واحدة من أشهر قصص النبي موسى تبدأ من ولادته، وكيف نجا من القتل على يد حاكم كان مستلذًا بالقتل في محاولة تقليص عدد السكان اليهود في مصر عندما وضعت والدته رضيعًا في سلة تطفو على النيل، لتحديث المفارقة، وتكون منقذته ابنة / أو زوجة من وصفته كتب الديانات الثلاث بـ "فرعون".
وفقًا لسفر الخروج، سمته ابنة فرعون "موسى" من الكلمة العبرية "ماشا - Mashah، والتي تدل على "الاستدراج" لأنها أخرجته من الماء.
وهنا تظهر أول معضلة: لماذا يمكن أن تطلق أميرة مصرية اسمًا عبرانيًا على طفل غامض لا تعرف أصلًا أنه عبراني؟!
سؤال بلا إجابة. لكن معظم العلماء المعاصرين خرجوا من الإشكالية باحتمال أن اسم موسى قد يكون من أصل مصري، وحتى الفيلسوف فيلو السكندري حاول ربطها بالتعبير المصري "مو" أو المياه، بينما يقترح قاموس علم أصل الكلمة على الإنترنت يقترح أنه يأتي من الكلمة المصرية mes ، والتي تعني "ابن".
لكن سفر الخروج أصلًا كان يحاول التقليل من الخلفية المصرية للبطل العبري. وتشير الأدبيات الحاخامية إلى أن الأميرة أعطت موسى اسمًا عبريًا لأنها كانت تعرف الطفل المختون على أنه عبراني، بينما يقدم آخرون التفسير بأن والدة موسى، التي عينتها الأميرة مرضعة له، أوصتها بالاسم.
تنتقل الكتب المقدسة مباشرة من طفولة النبي موسى إلى سن الرشد، مما يترك الكثير من الثغرات المتعلقة بحياته في قصر الحاكم ليكملها الخيال الشعبي، وهو ما فعله اليهود الفضوليون والحاخامات في العصور القديمة والوسطى، لتسجل الموسوعة اليهودية واحدة من أشهر أساطير النبي موسى طفلًا، والتي تنطوي على انتزاع تاج فرعون.
وفقًا للأسطورة ، يجلس النبي موسى البالغ من العمر ثلاث سنوات على مائدة العشاء، فينتزع تاج الفرعون ويضعه على رأسه.
يثير الحادث قلق عراف الفرعون باعتباره علامة على أن الطفل هو المحرر المستقبلي الذي ينتظره اليهود في مصر.
لكن الملاك جبريل كان قد تخفى في صورة أحد مستشاري فرعون، وهو الذي اقترح عليه اختبار الذهب والفحمة المشتعلة، ثم يوجه يد الطفل إلى الفحم، فيضعها في فمه، فيطمئن فرعون لــ "غباء الطفل" ويتركه حيًا.
في الفصل الثاني من سفر الخروج، والذي ينقله القرآن كذلك، يشاهد الشاب موسى ناظرًا مصريًا يضرب عبدًا عبرانيًا.
يعتقد موسى أنه لا يمكن لأحد رؤيته، فيقتل المصري ويدفن جسده في الرمال.
في وقت لاحق، يحاول موسى وقف قتال بين اثنين من العبرانيين، فيسارع أحدهما برفع صوته: "أتريد أن تقتلني كما قتلت الرجل؟". فهل كان النبي موسى قاتلا؟
في هذه اللحظة يهرب موسى من مصر إلى مدين، حيث يلتقي بفتاة وأيضًا شجيرة مشتعلة في النهاية تصبح مهمة نوعًا ما.
لكن الأدبيات الحاخامية تقول إن النبي موسى بالتأكيد لم يقتل المصري في الواقع؛ لأن المصري كان قد أجبر امرأة إسرائيلية على ارتكاب الزنا معه، وكانت العقوبة "القانونية" المناسبة هي الموت.
واحدة من أغرب الحوادث وأكثرها إرباكًا في الكتاب المقدس تحدث في الفصل الرابع من سفر الخروج عندما كان النبي موسى في طريق عودته من مدين إلى مصر مع زوجته صفورة وابنهما (أو أبنائهما) إذ يحاول الله قتل موسى على الأرجح.
