حكم المسلمون الهند منذ القرون الوسطى في سبع سلالات متعاقبة. لكن الإمبراطور المغولي أورنجزيب، في القرن السابع عشر، يحظى بالنصيب الأكبر من كراهية القوميين الهندوسيين، الذين يرونه قاتلاً وحشيًا أجبر غير المسلمين على تغيير دينهم، فهدم المعابد وبنى مكانها مساجد، صارت هي بالذات سبب الأزمات المتكررة التي تندلع في الهند مؤخرًا.
وبينما يطالب الهندوس، المسلمين، بالتبرؤ من أورنجزيب علنًا، يقول المسلمون إن الهندوس اخترعوا نسخة شريرة منه، بهدف تعزيز كراهية المسلمين.
قبل وصول الإنجليز، كانت الهند متورطة فعلًا في صراعات بين المسلمين وغير المسلمين، وبين المسلمين أنفسهم، أشهرها ثورة الداعية أحمد بن عرفان السلفية، التي نشرت فتاوى الجهاد والتكفير وإعلان الهند دار حرب، والتي انتهت بانتقال الهند لتبعية التاج البريطاني.
مع وصول المحتل البريطاني، شهدت الهند صدمة حضارية شبيهة بصدمة المصريين الحضارية مع وصول الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، مع ظهور حركة تحديث أدت إلى توضيح أكثر دقة لاختلاف الهويات.
بوصف مؤسس باكستان، محمد علي جناح، فالهندوس والمسلمون ينتمون لفلسفتين دينيتين مختلفتين، وعادات اجتماعية وتقاليد مختلفة، وينتمون إلى حضارتين مختلفتين تقومان أساسًا على أفكار ومفاهيم متضاربة.
نخب الهندوس براهمين كشاتريا، بينما نخب المسلمين فرس وأتراك، وحين بدأ بناء الهوية الحديثة، شكل كل طرف هوياته بناء على تلك التوجهات الثقافية، بالتالي مال كل طرف نحو تفضيلاته الطائفية.
لذلك، ومع نهايات الاستعمار، صاغ الهندوس فلسفة "هندوتفا" القومية، عبر تقسيم يسعى لضمان منع عودة المسلمين للسلطة؛ باعتبارهم "غزاة" لا ينتمون لأصل البلد، ولهم ولاءات خارج الهند. بالتالي، يجب أن يظلوا طبقة دنيا في النظام الاجتماعي.
عملية التحديث البريطاني وسعت بدورها معرفة القراءة والكتابة، وأدت إلى انتقال تلك الأيديولوجيا من النخبة إلى الجماهير.
وبينما يعتمد بناء الأمة الحديثة على صياغة مجموعة موحدة من المبادئ الوطنية، استخدم الهندوس والمسلمون مرجعيات متباينة عبر الاعتماد على التاريخ للتعبير عن أهدافهم الاجتماعية والسياسية وبناء هوياتهم الحديثة.
مسلمو الهند أظهروا حنينًا معلنًا لأيام "مجد الإمبراطورية المغولية"، والأدب بالفارسية والأردية المكتوب بالخط العربي.
لكن، ولأن الهندوس أغلبية، فإن الهند الحديثة، حتى بعد تأسيسها كدولة علمانية بعد الاستقلال، اعتمدت على الكثير من رمزية الإمبراطوريات القديمة قبل الإسلام، ليتوسع التباين.
بينما يرى المسلمون أن النظام الطبقي يضع رجال الدين الهندوس "البراهميين الآريين" فوق الجميع، يتخوف الهندوس من "شعور الاستعلاء ثم الإقصاء" عند المسلمين"، الذين يتعاملون باعتبار أن وضعهم كأقلية في الهند مجرد مرحلة مؤقتة، سيتجاوزوها ليعود المسلمون لحكم الهند في أي وقت.
يرى الهندوس كذلك أن المسلمين في الهند لا يتحركون باعتبارهم هنودًا أولًا، بل باعتبارهم مسلمين يساندهم عالم إسلامي كبير يمكنهم تحريكه بـ "شعور الاضطهاد".
بالتالي، حتى الهندوس غير المتدينين ينظرون إلى الإسلام بتخوف.
إمبراطور مسلم مات منذ زمن طويل يزعج القوميين الهندوس (apnews)
لماذا يكره الهندوس المسلمين؟ (milligazette)
أصول الصراع الهندوسي الإسلامي في جنوب آسيا (thediplomat)