تبحث الشركات عن تعريف جديد للمكتب التقليدي تحكمه اعتبارات الاقتصاد المتقلص. الشركات تبحث عن طرق جديدة لخفض التكاليف خلال فترة الركود المتوقع أن تكون الأسوأ منذ الكساد الكبير.
الآن، تقول العديد من الشركات إنها ستسمح لعدد أكبر من الناس بالعمل من المنزل وإعادة هيكلة طوابق المكاتب للسماح بمساحة تباعد أكبر بين الموظفين.
وتعيد الشركات تقييم احتياجاتها العقارية في عصر كورونا، بدراسة ما إذا كانت القوى العاملة اللامركزية قد تخفض التكاليف. أو على الأقل نقل المكاتب الرئيسية إلى مناطق أخرى تمكنهم من الحصول على مساحة أكبر مقابل نفس المبلغ، بما يوفر أماكن كافية للسماح للموظفين بتحقيق التباعد الاجتماعي المطلوب.
المدير التنفيذي لشركة مورجان ستانلي، جيمس جورمان يقول إن خطوة مماثلة كانت مستحيلة قبل 3 أشهر فقط: “إذا طلبت مني قبل 3 أشهر أن يعمل 90% من موظفينا من المنزل، لقلت إنها مخاطرة لا أود تجربتها. الخطأ في ذلك سيكون ضخم التكلفة”.
ستوفر الشركات الكبرى تكاليف العقارات، لكنها قد تكافح في المزايدة مع الشركات الصغيرة للحصول على أفضل المواهب إذا لم تعد مزايا المكاتب التقليدية مثل الوجبات المجانية وساحات انتظار السيارات والدراجات ضرورية كما كانت من قبل.
ستخسر الشركات كذلك فترات الراحة القصيرة التي يتبادل فيها المدراء والموظفين أفكار تحسين العمل بطريقة ارتجالية.
على العكس، يقول بعض المديرين التنفيذيين إن تقديم خيار العمل من المنزل يبقي الموظفين سعداء ويساعد على جذب مرشحين أفضل للوظائف. ديسكفري إنك، الشركة الأم لقناتي تي إل سي وفوود نتوورك، تقول إن استطلاعاتها أظهرت أن الموظفين يفضلون العمل من المنزل يومين في الأسبوع حتى عندما تعود الأمور إلى “الوضع الطبيعي”، مؤكدة أن النظام حقق نتائج أفضل من المتوقع، لتقرر تقديم خيار استمراره حتى بعد نهاية وباء كورونا.
يمكن للموظفين الاحتفاظ بنفس رواتبهم الحالية مع الانتقال للسكن في مناطق أقل في التكلفة المعيشية. بالمقابل، سيتوفر للشركات خيار الاستغناء عن موظفيها والاستعانة بآخرين من الخارج قد يكونون أعلى مهارة وأقل في الرواتب.
لا يزال العديد من المرتبطين بصناعة العقارات يقولون إنه لا بديل عن وجود جميع الموظفين تحت سقف واحد. ويل سيلفرمان، المدير الإداري في شركة إيستديل سكيورد إنترناشونال للخدمات المصرفية يقول إن أحد أهم جوانب الأعمال على مدى العقدين الماضيين كان تأسيس “ثقافة الشركة” باعتبار أن امتلاك الثقافة الصحيحة على مستوى الشركة يمكن أن يجعل شركتك ناجحة.
يقول إن تأسيس مثل تلك الثقافة قد يكون مستحيلًا بين موظفين لا يتقابلون وجهًا لوجه، أو يتقابلون لأيام أقل أسبوعيًا.
للحفاظ على “ثقافة الشركة”، لجأت بعض الشركات لعقد تجمعات ترفيهية افتراضية تجمع موظفيها عبر الإنترنت.
في وادي السيلكون، حيث كانت ثقافة الشركة دائمًا حجر الزاوية، بدأت بعض أكبر الشركات إعادة تخيل مستقبل ما بعد كورونا.