لكن صفورة توقف الإله عن قتل زوجها بقطع "غرلة" ابنهما بحجر وإلقائها على قدمي الإله.
ماذا يمكن أن يعني هذا؟ يروي موقع Bible Study الفهم التقليدي بأن الله كان غاضبًا من موسى لأنه لم يختن ابنه وفقًا لعهد الله مع إسرائيل.
يجعل الأدب الحاخامي الحادثة أكثر دراماتيكية بجعل الشيطان، وليس الله، هو الذي يأتي إلى النبي موسى على الطريق إلى مصر، على شكل أفعى ضخمة تبتلع موسى إلى الخصر، فتنقذ صفورة نصفه السفلي بفرك دم الختان على قدميه.
النبي موسى هو أهم نبي في اليهودية، وإليه تنسب التوراة (الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس).
مع ذلك ، يقول معظم علماء الكتاب المقدس المعاصرين إن موسى لم يكتب التوراة في الواقع، بل لم يكتبها شخص واحد أصلًا، وإن دور النبي موسى كان أكثر بروزًا في نسخ أقدم، قبل أن تخففه المجتمعات العبرانية التي كانت تحب شقيقه هارون أكثر منه. على الأقل لأن رجال الدين في اليهودية من نسل هارون.
وفقًا للموسوعة البريطانية، في أقرب مصادر التوراة ، فعل موسى كل شيء، وكان ذكر هارون الوحيد عندما بنى العجل الذهبي لبني إسرائيل. يبدو أن السبب في ذلك هو أن أقدم المصادر كتبت في المملكة الشمالية، حيث كان موسى أكثر أهمية،
بينما كتب محبو هارون وثائق لاحقة من الجنوب، مما جعله مساعد موسى والمتحدث باسمه، وكذلك تخفيف دوره في حادثة العجل الذهبي. بالتالي يقولون إن مقاطع التوراة المنسوبة إلى الطبقة الكهنوتية تمثل حوالي 90% من الإشارات إلى هارون في الكتاب المقدس.
يقول سفر التثنية إن النبي موسى هو الوحيد الذي عرفه الرب وجهًا لوجه".
ووفقًا للإصحاح 33 من سفر الخروج، هذه ليست استعارة. فبعدما قاد النبي موسى شعب إسرائيل إلى خارج مصر، قابل ربه عند جبل سيناء "وجهًا لوجه كما يتكلم الرجل مع صديقه".
لكن يبدو أن الله لم يقابل موسى بهيئته؛ لأن موسى طلب أن يرى مجد الله الكامل، وهو ما يتفق معه القرآن بأن الله تجلى للجبل فخر موسى.
موقع "كروسواي" يشرح أن الله "الذي لا يمكن لأي شخص أن يراه حيًا" يوافق على الكشف عن مجده الكامل لموسى مكافأة منه وتشجيعًا لقيادته لبني إسرائيل. ولكن، بما أن البشر لا يقدرون على رؤية صورة الله غير المتجسدة، يسمح لموسى أن يرى ظهره.
وفقًا لسفر الخروج، كان لقرب موسى الدائم من وجه الله نتائج غير مقصودة على النبي. أصبح وجهه منيرًا لدرجة أنك قد تقول إنه متوهج (مثل مصباح كهربائي)، لدرجة أن النبي موسى كان عليه أن يرتدي الحجاب لأن البشر لا يستطيعون النظر في وجهه. وهنا، اعتقد بعض الناس لمئات السنين أن لموسى قرون.
لكن صحيفة "هآرتس" تقول إن الكلمة العبرية "شعاع الضوء" تعني أيضًا "القرن"، ولذا فمن الممكن تفسير وجه موسى اللامع على أنه وجه قرني إذا أخذت الترجمة الأقل ملاءمة للسياق، وهو خطأ الترجمة الذي وقع فيه القديس جيروم عندما ترجم الكتاب المقدس إلى اللاتينية، وخلق نسخة من الكتاب المقدس استخدمها المسيحيون الأوروبيون حتى عصر الإصلاح البروتستانتي بشكل أساسي.
