في مقامرة وضعت الأمل في مواجهة دروس التاريخ، راهن الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدراته على أن طالبان المتمردة ستوافق على اتفاق سلام متفاوض عليه في أفغانستان، وأن باكستان – راعية التنظيم منذ فترة طويلة – ستضغط عليهم لتقاسم السلطة مع غيرها.
لكن العديد من الخبراء يقولون إن مثل هذه الآمال وهمية، ويرجحون أن ينتصر التاريخ في النهاية: ستواصل باكستان بقيادة عمران خان وحركة طالبان – التي لا يزال مقرها الرئيسي في باكستان – دعم بعضهما البعض في ساحة المعركة وكذلك على طاولة المفاوضات.، ولباكستان أسبابها الخاصة في ذلك.
إلى مزيد من التفاصيل عبر:
س/ج في دقائق
ماذا كان بايدن يتوقع من طالبان بعد الانسحاب؟
كان جو بايدن يظن أن باكستان بقيادة عمران خان وحركة طالبان لن ترغبا في تكرار التاريخ الدموي الذي أدى إلى أحداث 11 سبتمبر 2001.
بحسب فورين بوليسي، تلقى بايدن إشارات “مخادعة” من عمران خان وقيادة طالبان بأن فظائع التسعينيات لن تتكرر؛ لأن أفغانستان وباكستان لا ترغبان في الخضوع لعقوبات عزلة دولية ينتج عنها تدفق هائل للاجئين.
ألا يمكن أن يكون عمران خان وقادة طالبان صادقين فعلًا؟
وفق تحليل فوريس بوليسي، الإجابة المحتملة بالنفي.
الاعتدال الخطابي ومحاولة عمران خان وقادة طالبان تقديم الحركة في صورة رجال الدولة لا يتوافق مع الحقائق على الأرض.
يقول الموقع إن طالبان استأنفت ممارساتها الوحشية السابقة فور زحفها إلى إلى المدن الكبرى.
السفارة الأمريكية في كابول تحدثت عن قتل عشرات المدنيين في عمليات قتل انتقامية ترقى لدرجة جرائم حرب.
ترى باكستان أهمية كبرى في دعم إسلاميي طالبان باعتبارهم يخلقون توازنًا لحسابها في مواجهة الهند؛ باعتبار أن حكومة أفغانية قوية متحالفة مع الهند والغرب ستطوق إسلام أباد.
بروس ريدل، كبير مستشاري 4 رؤساء أمريكيين سابقين في جنوب آسيا والشرق الأوسط، يقول إنه بدون دعم باكستان اللوجستي، لم تكن طالبان لتتمكن من شن الهجون الضخم الأخير.
يضيف أن وكالة الاستخبارات الباكستانية كانت سعيدة لطرد جميع القوات الأجنبية من أفغانستان، وأن هدفها كان إثارة الذعر بين الحكومة والجيش الأفغانيين. لكن الأمور تطورت بسرعة.
ويستبعد تغيير سياسة التحالف بين باكستان عمران خان وطالبان مع مغادرة الجيش الأمريكي وقوات الناتو وانهيار حكومة أفغانستان.
استمر دعم باكستان لحركة طالبان حتى قبل وصول عمران خان بسنوات.
تقول فورين بوليسي إن الأسباب “واضحة وإستراتيجية” تعود إلى نهاية الحرب الباردة، حين تحالفت باكستان والولايات المتحدة ضد الاحتلال السوفيتي في أفغانستان وساعدتا في تدريب “المجاهدين الأفغان” لتغادر أمريكا بعد انسحاب السوفييت في 1989 تاركة باكستان تواجه وحدها الحرب الأهلية على حدودها.
حينها، شعرت باكستان أن خيارها الوحيد هو دعم طالبان.. ليس فقط لأنها الأقدر على السيطرة، بل كـ “مقابل إسلامي قيم” للنفوذ الهندي.
رغم إدراك واشنطن لسلوك باكستان ذي الوجهين، لكنها تحجم دائمًا عن الضغط علىها بقوة مفرطة بسبب خوف واحد: باكستان دولة نووية.
تقول فورين بوليسي إن عزل باكستان عمران خان وتعريفها “داعمة للإرهاب” بسبب دعم طالبان قد يخلق بسهولة كابوسًا أسوأ بكثير مما حدث في أواخر التسعينيات، عندما مكنت شبكة تهريب باكستانية ليبيا من الحصول على تصاميم أسلحة نووية.
الأكثر إثارة للخوف هو احتمال انقسام باكستان غير المستقرة والمعزولة، وقد يحصل المتطرفون على أسلحة البلاد النووية.
لكن هل كل الأمور وردية بالنسبة لباكستان.. أم هناك خطر من طالبان ؟
رغم دعم باكتسان المفتوح لحركة طالبان طوال السنوات الماضية، يخشى مسؤولون باكستانيون أنهم ربما ساعدوا في خلق وحش طالبان من جديد، وهو وحش لم يعد تابعًا لإسلام أباد، بل ينشر أيديولوجيته المتطرفة عبر الحدود.
مصدر المخاوف أن طالبان باكستان هي الأخرى كثفت الهجمات بالتزامن مع طالبان في أفغاستان، زادت الهجمات داخل باكستان رغم كونهم تنظيمًا رعاه الجيش الباكستاني ووكالة الاستخبارات الداخلية في المناطق القبلية، خوفًا من الأعمال الإرهابية ضد باكستان نفسها.
المحلل الباكستاني مشرف زيدي يقول إن التعبير عن تلك المخاوف بدأ يظهر للعلن. وهذا مؤشر مهم.