باكستان وإسرائيل | السلام قريب لكن العملية معقدة.. هل يحسمها الجيش؟ | س/ج في دقائق

باكستان وإسرائيل | السلام قريب لكن العملية معقدة.. هل يحسمها الجيش؟ | س/ج في دقائق

23 Dec 2020
إسرائيل
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

القصة في دقيقة:

الأنباء تتواتر على مدار أشهر بترشيح باكستان لتطبيع علاقات رسمية مع إسرائيل قريبًا. العملية معقدة؛ لأن الحكام المدنيين في باكستان لا يبدون أصحاب القرار الفعلي، بل المؤسسة العسكرية، التي تحتاج بدورها وجها سياسيا مدنيا لتسويق السلام مع إسرائيل.

العلاقات بين باكستان وإسرائيل متجذرة منذ أحداث أيلول الأسود في الأردن.

لخمسين عامًا، أدار البلدان علاقات سرية قوية لم ترد باكستان إظهارها للعلن لعوامل داخلية وخارجية. على رأسها: قضية كشمير – الخوف من إيران – تحركات الشارع – التحالف مع تركيا التي وللمفارقة كانت راعية العلاقات بين باكستان وإسرائيل في 2005.

لكن الوضع يتغير، مع 5 عوامل تحفز باكستان على السلام مع إسرائيل.. منها: السلام الخليجي، والضغوطات الاقتصادية، والمكاسب العسكرية والمدنية، والرغبة في موازنة الهند، وتحسين الصورة أمام الولايات المتحدة.

س/ج في دقائق


لماذا تواتر الحديث عن سلام باكستان وإسرائيل للعلن مؤخرًا؟

في أوائل 2018، في رحلة رسمية إلى الهند، قال رئيس وزرء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن بلاده “ليست عدوة باكستان”.

من حينها تكررت التحليلات، حتى خرج رئيس حكومة إسلام أباد في مقابلة تليفزيونية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، ليقول إن “دولًا إسلامية شقيقة” تضغط على باكستان لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأن ذلك لن يحدث “حتى يحصل الفلسطينيون على…” ثم تردد. اقترح المحاور إكمال الجملة بكلمة “دولة” لكن خان اعترض، وكرر: “تسوية عادلة.. تسوية يرضون عنها”.

هاآرتس اعتبرت إن إدخال “تسوية” خطوة كبيرة بعيدًا تخطوها باكستان بعيدًا عن العداء الأيديولوجي، خصوصًا أن عمران خان قدم تبريرًا دينيًا للتسويات باعتبار أن “النبي محمد تنازل في صلح الحديبية من أجل هدف كبير”.

في نفس الشهر، أكدت تقارير  إسرائيلية زيارة مستشار عمران خان إلى إسرائيل لتحسين العلاقات بين الدولتين.

حكومة باكستان نفت، لكن مدير مركز أبحاث باكستاني في لندن أعلن تفاصيل الزيارة، مؤكدًا أن الرحلة إلى تل أبيب مرت بلندن أولًا.

لم يعد شرق أوسط أوباما.. من يختار جو بايدن: محور إبراهام أم “الراية الساقطة”؟ | ترجمة في دقائق


متى وكيف بدأت علاقات باكستان وإسرائيل السرية؟

في 1947 استقلت باكستان. بعدها بعام أُعلن قيام إسرائيل. لم تعترف بها باكستان، وكتبت على جوازات سفرها أن الوثيقة صالحة لجميع البلدان إلا إسرائيل.

لكن التعاون العسكري السري بين باكستان وإسرائيل بدأ في 1970 بقيادة الجنرال محمد ضياء الحق الذي أرسل قوات باكستانية لمساندة الأردن في حرب أيلول الأسود ضد التنظيمات الفلسطينية في 1970، فحظى ضياء الحق باحترام في إسرائيل.

بعدها، توطد التعاون في الثمانينيات خلال الغزو السوفيتي لأفغانستان، حيث نسق البلدان موقفهما وتبادلا المعلومات.

