أثارت هزيمة الخلافة العثمانية حفيظة عددٍ من قادة المسلمين في الهند، مثل الأخوَان محمد وشوكت علي، والباحث الإسلامي أبو الكلام آزاد وغيرهم.
وفقًا لمعاهدة سيفر، التي وُقِّعت 1920، أجبرت دول الحلفاء الإمبراطورية العثمانية على التنازل عن مساحات شاسعة من أراضيها.
اعتبر هؤلاء القادة أن تهديد سُلطة الخليفة تهديد للإسلام بأسره، وأن إنهاء الخلافة في تركيا سيؤثر بالسلب على أوضاع مسلمي الهند الخاضعين للاحتلال البريطاني.
كما امتلك مسلمو الهند أهدافهم الخاصة من وراء تلك الحركة، إذ اعتبروا أن بقاء الخلافة سيُعزز من مساعيهم لمقاومة الذوبان في صفوف الأغلبية الهندوسية داخل الهند.
نُظمت "مؤتمرات الخلافة" في عدة مدن بشمال الهند، كما تشكلت أذرع للحركة في باقي المقاطعات الهندية، وأسّس الأخوَان علي صندوقًا ماليًا لدعم الخلافة.
لم يكتفِ أعضاء الحركة بذلك، وإنما أرسلوا وفدًا إلى لندن عام 1920م؛ لإقناع المسؤولين الإنجليز بقضيتهم.
نظرت لهم لندن على أنهم "إسلاميون خياليون"، فلم يُنصت إليهم أحد.
أغلب قادة تلك الحركة، انخرطوا لسنوات سابقة في حركات شعبية أخرى سعت لبثِّ الروح القومية في نفوس الهنود. بغرض توجيهها ضد الاحتلال البريطاني
اجتمعت تحت لواء هذا الخطاب المعادي للبريطانيين كافة الطوائف الهندية المختلفة من مسلمين وهندوس.
لم يجد القادة المسلمون صعوبة في حشد التأييد لحركتهم الإسلامية. أفادهم سابق تعاونهم مع زعماء بارزين غير مسلمين مثل المهاتما غاندي الذي وقّع حزبه المؤتمر الوطني الهندي ميثاق تعاون مع "الرابطة الإسلامية" في 1916م.
تحمّس غاندي لحركة الخلافة، واعتبرها فرصة لزيادة الانسجام بين الطوائف الهندية، وتوحيدها ضد هدف مقاومة بريطانيا.
ناصَر الحركة بشدة وأصبح عضوًا رئيسيًا في "لجنة الخلافة"، وظهر في مؤتمراتها ودعَا أنصاره لتأييدها، وهو الجميل الذي ردّه القادة المسلمون بمثله حين أطلق غاندي دعوته إلى "عدم التعاون اللاعنفي" مع البريطانيين، إذ دعّمه الأخوَان علي بكل قوة.
اشتملت هذه الحملة على مقاطعة المدارس والكليات والمحاكم البريطانية، وكذلك مقاطعة السلع البريطانية ورفض التجار الهنود استيراد السلع الأجنبية.
اهتزت الحكومة التابعة لبريطانيا لآثار هذه الحركة، وفي أواخر 1921م أمرت بإلقاء القبض على أقطابها وسجنهم، وعلى رأسهم غاندي الذي قُبِض عليه في 1922م، وسُجن لمدة 6 سنوات.
وبشكلٍ عام، لم تتمتّع تلك الحركة بقوة داخلية حقيقية تسمح لها باحتمال تلك الضربات الحكومية، فذلك التعاون القشري بين الهندوس والمسلمين لم يكن ليمسح أبدًا سنوات العداء الطويلة بين الطائفتين.
في الختام، أتت نهاية الحركة المناصرة لتركيا من تركيا ذاتها، بعدما أعلن القوميون الأتراك، بزعامة مصطفى كمال أتاتورك، الإطاحة بالخليفة محمد السادس، وإلغاء حُكم العثمانيين لتركيا 1922م، ثم إلغاء الخلافة نهائيًا في 1924م.
اعتبر العديد من الباحثين، أن تأييد غاندي لتلك الحركة كان أكبر خطأ سياسي ارتكبه في حياته.
فلقد استنفرت تلك الحركة أقصى طاقات الشحن الطائفي في عروق الهنود بداعي التعاون الهندوسي الإسلامي، وخاصة في صفوف المسلمين الذين يمتلكون مخاوف كُبرى من العيش في دولة تحكمها الأغلبية الهندوسية.
تصاعدت موجة التطرف في صفوف المسلمين؛ زاد معدل إطلاق اللحى وتداوُل الأفكار شديدة التطرف فيما بينهم.
وعندما حلّ موعد الانسحاب البريطاني، كان من المستحيل أن تتعايش الأقلية المُسلمة مع الهندوس في دولةٍ واحدة، فآثروا الاستقلال بمناطقهم الخاصة مُعلنين ظهور دولة باكستان إلى النور.
وإن كان مسلمو باكستان هربوا من الهند المحتقنة طائفيًا، فإن غيرهم لم يفعل. ولا يزال أكثر من مئة مليون من المسلمين يعيشون في الهند حتى الآن، لا تنقطع أعمال التوتر الطائفي بينهم وبين الهندوس حتى هذه الأيام.