تويتر منحت موظفيها خيار استمرار العمل من المنزل حتى بعد انتهاء الوباء، مع استثناءات لبعض الوظائف التي لا يمكن القيام بها عن بعد. مع ذلك، لا يخطط تويتر لإغلاق أو تقليص أي من مكاتبه.
جنيفر كريستي، مديرة الموارد البشرية في تويتر، تقول إن المزيد من الموظفين باتوا يشاركون في الاجتماعات بعدما أصبحت افتراضية.
جون ستروب، الرئيس التنفيذي لشركة بيلدين إنك للتصنيع يقول كذلك إنه لاحظ تحسن تفاعل الموظفين بعد عقد الاجتماعات إلكترونيًا. “في مارس كان الحرج ظاهرًا على العديد من الأشخاص في مكالمات الفيديو. الآن، التفاعل، والمزاج، وحتى لغة الجسد باتت متشابهة تقريبًا مع الاجتماعات التقليدية”.
يستشهد ستروب بذلك للتأكيد على أن الحفاظ على ثقافة الشركة ممكن حتى مع العمل عن بعد.
تقاوم شركات التراجع التام عن العمل من المكتب لعدة أسباب. ففي حين أنه يمكن إجراء العديد من الوظائف عن بُعد، غالبًا ما تستفيد الوظائف الإبداعية من الوجود حول الآخرين. وجود جميع الموظفين في مكان واحد كذلك يجعل التعاون أسهل. تنظر بعض الشركات إلى المكاتب الكبيرة كوسيلة لحماية المعلومات الحساسة ومراقبة موظفيها.
كما أن بعض الموظفين يعتمدون بشكل أكبر على القدرات التي يمكن أن يوفرها مكتب مركزي، مثل الإنترنت عالي السرعة الذي لا يمكن الوصول إليه دائمًا من المنزل.
تينا ويتني، العضو المنتدب في شركة Deloitte، تقول إن الموظفين الأصغر سنًا غالبًا ما يحتاجون إلى التفاعل وجهًا لوجه لبناء شبكة والتقدم في حياتهم المهنية. الموظفين الذين لديهم أطفال صغار أو شقق صغيرة لديهم أسباب أخرى لعدم العمل من المنزل.
بعض الشركات قد تتخلى عن المكتب تمامًا. شركة سكيفت إنك، وهي شركة إعلامية تغطي صناعة السفر، قررت التخلي عن مكتبها في وسط مانهاتن ومساحة العمل المشتركة لموظفيها في لندن.
رأفت علي، الرئيس التنفيذي لسكيفت، يقول إن الخطوة ستوفر نحو 600 ألف دولار سنويًا، بما في ذلك نفقات المرافق والوجبات المكتبية الخفيفة ومزايا الانتقالات.
يطرح خيارًا بديلًا باستئجار مساحة عمل مرنة ليوم أو يومين أسبوعيًا ليتمكن الموظفون من الاجتماع معًا.
يضيف علي: “تعلمنا ما يعنيه عدم الحضور إلى المكتب. هذا هو الوقت المثالي للبناء على ذلك”.
تحاول شركات أخرى إيجاد حل وسط بين العمل من المنزل والعمل من مكتب كبير. يتطلعون لفتح مكاتب تابعة أصغر بالقرب من المكان الذي يعيش فيه الموظفون. يعتقدون أن العمال يرغبون في الخروج من المنزل لكنهم لا يريدون رحلات الانتقال الطويلة، التي أصبحت مصدر قلق كبير على الصحة.
يقول بعض السماسرة والمحللين أن الوباء يمكن أن يؤدي إلى إحياء مكاتب الضواحي، التي عانت مع ارتفاع معدلات الشغور لسنوات. وإيجارات الضواحي أرخص بنسبة 40٪ في المتوسط عنها في وسط المدن، وفقًا لـ Moody Analytics Analytics REIS.
وول ستريت جورنال: متى يحين وقت العودة للمكتب؟ هل نظل هناك للأبد؟