النتيجة الأكثر بروزًا للخطأ في الترجمة هي تمثال مايكل أنجلو الشهير لموسى في كاتدرائية القديس بطرس في روما، والذي يتميز بقرنين على جبينه، مما يحير آلاف السياح المعاصرين يوميًا. والغريب أن بعض الكتاب اليهود في العصور الوسطى اعتقدوا أيضًا أن موسى له قرون.
إلى جانب كونه نبيًا ومشرعًا، فإن أحد أشهر أدوار النبي موسى في كتب الديانات الثلاث كان إخراج اليهود من مصر، ثم 40 عامًا من التجول التيه، وصولًا إلى أرض اللبن والعسل التي وعدهم الله بها. لكن النبي موسى نفسه لم يصل في الواقع إلى أرض الموعد أبدًا.
كما توضح الموسوعة اليهودية، ويتوافق معها القرآن، فإن بني إسرائيليين وصلوا أرض الموعد، لكن الكشافة المتقدمين أخبروا النبي موسى أن الأرض كانت مليئة بالعمالقة "القوم الجبارين بالوصف القرآني"، فخاف اليهود من الدخول.
وبسبب قلة إيمانهم، لعنهم الله أن يتيهوا في الأرض حتى يموت هذا الجيل بأكمله على أمل أن يكون الجيل القادم أكثر إخلاصًا. لكن النبي موسى نفسه مات على جبل على مرمى البصر من أرض الموعد عن عمر يناهز 120 عامًا ، ودفنه الله في قبر غامض.
الفهم الأكثر شيوعًا لسبب وفاة النبي موسى قبل بلوغ هدفه بقليل هو أنه، في سفر العدد، لم يُظهر الثقة في الله، عندما أمره أن يضرب الحجر بعصاه لينفجر منه الماء؛ إذ ركز على ضعف العصا لا على قوة الإله.
بصفته الشخص الرئيسي لليهودية ، من الطبيعي أن يكون هناك محتوى فولكلوري عن النبي موسى أكثر من معظم الشخصيات البارزة الأخرى من الكتب المقدسة العبرية.
وحادثة وفاته ليست استثناءً من هذا الاتجاه، إذ سجلت الموسوعة اليهودية العديد من الأساطير حولها، بما في ذلك فكرة أنه في الواقع زيف موته؛ لأنه كان من التواضع بما منعه من أن يكشف للناس أن الله رفعه إليه مباشرة.
ومع ذلك، تقول روايات قديمة أشارت إليها رسالة يهوذا من العهد الجديد الكنسي بإيجاز، إن الله أخفى جسد النبي موسى حتى لا يعبدها اليهود كما عبدوا العجل.
اعتقد الشيطان أن بإمكانه سرقة الجثة، فسخر الله رئيس الملائكة ميخائيل حارسًا على قبر موسى، وعندما حاول الشيطان سرقة الجسد، أجبره ميخائيل على الفرار.
من المفهوم عمومًا أن أقدم أبجدية يمكننا التحقق من وجودها هي الأبجدية الفينيقية، التي استخدمت في العصر الحديدي ثم انتشرت عبر البحر المتوسط، وتطورت إلى الأبجدية العبرية والعربية واليونانية ، بالإضافة إلى الأبجدية اليونانية.
لكن بالنسبة لبعض المؤرخين اليهود اليونانيين، كانوا يعتبرون أن النبي موسى هو من اخترع الأبجدية ثم نقل نسخته إلى الفينيقيين.
وفقًا لاقتباس المؤرخ يوبوليموس، كان النبي موسى أول حكيم ، وأول من نقل الأبجدية لليهود؛ وأن الفينيقيين حصلوا عليها من اليهود، والإغريق من الفينيقيين؛ باعتبار أن النبي موسى كتب الشرائع لليهود أولًا.
ذهب المؤرخ أرتابانوس إلى أبعد من ذلك، فزعم أن النبي موسى هو الشخصية المعروفة لدى الإغريق باسم موسايوس، مدرس الموسيقي العظيم أورفيوس، ومخترع الإبحار والهندسة المعمارية والفلسفة.
وأنه كان أيضًا الإله المعروف لليونانيين باسم هيرميس والمصريين باسم تحوت، الشخصية الأسطورية التي علمت الأبجدية والعلوم والرياضيات للبشرية. لكن كل هذه الادعاءات تبقى بلا أي دليل.