في التسعينيات، أرسل رئيس الوزراء نواز شريف وفدين لإسرائيل لبحث تطبيع العلاقات، والتقت بينظير بوتو بوفد إسرائيلي في واشنطن، وأرسلت وفدًا إلى إسرائيل.

برويز مشرف كان أكثر وضوحًا. دعا علنًا لتدشين علاقات لموازنة انفتاح الهند على تل أبيب.

وفي عهده حدث أول اتصال رسمي بوساطة أردوغان، حيث التقى وزير الخارجية خورشيد قاصوري بنظيره الإسرائيلي سيلفان شالوم في 2005.

وفي 2009، نقلت وكالة الاستخبارات الباكستانية معلومات للموساد حول مؤامرة لقتل إسرائيليين في الهند.

وفي عام 2018، وردت تقارير أن طائرة خاصة انتقلت من تل أبيب لباكستان، قبل يوم من وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عمان، لكن الحكومة الباكستانية نفت ذلك.



لماذا استغرقت باكستان كل هذه المدة دون إعلان العلاقات رسميًا؟

السلام الكامل بين باكستان وإسرائيل يواجه عقبات:

1- كشمير

سجل باكستان الطويل في مساواة حق الفلسطينيين والكشميريين في تقرير المصير يعني أن تطبيع العلاقات قبل حل القضية الفلسطينية سيسلب باكستان مبررات تعزيز مطالبها في كشمير.

2- الصدام مع الشارع

التكاليف السياسية لتطبيع علاقات باكستان وإسرائيل باهظة للغاية بالنسبة لإسلام أباد. أي نظام يعلن السلام مع إسرائيل سيوجه ضربة لشعبيته، وقد يعقب ذلك احتجاجات عنيفة تسقط نظامه، خصوصًا أن المتشددين دائمي التظاهر ضد إسرائيل، واعتبروا التطبيع الخليجي خيانة.

3- إيران

علاقات باكستان مع إيران تتصاعد رغم اعتماد باكستان الكبير على الخليج. الدولتان مرتبطتان بآلاف السنين من الثقافة والتاريخ المشتركين. لكن الصراع الجيوسياسي الأخير له نفس الأهمية، السعودية تتقارب مع الهند، وباكستان تعزز علاقاتها مع إيران ومحور تركيا قطر. وإذا اختارت إسلام أباد السلام مع إسرائيل سيعني ذلك لإيران أن باكستان حسمت أمرا بتفضيل علاقاتها بالخليج عليها، بما يعنيه من عواقب على استقرار باكستان.

4- تركيا

وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، ذكر أنه إذا لم تدع الرياض لجلسة خاصة لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة قضية كشمير، فستذهب باكستان إلى دول إسلامية أخرى- ماليزيا وإيران وتركيا – لدعم باكستان بقوة أكبر.

تركيا تتمتع بالفعل بقوة ناعمة تنامت خلال العقدين الأخيرين في باكستان، وهي أكثر المتحدثين بحماس عن كشمير. وعلى باكستان اختيار أولوياتها بين الطرفين.

باقية وتتمدد | أردوغان يمدد نفوذ العثمانية الجديدة في اتجاه آسيا أيضا | س/ج في دقائق


وما الذي قد يحفز باكستان الآن لإقامة سلام مع إسرائيل؟

أغلب الأسباب الدافعة لتطبيع علاقات باكستان وإسرائيل مرتبطة بالتغير الجيوسياسي في المنطقة:

1- التوجه الخليجي:

عمران خان أشار لضغوط “دول إسلامية شقيقة” لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. تاركا للمحللين افتراض أنه يقصد السعودية والإمارات.

ويحول أكثر من 4 ملايين باكستاني ما يقرب من 4 مليارات دولار من السعودية والإمارات سنويًا، وهو ما يمثل تقريبًا نصف التحويلات (9 مليارات). كما اعتمدت باكستان تقليديا على السعودية والإمارات في الدعم الاقتصادي.

