Promising Young Woman | فيلم متطرف عن الاغتصاب.. لكنه ليس مجرد فيلم! | أمجد جمال

Promising Young Woman | فيلم متطرف عن الاغتصاب.. لكنه ليس مجرد فيلم! | أمجد جمال

26 Jan 2021

أمجد جمال

ناقد فني

سينما عالمية
رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك
حجم الخط

Promising Young Woman “شابة واعدة”  فيلم جديد عن قضية الاغتصاب في عصر ما بعد “Me too”.. لكنه ليس مجرد فيلم آخر.

موضوع الفيلم والظرف الثقافي المصاحب له قد يظلمه في التقييم بحال لو حسبناه على موجة أفلام الصوابية السياسية والتمثيل الفئوي المسيطرة على مشهد الجوائز والمهرجانات في السنوات الأخيرة.

لكن Promising Young Woman برغم أن قضيته تنتمي لواحدة من حزمة القضايا المحسوبة على هذا المعسكر، إلا إنه متميز ومخالف للسمات الكريهة بأفلامهم؛ ليس لأنه بعيد عن الوعظ والخطابية والتوجيه، لكن ربما لأنه يفعل تلك الأشياء بأكثر الوسائل تطرفًا وانغماسًا ودون اعتذار أو توازن، ما يجعله مميزًا عن أي فيلم آخر شاهدناه من نفس النوعية، ومتفوق باندهاش وطزاجة بتوقيع مُخرجة تقدم فيلمها الطويل الأول.

Promising Young Woman

تايم لاين في دقائق| #MeToo .. صدمة ما بعد السنة الأولى

قصة Promising Young Woman

كاساندرا، الشخصية الرئيسية التي يتمحور حولها الفيلم، كانت طالبة متفوقة في كلية الطب. ينتظرها مستقبل واعد. لكنها أصيبت بأزمة نفسية بعد وفاة صديقتها المقربة وزميلة دراستها نينا فيشر بعد تعرضها للاغتصاب من طالب في الكلية وهي ثملة دون إدانة لمغتصبها. فتحتج كاساندرا على تلك الجريمة بترك الدراسة بالكلية.

لكن الأثر النفسي عليها من الحادث امتد ليجعلها تسلك سلوكيات غريبة أقرب للفصام: بالنهار تعمل باريستا بمقهى، وفي الليل تجوب الشوارع وأماكن السهر متظاهرة بالانفلات والثمالة لتترك الرجال يقتادونها واضعة الفرصة أمامهم باستغلالها جنسيًا، ومن ثم تفاجئهم بالخدعة وتواجههم بحقيقة أنهم مغتصبون منتهكون لعرض امرأة ليست في وعيها لتقبل بالجنس أو ترفضه.

وبذلك تصب غضبها على المجتمع المتصالح مع ثقافة الاغتصاب بصفة عامة، وتنتقم من ذكور بعينهم دمروا حياتها وأنهوا حياة صديقة عمرها.

ليس ذلك الملخص الوافي لقصة Promising Young Woman أو لطبيعة شخصية كاساندرا، فهي شخصية تنمو على الشاشة بدينامية يصعب تبسيطها. تتغير أحكامنا عليها مع كل دقيقة.

وتلك التغيرات نفسها تدعم رسالة الفيلم النهائية؛ فما نحكم عليه في البداية أنه “انفلات” يتضح أنه مجرد مصيدة، وما نعتبره سيكوباتية يتحول سريعًا لنوع خاص من النبل، وكأنها روبن هود النساء.

أساليبها التي بدت شاذة ومثيرة للشفقة يتضح أنها وسيلة مبتكرة للانتقام، يمكن تصنيفه بالانتقام الأيديولوجي أو السيكولوجي، انتقام بأن تثبت لنفسها وللآخرين شيئًا قد فشلت نينا بإثباته في تحقيقات الجامعة.

ليس كل الرجال.. حقًا؟

المثير في الفيلم أن الألاعيب التي تمارسها البطلة ضد خصومها تُمارس كذلك على المتفرج، بحالة البناء والهدم المتواصلة للحقائق والمفاهيم. والجديد كذلك في هذا النوع من الأفلام أن كاتبة ومخرجة الفيلم “إميرال  فينيللي” تستهدف فئة الذكور التي تبرئها تلك النوعية من الأفلام عادة،

الفئة التي كنا نسميها الرجل اللطيف – الجنتل مان – النايس جاي – أو ذكر البيتا، فمعظم أو كل الرجال المذنبين في أحداث الفيلم ابتعدوا عن ستيريوتايب المغتصب، فإما وصفوا أنفسهم بـ “الرجل اللطيف” أو تظاهروا بأنهم من فئة “الرجل اللطيف” البعيد عن الشبهات،

فبعضهم طلبة بكلية الطب سيكونون أطباء الغد،

وأحدهم كان كاتبًا مثقفًا من النوع الذي يتملق النساء بعبارات مثل “أحب جوهرك بلا مساحيق التجميل”،

وأحدهم تظاهر بأنه يساعدها لتفوق من ثمالتها.

في إحدى المناظرات الحوارية بين كاساندرا وأحد خصومها تقول ساخرة: “أتعلم أن أخطر أنواع الرجال هم أولئك الرجال اللطفاء؟!” وكأن صانعة الفيلم تتعمد اختصار الجدل الذي يجري عادة مع ذلك النوع من المناقشات، والذي يحاول تبسيط مشكلات النساء بعبارات على شاكلة “ليس كل الرجال”.

