لا نزال في النصف الأول من رمضان. لكن الوقت غير مبكر إطلاقًا لبدء الملاحظات والتساؤلات بخصوص دلالات مسلسلات رمضان 2021.
إليكم 5 منها:
الجملة الشهيرة التي رددها الراحل توفيق الدقن في فيلم الشيطان يعظ تصلح كتساؤل، على ضوء تفضيل كثير من نجوم مسلسلات رمضان 2021 لدور (الفتوة – البلطجي) مقارنة بأية شخصية أخرى.
من السهل أن نفهم جاذبية هذه التركيبة جماهيريًا؛ باعتبارها تركيبة توفر مساحة بصرية وسردية لمشاهد العنف، وتخاطب غرائز وطباع ذكورية. وهو شيء تفعله هوليوود مثلًا بانتظام عندما تقدم أفلامًا عن عالم الجريمة والمافيا.
لكن ابتذال هذه التركيبة بلا معنى وبشكل متكرر وممل، دليل أن الأمر مجرد استسهال واستنساخ من صناع مسلسلات رمضان 2021.
ما سر رداءة مسلسلات رمضان ولماذا ستظل كذلك؟ | حاتم منصور
الأمور تسير بطريقة:
لا صوت يعلو فوق صوت الانتقام والثأر. هذا هو الدافع والمحرك الرئيسي للشخصيات في مسلسلات رمضان سواء كانت ذكرًا أو أنثى، وأيًا كانت طبقتها الاجتماعية.
الانتقام من الأقارب؟ الانتقام من الزوج/الزوجة؟ الانتقام من زملاء العمل؟ كل أنواع الانتقام موجودة تقريبًا في مسلسلات رمضان 2021. والإطار البصري والسردي لهذا الانتقام، يعكس دومًا إذلالًا وطابعًا ساديًا واضحًا.
البواب في السينما | أخلاق القرية في أرقى أحياء العاصمة.. الحياة تحت وصاية عبد السميع! | أمجد جمال
الأمر يدعو للتساؤل: هل هي هوجة سببها نجاح المسلسلات التي اعتمدت على هذا الخط في الأعوام الأخيرة؟
أم أن هذا النجاح/ الهوجة انعكاس لأن كل فرد في المجتمع يعاني من إحساس ما بالهزيمة والخديعة والقهر في علاقاته مع المحيطين، وبالتالي يرغب في مشاهدة شخصيات وقصص، يتحقق فيها الانتقام والإذلال الذي لا يحققه؟
وهل من المبالغة أن نربط رواج خط الانتقام والثأر دراميًا بنقاط أخرى موازية مثل الخطاب النسوي المتزايد على السوشال ميديا، الذي يروج لفكرة أن المرأة دومًا ضحية، وأن الرجل الشرقي استغلالي وحقير؟
الفقرتان السابقتان تنقلنا لرد مكرر لصناع السينما والمسلسلات، عند سؤالهم عن شخصيات أعمالهم: “ولكن هذا نموذج موجود في المجتمع ويستحق تسليط الضوء”.
والحقيقة أن هذا الرد رغم وجاهته تم ابتذاله؛ لأن ما نراه أغلب الوقت في المسلسلات، فن لا يعكس شخصيات البلطجة والانتقام بمصداقية وواقعية، بقدر ما يتعامل معها بنفس النهج الأسطوري، الذي تقدم فيه هوليوود شخصيات خيالية مثل كونج وجودزيلا.
هل تحققت أسطورة نحس رفعت إسماعيل في مسلسل ما وراء الطبيعة ؟ | حاتم منصور
يمكنك أيضًا بسهولة أن تلمح مخلفات من عصر ماسبيرو، وامتداد شعبوي معاصر لمسلسلات المؤلف أسامة أنور عكاشة الشهيرة، حيث الحارة لا تزال في المجمل مقر الجدعنة والأصول والأخلاق، بينما الأثرياء مجتمع منحل وملوث بالسرقة والخيانة الزوجية والمخدرات وجرائم القتل والاغتصاب.
على ذكر المصداقية وكليشية “لكن هذا نموذج موجود في المجتمع”، يمكننا أن نتساءل: متى سنشاهد الصعيدي في المسلسلات بنفس اللهجة والهيئة الموجود بهما فعلًا في الواقع؟!
وهل يمكن الخروج من الطابع السردي والبصري، الذي يقدم دومًا شخصيات الصعيد، إما كسكان عزب وسرايات، وإما كسكان أكواخ من الخوص؟!
6 أسباب لنكسة السينما المصرية المستمرة بخصوص أفلام حرب أكتوبر | حاتم منصور
يمكننا بالتأكيد مشاهدة أعمال وقصص تصبغ الصعيد بلمحة فلكلور أسطورية، وتحافظ على ما اعتبره صناع السينما والمسلسلات كعناصر إثارة من هذا العالم (الصراعات الذكورية – البنادق – المبارزات بالنبوت.. إلخ).
لكن لا بأس أيضًا من وقت لآخر، بعمل يظهر فيه الصعيدي كمواطن عادي آخر يسكن في شقة، ويسير في الشارع وهو لا يحمل مشعلًا للإضاءة!
نعلم منذ زمن أن الفرص في الوسط الفني لا توزع طبقا للكفاءة أو الموهبة، وأن التوريث والقرابة والشللية وخلافه، لهم اليد العليا.
لكن هناك حد أدنى مطلوب من القدرات التمثيلية، كى لا يتعرض متفرج مسلسلات رمضان المسكين لمشهد وأداء تمثيلي كالآتي، من النوع الذي يدفعنا للتساؤل:
ما هذا بحق القطائف؟!