2- الهند

باكستان بحاجة لحليف في المنطقة لموازنة علاقات الهند المتنامية مع دول الشرق الأوسط مثل الإمارات والسعودية وإسرائيل، خصوصًا مع ضعف العلاقات الباكستانية مع السعودية والإمارات.

كما أن باكستان بسلامها مع إسرائيل، تمنع الهند من استخدام خطاب الإسلاموفوبيا تجاهها.

علمانية الهند تتآكل لحساب الهندوس.. كيف يدفع مسلموها الثمن؟ | س/ج في دقائق

3- تطبيع العلاقات العربي

العديد من الدول العربية بدأت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بما يعني تغيير موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي. وحاولت العيش بسلام مع خصمها التاريخي، فما الفائدة من اتباع باكستان “الأبعد” سياسة معادية لإسرائيل؟

4- العلاقات مع واشنطن:

السلام سيحسن العلاقات مع الولايات المتحدة، حاليًا، تشك الولايات المتحدة في باكستان. وزير الدفاع الأمريكي السابق جيم ماتيس وصفها بـ “أخطر دولة في العالم” بسبب تطرف مجتمعها وامتلاكها الأسلحة النووية.

من خلال السلام مع إسرائيل، يمكن لإسلام أباد أن تثبت للقيادة الأمريكية أنها مستعدة لاختيار البراجماتية، بدلاً من التطرف، كقاعدة للسياسة الخارجية.

5- مكاسب أخرى:

قد تبرم باكستان وإسرائيل صفقة تجارية صغيرة أو الدخول في شراكة استثمارية تلبي احتاياجات البلدين، مثل بيع إسرائيل لتكنولوجيا المياه لمساعدة الزراعة في باكستان، أو بدء باكستان في تصدير منتجات المنسوجات إلى إسرائيل.

كما ستستفيد باكستان أيضًا من فرصة شراء أنظمة أسلحة متطورة إسرائيلية الصنع، والتي كانت دافعًا رئيسيًا وراء الإجراءات الأخيرة للإمارات والبحرين.

إسرائيل أحد العوامل.. الإمارات تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط | س/ج في دقائق


من سيقود السلام إذا كانت الحكومة تخشى الشارع والتحالفات؟

الجيش يدير الدبلوماسية في باكستان. ما يدعم اقتراب تطبيع العلاقات بين باكستان وإسرائيل أن إعلاميين مفضلين لدى الجيش الباكستاني يسوقون للفكرة علنًا.

وليس مصادفة أن الغالبية العظمى من تاريخ العلاقات كان بتدبير الجيش الباكستاني، وأفرعه الأمنية والاستخباراتية.

الجيش لن يضع أي تداعيات سياسية في الاعتبار؛ لأنه يتحكم إلى حد كبير في جماعات الضغط الإسلامية التي غالبًا ما تستخدم لإثارة الغضب الديني لتخويف القيادات المدنية في البلاد.

كما أن الجيش هو من يقود التعامل مع السعودية، وليست وزارة الخارجية، والرفض الذي يعلنه خان وحكومته تجاه السلام مع إسرائيل، ما هو إلا تنفيس عن غضبهم لتجاهلهم.

لكن في كل الأحوال، فإن الجيش سيحتاج إلى زعيم محلي مدني لتسويق السلام مع إسرائيل، وإذا أراد خان الاحتفاظ بوظيفته، فهذا ما عليه فعله، لكن خان لا يرحب بذلك خوفًا من الشارع.


هل هناك مصادر أخرى لزيادة المعرفة؟

معضلة إسرائيل الباكستانية (معهد دراسات الشرق الأوسط)

لماذا ستكون باكستان أقرب إلى التطبيع مع إسرائيل؟ (آسيا تايمز)

زيارة مسئول كبير لإسرائيل تشعل موجة غضب في باكستان (تايمز أوف إسرائيل)

ربما التقى مسؤولون باكستانيون مع إسرائيليين وسط شائعات عن اتفاق سلام (جيرزواليوم بوست)

لماذا صعبًا التوصل لاتفاقية سلام بين إسرائيل وباكستان؟ (ذا دبلومات)

 

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك