استمع أولًا إلى بودكاست دقائق من هنا، أو واصل القراءة إن أرت:

أزمة الغاز في أوروبا بعد حرب أوكرانيا تدخل منعطفا خطرا بتخريب متعمد لخط نورد ستريم في بحر البلطيق.

التخريب وقع في 3 نقاط جاء منها تسريب الملايين من الأمتار المكعبة من الغاز الطبيعي في البحر.

من المسؤول؟

س/ج في دقائق

ماذا حدث لخط نورد ستريم؟

المعلومة المؤكدة أنه وقع تسريبا ضخما للغاز الطبيعي في بحر البلطيق.. التقارير تقول إن الخط الذي ينقل الغاز من روسيا لأوروبا تعرض لتفجير كان سببه لغم بحجم تجاوز 100 كيلو من مادة TNT أطلقته غواصة يتم التحكم بها عن بعد.
التفجير تسبب في اهتزازات ارتدادية مداها 800 ميلوكأنها زلزال تحت البحر. وفي خلال ثوان معدودة تسربت ملايين من الأمتار المكعبة من الغاز الطبيعي للبحر.

كيف حدث التسريب إن كانت روسيا أغلقت نورد ستريم بحجة الصيانة؟

في بداية سبتمبر 2022  أعلنت روسيا إغلاق نورد ستريم للصيانة بعدما قالت شركة سيمنز الألمانية إن الإصلاحات يجب أن تتم في “ورشة عمل متخصصة”، وقتها قالت شركة غازبروم الروسية إن العقوبات الأوروبية أدت لمشاكل فنية تمنعها من توفير الحجم الكامل للغاز المتعاقد عليه عبر خط الأنابيب .. يعني لم تقل روسيا إن الامداد توقف بنسبة 100% لكن بالكاد.

من المتهمون في هذا الحادث؟

هذا يخضع لتحقيقات دولية ..لكن حتى الآن التقارير تشير لوجود أكثر من مستفيد من التخريب لكن مع استبعاد وجود هجوم إرهابي واعتبار الأمر تدخل على مستوى دول.

هل يمكن أن تكون روسيا الفاعل؟

الرواية الغربية تتهم روسيا وهناك أسباب وجيهة فبوتين سيكون مستفيدا من تأكد الغرب أن موسكو لا تمزح في تهديدات قطع الغاز.. وأنها قادرة على تهديد البنية التحتية للطاقة البحرية في العالم. وكان بوتين هدد بهذا فعلا في 2021.

أيضا روسيا بهذا لن تكون في حاجة لإيجاد أعذار مستمرة لوقف الغاز لأوروبا.

لكن في المقابل روسيا أيضا متضررة، ففي السابق كان مفتاح إمداد الغاز لأوروبا في يدها يمكنها فتح الخط أو إغلاقه لكن لكن الآن لم تعد روسيا قادرة على إعادة الإمداد لو أرادت.

ولأن دول الغرب كانت محاصرة في حيرة بين دعم أوكرانيا والغاز الروسي..  لم يعد لديها خيار أصلا إلا الدعم الكامل لأوكرانيا.

من يستفيد من خروج الغاز الروسي من المعادلة؟

هناك الولايات المتحدة لأن بايدن كان خرج بتهديد صريح في بداية فبراير 2022 قبل الحرب في أوكرانيا بأنه لو غزت روسيا أوكرانيا فسيكون الرد نهاية نورد ستريم.
أيضا في صيف 2022 كانت واشنطن حذرت أوروبا من احتمال وقوع هجوم على نورد ستريم دون توضح التوقيت أو الفاعل أو الوسيلة وكان تعليق الحكومة الألمانية إن التحذير غامض وغير واضح.

إذا كان هذا صحيحا فلماذا تضر أمريكا حلفائها؟ ولماذا تنتظر حتى سبتمبر إذا كان الغزو وقع في فبراير؟

حتى لو ظهر إن أمريكا تسببت في ضرر لحلفائها في أوروبا، فلا يجب أن ننسى أن واشنطن تملك محطات إسالة غاز ويمكن جدا أن تبدأ في الفترة المقبلة محاولة تغيير خريطة الطاقة لصالحها.

أيضا في بداية الغزو كانت تصريحات بايدن تشير إلى أن تدمير نورد ستريم سيكون ضرره الدبلوماسي أكبر من منافعه خصوصا إن الخطين تحت سيطرة ألمانيا فعليا.. أي أن روسيا تملك الغاز لكن إدارة نورد ستريم في أوروبا تحت يد ألمانيا.

لكن مع استمرار الحرب وعدم قدرة روسيا على تحقيق انتصار صريح فلا يوجد ما يمنع من توجيه ضربة لروسيا.. وبما أن الهجوم وقع في الخريف فإن واشنطن  يمكن أن ترى في ذلك وسيلة للضغط على أوروبا للابتعاد عن الغاز الروسي.. على طريقة العلاج بالصدمة.

هل هناك أدلة على التورط الأمريكي؟

لم تظهر بعد أدلة صريحة ولكن هناك إشارات توجه أصابع الاتهام لأمريكا.. منها إن التفجير حصل في المنطقة الاقتصادية في بحر البلطيق وهي تخص الدنمارك والسويد حلفاء أمريكا.. هذه المنطقة تدخلها سفن روسية تحت مراقبة أمريكا وحلفائها فيمكن القول إنه إما واشنطن ضربت الخط أو تركت روسيا تضربه ثم وجهت الاتهام العلني لموسكو.

متى يعود نورد ستريم للعمل؟

في ظروف سياسية وتجارية عادية قد يتطلب الأمر سنة على الأقل أما وسط أجواء الحرب والأزمات فلا يوجد موعد محدد.. أيضا يجب التفرقة بين نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2.
نورد ستريم 1 بتديره شركة سويسرية على الورق لكنها روسيا لا تخضع لعقوبات.
أما في حالة نورد ستريم 2، فهناك عقوبات أمريكية عليه بالفعل.. وأيضا بدء الإصلاحات يحتاج لتصريح من الدنمارك للعمل في المياه الإقليمية الخاصة بها، وهذا شبه مستحيل دا يحصل، على الأقل حتى نهاية الحرب في أوكرانيا.

المشكلة التقنية هنا إن الضرر الذي وقع فعلا قد لا يكون نهاية المطاف، كمثال: الأنابيب قد تكون غير مهيئة لملامسة مية البحر من الداخل لفترات طويلة، وممكن في حالة استعادة الضخ المفاجئ أن تتعرض لضرر أكبر.

من سيتحمل فاتورة الإصلاح والصيانة؟

لو لم تحدث أضرارا جديدة فتكلفة الإصلاح لن تتعدي مئات الملايين أو مليارات الدولارات على أقصى تقدير وهي جزء صغير جدا من الميزانية السنوية لشركة غازبروم.