ما الذي يجعل البشر فريدين؟ ما الذي يميزنا عن غيرنا من أسلافنا؟ أو بصيغة أخرى: ما الذي جعل البشر بشرًا؟
خطوة أخرى يتخذها الباحثون نحو حل اللغز بأداة جديدة سمحت بإجراء مقارنات أكثر دقة بين الحمض النووي للإنسان الحديث والحمض النووي لأسلافنا المنقرضين.
والنتيجة مذهلة: 7% فقط من الجينوم نتشاركه نحن البشر بشكل لم يكن موجودًا عند سلافنا.
نسبة يصفها ناثان شايفر، عالم الأحياء الحاسوبية بجامعة كاليفورنيا والمؤلف المشارك للورقة البحثية الجديدة: بـ “الصغيرة جدًا” بدرجة تبعد العلماء عن التفكير في أننا كبشر مختلفون تمامًا عن أسلافنا من إنسان نياندرتال مثلًا.
المفاجأة الأكبر أن جزءًا أصغر من الجينوم (1.5% فقط) فريد بالنسبة لنا، ومشترك بين جميع البشر الحاليين. شظايا الحمض النووي تلك قد تحمل الدلائل الأكثر أهمية على ما يميز البشر المعاصرين حقًا.
تلك المناطق من الجينوم الغنية جدًا بالجينات التي لها علاقة بالتطور العصبي ووظيفة الدماغ.
س/ج في دقائق
ما هو الجينوم؟
الجينوم خريطة جينية لكامل المادة الوراثية (الحمض النووي) داخل مختلف الكائنات الحية، شاملة كل الجينيات، سواء كانت وظيفية أم لا.
في 2003، أكمل العلماء أخيرًا مشروع الجينوم البشري، وهو جهد متعدد الجنسيات استمر 13 عامًا لرسم خرائط لكل 3.2 مليار زوج أساسي في الحمض النووي البشري.
بعد ذلك، توالت الدراسات على الجينوم، وتمكن العلماء من تحديد جينومات الأنواع الأخرى، بما في ذلك إنسان نياندرتال ودينيسوفان.
استخدم البحث الحمض النووي المأخوذ من بقايا إنسان نياندرتال والدينيسوفان. وقارن الباحثون الحمض النووي مع 279 شخصًا حيًا من جميع أنحاء العالم.
وباستخدام أدوات جينية جديدة، أعاد العلماء تقييم تطور البشر من خلال الحمض النووي، لتظهر الدراسة أن البشر المعاصرين لا يزالون يحملون بقايا من الأنواع القديمة الأخرى مثل إنسان الدينيسوفان وإنسان نياندرتال، بالإضافة إلى ما نعرفه سابقا عن الدرجة العالية من التشابه الجينومي مع الشمبانزي والبونوبو.
وكشفت النتائج أن البشر يتشاركون 7% فقط من الجينوم بشكل فريد لم يكن موجودًا عند أسلافهم.
نسبة يصفها ناثان شايفر، عالم الأحياء الحاسوبية بجامعة كاليفورنيا والمؤلف المشارك للورقة البحثية الجديدة: بـ “الصغيرة جدًا” بدرجة تبعد العلماء عن التفكير في أننا كبشر مختلفون تمامًا عن أسلافنا من إنسان نياندرتال مثلًا.
المفاجأة الأكبر أن 1.5% فقط من الجينوم البشري فريد بالنسبة لنا، ومشترك بين جميع البشر الحاليين.
يقول الباحثون إن تغييرات بيولوجية الصغيرة فقط، مثل الدماغ الكبير، هي التي جعلت منا بشرًا.
وجد باحثو الدراسة أن جزء الحمض النووي الذي ينفرد به الإنسان المعاصر مُخصب للجينات المرتبطة بنمو الدماغ ووظائفه.
هذا الجزء تحديدا كان خاليًا من علامات التهجين أو المتغيرات السلفية.
تشير هذه النتيجة إلى أن الجينات الخاصة بتطور الدماغ ووظيفته هي ما يميزنا حقًا، وراثيًا، عن أسلافنا.
ووجد الباحثون دليلًا على أن الطفرات الخاصة بالإنسان نشأت من خلال “دفعتين” متميزتين من التغيرات الجينية التكيفية التي حدثت منذ حوالي 600 ألف عام – 200 ألف عام.. تحديدًا في أفريقيا.
وبحسب المؤلفين، سبب حدوث التغييرات الجينية في تلك الأوقات بالضبط – أو ما الذي قد يكون قد حدث في البيئة لإحداث هذه التغييرات – يبقى غير معروف.
هل حسمت الدراسة الاختلافات البيولوجية بين البشر والنياندرتال؟
مؤلفو الدراسة يعترفون أن دراستهم لم تقدم تفاصيل واضحة عما تعنيه هذه النتيجة فيما يتعلق بالاختلافات البيولوجية الفعلية بين البشر والنياندرتال.
قالوا لـ Live Science إنه سؤال ضخم يجب على العمل المستقبلي حله.
أشاروا إلى التراكم العلمي، حيث أنتج باحثون أول مخطط لجينوم إنسان نياندرتال في 2010، ثم ورقة بحثية في 2014 وضحت أن الإنسان الحديث يحمل بعض الحمض النووي لإنسان نياندرتال. ومنذ ذلك الحين، واصل العلماء تطوير طرق لأخذ المواد الجينية من الحفريات ودراستها.
لكنهم أكدوا أن دراستهم قدمت نظرة على “أحداث التكيف” في آخر 600,000 سنة تحمل مفتاح تطورنا المعرفي – وربما تفرُّد الإنسان بشكل ميتافيزيقي أكثر، وأن ما يجعلنا متفردين وراثيًا يمكن أن يكون كله في أدمغتنا.
بالتالي حددت للباحثين مسارًا أوضح للنقطة التي يجب أن يتركز عليها البحث.