أتى عام 1935م ساخنًا في مصر، فمنذ استقالة سعد زغلول من الوزارة 1924، ثم وفاته اللاحقة، لم يكسب أي رئيس وزراء لاحق ثقة الجماهير والأحزاب. وكان من ضمن القرارات المثيرة للجدل إلغاء حكومة نسيم باشا لدستور 1923.
تراكم الغضب، حتى انفجر في "عيد الجهاد الوطني" والذي كان يوافق 13 نوفمبر سنويًا، إحياءً لذكرى توجه سعد زغلول وزميليه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي للمعتمد البريطاني لمطالبته برحيل قواته عن مصرـ ليستبب رفض المعتمد البريطاني الحديث مع الوفد المصري في اندلاع ثورة 1919، التي انتهت بإصدار دستور 1923 وتنظيم قانون الانتخابات، وصدور تصريح 28 فبراير.
يوم 13 نوفمبر 1935، خطب زعيم حزب الدستوريين الأحرار، محمد محمود باشا، منتقدًا الحكومات السابقة التي اعتبرها فاقدة للشرعية بسبب "قراراتها المُخلِّة بسيادة مصر".
حضور الخطاب كانوا شباب الجامعات الغاضب من تصريح وزير خارجية بريطانيا، صمويل هور، الذي اعتبر فيه الوقت "غير مناسب لعودة دستور 1923"، والذي اعتبروه تدخلاً سافرًا في الشأن المصري.
تأثرا بالخطبة، توجه قرابة 10 آلاف شاب إلى حزب الوفد، حيث خطب فيهم مصطفى النحاس خطابًا ساخنًا، انتهى بجملة قالها القُطب الوفدي إبراهيم عبدالهادي "اعملوا يا أولاد كما كنّا نعمل في سنة 1919".
في اليوم التالي مباشرة، اندلعت المظاهرات الصاخبة في الشوارع تهتف بسقوط الإنجليز.
سريعًا، وقعت اشتباكات عنيفة مع الجنود الإنجليز الذين أطلقوا الرصاص الحي فقتلوا 2 وأصابوا 150 فردًا واعتلقوا 200 آخرين.
في اليوم التالي، تكاثفت المظاهرات بانضمام طلاب الحقوق والآداب والهندسة، لتندلع اشتباكات قتل فيها طالب الآداب عبد الحكم الجراحي.
في الأيام اللاحقة، اشتعلت المظاهرات في الإسكندرية والمنصورة وبورسعيد وغيرها، حتى قيل إنه "لم يبقَ طالب في مصر لم يخرج للتظاهر".
اضطرت الحكومة لإغلاق الجامعة 3 أسابيع متتالية. لكن المظاهرات لم تنقطع، حتى اعتبرها مؤرخون ثورة شعبية لا تقل زخمًا عمّا جرى في 1919.
الملفت هنا أن عددًا من طلبة الثانوي الذين شاركوا في هذه المظاهرات سيصبحون قادة حركة 1952 لاحقًا، مثل جمال عبد الناصر وشعراوي جمعة وجمال سالم.
سقطت الوزارة، وتشكلت حكومة علي ماهر، الذي قرّر عودة العمل بدستور 1923م وإجراء انتخابات برلمانية.
كما سعت بريطانيا لتهدئة الشارع فأعلنت استعدادها لعقد معاهدة تحالف مع مصر بشرط أن يُشكّل الوفد المفاوِض من كافة الأحزاب.
تكللت هذه التطورات بمعاهدة 1936
في ١٩٥١ سيلغي النحاس المعاهدة ويفتح باب مقاومة الإنجليز ما أدى إلى مواجهة الشرطة المصرية للجنود الإنجليز في ٢٥ يناير ١٩٥٢
لم تُفرز ثورة ١٩٣٥ قيادة جماعية واضحة مثلما فعلت 1919 التي صعدت بسعد زغلول إلى صدارة المشهد.. لكن السبب الرئيسي؛ أن قادة يوليو لم يكونوا يميلون إلى ثورة 1919 وتوابعها (ثورة 1935)، بدرجة استدعت إلغاء عيد الجهاد الوطني نفسه.
فضّلت حركة يوليو عبر أفلامها وأغانيها ومناهجها أن تكون ٢٣ يوليو ١٩٥٢ "الثورة المرجعية الأولى" مع إقصاء ثورات ونضال المجتمع المصري إلى الخلفية أو حتى تجاهلها تمامًا.
سنوات ما قبل الثورة، صبري أبو المجد (كتاب)
انتفاضة 1935: بين وثبة القاهرة وغضبة الأقاليم (كتاب)