال طبخ الملوخية.
لأنه من السهل ابتلاع الملوخية، فقد أعطتها الأمهات المصريات لأطفالهن بعد الرضاعة، وهي مناسبة لأولئك الذين لديهم مشاكل في الهضم.
تقول بيريديل جونسون: "الملوخية لديها كل أنواع الفضائل الهضمية الجيدة"، كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Journal of Ethnopharmacology أن أوراقها يمكن أن تمنع التهاب الأمعاء والسمنة.
كما تُضيف أخصائية تغذية الأطفال في القاهرة، مي عامر، أن الملوخية تعتبر من الأطعمة المفيدة، فهي مليئة بفيتامين C و E والبوتاسيوم والحديد والألياف، وتحتوي الملوخية أيضًا على بعض العناصر المضادة للأكسدة، مما يجعلها إضافة جيدة ومفيدة للغاية للنظام الغذائي.
من ناحية أخرى الملوخية متهمة بالتسبب في التلبك المعوي، ليس بسبب الأوراق إنما بسبب طريقة الطبخ، التي تحتوي على قدر غير قليل من الثوم والإضافات الأخرى. بعض الأمهات تتجنبها أثناء الرضاعة بسبب الانتفاخ الذي تسببه لأطفالهن الرضع.