وقع أول إغلاق لقناة السويس بسبب حوادث السفن في 10 أبريل 1937، عندما تسببت الرياح والعواصف والأمطار في اصطدام السفينة البريطانية فايسروي أوف إنديا بإحدى ضفتي القناة.
حينها، توقفت حركة المرور البحرية كليًا ليوم واحد، حتى تمكن المعنيون من إعادة تعويم السفينة بعد تفريغ جزء من شحنتها، لتعود حركة المرور إلى طبيعتها في اليوم التالي.
في سبتمبر 1953، جنحت سفينة الشحن البريطانية، لورد تشيرش، أثناء عبورها قناة السويس، لتصطدم بست سفن متتابعة وتتعطل حركة الملاحة لفترة وجيزة.
بعدها بعام واحد، اصطدمت ناقلة نفط يونانية عملاقة وزنها 10,000 طن تسمى السلام العالمي بجسر سكة حديد، لتتوقف حركة المرور في قناة السويس بصورة وصفتها نيويورك تايمز حينها بـ "أسوأ مما فعلت قنابل دول المحور في الحرب العالمية الثانية.
حينها، قدر مهندسو القناة أن الأمر قد يستغرق 6 أيام لاستئناف حركة الملاحة، وطالبوا السفن المتجهة للقناة بتغيير المسار إلى رأس الرجاء الصالح أو قبول الانتظار.
حوصرت سبع سفن داخل القناة، وأجبرت أكثر من 200 سفينة على الرسو لحين علاج الأزمة التي انتهت بعد 3 أيام.
في 26 يوليو 1956، أعلن الرئيس المصري وقتها جمال عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس، ليثير رد فعل عنيفا من بريطانيا وفرنسا.
كان التوتر قائمًا بين الدول الثلاث. المصريون احتفوا بالقرار باعتباره تحديًا للهيمنة الاستعمارية الأوروبية. لكن بريطانيا وفرنسا رأتا في الخطوة خطورة تنامي نفوذ عبد الناصر السياسي.
في محاولة للتوصل إلى حل، اقترحت الولايات المتحدة إنشاء كونسورتيوم دولي يضع قناة السويس في أيدي 18 قوة بحرية، لكن الفكرة لم تلق دعما كافيا.
وبعد مشاورات عسكرية سرية، تعاونت بريطانيا وفرنسا مع إسرائيل للسيطرة على قناة السويس بالقوة. ثم هاجمت القوات الإسرائيلية سيناء، وتقدمت 10 أميال نحو قناة السويس، ووصلت القوات البريطانية والفرنسية في النهاية إلى موقع القتال.
أدى الاشتباك على طول الممر المائي - الذي أطلق عليه اسم أزمة السويس - إلى إغلاق القناة لعدة أشهر، قبل أن تتمكن مصر من إعادة فتح القناة في مارس 1957 بعد انسحاب الدول الثلاث وإزالة السفن الغارقة.
بعد عقد كامل، اندلعت حرب يونيو 1967، حيث تحولت قناة السويس إلى ساحة حرب بين مصر وإسرائيل.
أغلقت مصر القناة أمام الشحن الدولي، وقصفت القوات الإسرائيلية منطقة القناة، واحتلت شبه جزيرة سيناء.
تدخلت الخارجية الأمريكية في محاولة لإخراج قناة السويس من الأزمة لكن جهودها فشلت. وبينما احتفظت إسرائيل بالسيطرة على الضفة الشرقية لقناة السويس، حاصرت مصر الضفة الغربية وأغلقت الممر المائي أمام حركة الملاحة.
استمر إغلاق قناة السويس 8 سنوات كاملة، رغم نجاح الجيش المصري في عبور قناة السويس في أكتوبر 1973، لكن تراكم الألغام والقذائف والسفن الغارقة مدد الإغلاق إلى يونيو 1975، بعد فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل ووقف إطلاق النار.
أثناء الإغلاق، تقطعت السبل بأكثر من 12 سفينة شحن في منتصف الطريق عبر القناة في البحيرات المرة.
وأفادت دراسة للأمم المتحدة أن القناة المغلقة كلفت العالم 1.7 مليار دولار بسبب خسارة التجارة وزيادة تكاليف الشحن، وأضاعت على مصر 250 مليون دولار من الإيرادات سنويًا.
أجبر الإغلاق السفن المتجهة إلى أوروبا على تجنب السويس والاتجاه للطرف الجنوبي من أفريقيا، وبدأت شركات الشحن في التفكير في تطوير ناقلات عملاقة كبيرة بشكل متزايد لتقليل عدد الرحلات، مما أوصلنا في النهاية إلى الوصول لتصنيع حاويات بحجم إيفر جيفن.
نوفمبر 2004 حمل أكثر حوادث إغلاق قناة السويس تشابهًا مع حادث إيفر جيفن الأخير، والذي كان أيضًا الإغلاق الأول لقناة السويس منذ إعادة افتتاحها في 1975.
السفينة الروسية المسجلة في ليبيريا "تروبيك بريليانس" والتي تزن 89 ألف طن جنحت في قناة السويس، بما منع ما يصل إلى 60 سفينة من المرور.
وتحدت السفينة كل محاولات سحبها بعدة قاطرات، قبل أن تنجح محاولات تعويمها بعد 5 أيام، بعد سحب حوالي 25 ألف طن من النفط، أي أكثر من ربع حمولتها.
نفس الحادث تكرر تقريبًا في 2006، حين انحرفت سفينة أوكال كينج دور التي ترفع علم هونج كونج بزاوية خاطئة داخل القناة بسبب الرياح والعاصفة الرملية، وانتهى الأمر بسد الممر المائي، قبل أن تعيدها أربع زوارق قَطر لوضعها الطبيعي بعد ثماني ساعات.
في وقت لاحق من نفس العام، عانت سفينة حاويات بريطانية من عطل في المحرك ، وجنحت في القناة وأوقفت حركة المرور باتجاه الشمال.
في جميع الحالات، تم حل أسباب المشكلة بسرعة، لأنها كانت حوادث جنوح معقولة، فلم يحدث من قبل أن أصبحت السفينة محصورة بعرض القناة، مثل السفينة إيفر جيفن.
علقت السفينة العملاقة التي يبلغ طولها 400 متر، إيفر جيفن، وهي سفينة يابانية ترفع علم بنما وتنقل البضائع بين آسيا وأوروبا، يوم 23 مارس في قناة السويس.
يصر مشغلو السفينة على أنها اصطدمت بالضفة بسبب الرياح القوية وعاصفة رملية، لكن ظروف الحادث ما زالت غير واضحة، وإن كانت السلطات المصرية أشارت إلى أن الخطأ البشري ربما كان أحد العوامل.
قبل إيفرجيفن: نظرة على الأزمات التي أغلقت قناة السويس (أسوشيتد برس)