وهنا، تستبق فينيللي تلك الحجة بطرح راديكالي مدهش:

“بلى، كل الرجال وعلى رأسهم أولئك اللطفاء!” وإذا كانت تصدت لتلك الحجة الكلاسيكية، فالطبيعي أنها نسفت الحجج الأضعف مثل “هي من جلبته لنفسها”، “لم أكن في وعيي”، “ولكن ملابسها!”… إلخ.

films gives | Tumblr

هل ينصف الطب الشرعي ضحايا الاغتصاب والتحرش والاعتداءات الجنسية؟ | بودكاست دقائق

تطرف وانغماس بأثر إيجابي

جرأة الطرح الفكري في Promising Young Woman جاءت متناغمة مع الأسلوب السينمائي لفينيللي في عرض القصة، بمفردات متساهلة مع تفضيلاتها الشخصية دون التزام بنسق محدد.

مثلًا، ظهرت سمات أفلام الجونرا وبخاصة الرعب والإثارة المتمثلة في كثرة ردود الموسيقى التصويرية والمؤثرات.

وفي أحد المشاهد تعطي فينيللي التحية لفيلم الرعب الكلاسيكي Night of the Hunter، وتعيد استخدام إحدى مقطوعاته الغنائية، كما نلاحظ استحضارها لسمة رخيصة في أفلام الانتقام التقليدية، وهي ترقيم المستهدفين على الشاشة بطريقة I – II – III – IV.

كثرة أغاني البوب التي تعلق على الأحداث بطريقة الأفلام التجارية في التسعينيات، والملاحظ أن جميع الأغنيات (17 أغنية) لأصوات نسائية، إمعانًا لحالة الحرب الجندرية التي لا يعتذر الفيلم بطرحها وأخذ صف أحد أطرافها دون حياد.

يظهر كذلك توظيف الألوان بوضوح للتعبير عن تلك الحرب، فاللونان الوردي والأزرق يسيطران على باليتات الصورة بشكل لافت، وهما اللونان اللذان يمثلان ثنائية الأنثى والذكر.

تترات الفيلم تُكتب باللون الوردي. ملابس البطلة تتبدل بين درجات الأزرق والوردي بحسب حالتها النفسية المتغيرة تجاه الرجال. ورسائل الهاتف بنهاية الفيلم نراها محاطة بهالة من اللون الوردي على غير عادة تطبيقات المراسلة.

توظيف الوردي والأزرق

رغم أن تلك الخيارات قد تبدو لوهلة متوقعة وكليشيه، لكنها على العكس، تركزت كلها لتعطي Promising Young Woman شخصية مميزة،

فهذه من المرات النادرة التي نشاهد فيلمًا يطرح قضية جادة بنزعة “البوب كالشر”، مفعمة بهذا الحس الاستعراضي المراهق والجمالي في آن واحد،

أخص بالذكر مشهد التتر الافتتاحي، على أنغام أغنية حماسية والبطلة تسير في شوارع المدينة صباحا بثقة وكبرياء متناقضين مع حالة ملابسها غير المهندمة وسيقانها المتسخة أثناء تناولها شطيرة يسيل منها الحشو بصورة مقززة وقد أفلتت لتوها من محاولة اغتصاب، لكن الكاميرا والمؤثرات يأبيان أن يظهراها إلا كبطلة خارقة.

Promising Young Woman قام أيضا على تهجين الحالات المزاجية، فهو أحيانًا فيلم إثارة، وأحيانًا رومانسي، وأحيانًا كوميدي. ذلك الهجين في الأمزجة عمل بصورة جيدة من حيث التنفيذ، وتم استثماره في رحلة تطور شخصية البطلة، وإعطائها حقها في الفرص لتعيش كل الحالات.

promising-young-woman-emerald-fennel-carey-mulligan-bo-burnham-pride-interview-raffy-ermac

ما تكشف عن كيفن سبيسي لم يكن قضية التحرش بالذكور فقط | س/ج في دقائق

كاري موليجان في الطريق للأوسكار

اختيار الممثلة كاري موليجان لأداء دور كاساندرا اختيار موفق؛ متماش مع تركيبة شخصية أصولها رقيقة ملائكية لكن الظروف حولتها للأنثى السينمائية الخطرة (Femme fatale)،

كاري موليجان أنسب انصهار لهذه التركيبة المتناقضة، قدمت أداءً نسائيًا يصنف بين الأفضل في سينما 2020، وهي إحدى الأسباب الرئيسية في نجاح الفيلم بإيصال رسائله ومشاعره، ولن يكون غريبًا أن تحظى بترشيح لجائزة أفضل ممثلة من الأوسكار والجولدن جلوب.

كذلك الكوميديان “بو بورنهام” في أبرز ظهور سينمائي له بشخصية “ريان” ترك بصمة واضحة بالفيلم ستؤهله لمزيد من الأدوار المهمة قريبًا.

Promising Young Woman | Must See Trailer - Film Viking

رابط مختصر
للمشاركة لـ فيسبوك

موضوعات متعلقة

التعليقات (0)

يجب عليك .. تسجيل الدخول أو التسجيل لتتمكن من التعليق.

تعليقات الفيسبوك