* وكالة بلومبرج: ينسب لسليماني الفضل في إقناع بوتين بالتدخل العسكري في سوريا.
* خلق حزب الله والقوات الإيرانية بقيادة سليماني موطئ قدم على الأرض لروسيا في سوريا.
* لم يرغب بوتين في السيطرة على الأزمة السورية بل أراد تأمين المصالح الاقتصادية والعسكرية لبلاده قبل المصالح الأمريكية.
* إذا تصاعدت الأزمة، سيحتاج بوتين إلى أن يستبدل بمحور المقاومة مجموعة من الترتيبات لمنع تغيير النظام السوري لنظام صديق للولايات المتحدة.
س/ج في دقائق
لماذا أثنت روسيا على إسهامات سليماني بعد مقتله؟
يُنسب إلى الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي استهدفته الولايات المتحدة في بغداد، الفضل في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل عسكريًا في سوريا في عام 2015، وهو ما ينكره الكرملين.
بغض النظر عن حقيقة تلك القصة بالذات، فإن التصعيد الحتمي بعد وفاة سليماني لديه القدرة على تغيير حسابات بوتين في المنطقة.
في تعليق على وفاة سليماني، أثنت وزارة الدفاع الروسية على “إسهامه الذي لا جدال فيه” في هزيمة داعش في سوريا، من خلال تنظيم مقاومة مسلحة ضد داعش قبل فترة طويلة من إنشاء تحالف الولايات المتحدة ضد التنظيم.
وكالة بلومبرج ترى أنه لو لم ينسق بوتين مع “محور المقاومة” الإيراني، الذي يضم ميليشيا حزب الله في لبنان وغيرها من الجماعات المسلحة الإقليمية، لما كان من المنطقي بالنسبة لروسيا أن تدخل النزاع السوري.
كيف خدم وكلاء إيران روسيا رغم عدم اعترافه بالتحالف معها؟
خلق حزب الله والقوات الإيرانية بقيادة سليماني موطئ قدم على الأرض لروسيا في سوريا، بدعمها الرئيس السوري بشار الأسد بالدماء والقوات لتحويل الطاولة على أعداء الأسد، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة. كان من المهم بالنسبة لبوتين ألا يقف الأسد بمفرده، حتى لا يتم القضاء عليه.
جادل بعض المحللين بأنه من مصلحة روسيا دائمًا الحد من دور إيران في سوريا، لأن الكرملين ليس له سيطرة على إيران أو حزب الله . لكن هذه الحجة تفترض أن روسيا تريد السيطرة.
من جانبه، لم يرغب بوتين في السيطرة على الأزمة السورية، بل أراد دعم القوى الراغبة- في السيطرة- من أجل النظر في المصالح الاقتصادية والعسكرية لروسيا قبل المصالح الأمريكية. كان هذا يعني الحفاظ على الوضع الراهن- الأسد ومحور المقاومة- بحسب تصريح ألكساندر زاسيبكين، السفير الروسي في لبنان، في مقابلة في مارس 2019.
زاسيبكين قالها بوضوح: لا ينبغي تتضيق التأثير الإيراني على النظام السوري. يوجد تحالف قوي لا يتزعزع بين دمشق وطهران وحزب الله. سيبقى على هذا النحو في المستقبل.
في الوقت نفسه، تجنب الدبلوماسيون الروس وبوتين نفسه وصف إيران بأنها حليف روسي. بالنسبة لهم، كانت مجرد العقل المركزي من الترتيبات الجيوسياسية التي لا يريدون استبدالها بترتيبات موالية للولايات المتحدة.
يتم تعريف التحالف- بين موسكو وطهران- من خلال الالتزامات المتبادلة. لكن عندما يتعلق الأمر بالنظام الإيراني، تجنب بوتين أي نوع من الالتزام الجاد. في محاولة لتأسيس نفسه كوسيط شرق أوسطي وليس كجزء من أحد المعسكرات المتحاربة في المنطقة، تعاون مع عدو إيران اللدود: إسرائيل، ومع تركيا التي تتصادم طموحاتها الإقليمية أحيانًا مع إيران.
وفاة سليماني قد لا تغير شيئًا من التنسيق بين الأطراف. لكن روسيا تشعر بأنها مضطرة للقيام بتقديم التعازي، كما فعل وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف. والإعراب عن القلق، كما فعل بوتين مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
على المستوى الاستراتيجي، قد يؤدي المزيد من التصعيد بين إيران والولايات المتحدة إلى زعزعة التوازن الجغرافي السياسي الذي تدخلت روسيا للحفاظ عليه في سوريا. وهو ما يريد بوتين منعه بمساعدة القادة الأوروبيين. بالإضافة إلى التحدث إلى ماكرون، فقد دعا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لزيارة روسيا، وعلى رأس جدول الأعمال أزمة إيران.
كما سيضطر بوتين للاستمرار في التعاون العسكري مع خليفة سليماني، إسماعيل قآني، لكن بوتين لم يدعم أي محاولات إيرانية للانتقام. ومع ذلك، سوف يحتاج إلى إبداء رد فعل إذا قامت إيران بالرد وخرجت عن السيطرة، وقتها سيحتاج خطة بديلة.
شبّه المحلل العسكري الروسي بافل فيلغنهاور مقتل سليماني باغتيال الأرشيدوق فرديناند في سراييفو في عام 1914، وهو الحدث الذي أشعل الحرب العالمية الأولى.
من بين السيناريوهات المحتملة التي وصفها فيلغنهاور ضربة إيرانية ضد إسرائيل، والرد الإسرائيلي على القوات الإيرانية والوكلاء الإيرانيين في سوريا، مما قد يعرض القوات الروسية للخطر.
يخطط بوتين لزيارة إسرائيل؛ سيكون حل النزاع في سوريا أحد الموضوعات الرئيسية لمناقشاته مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ومع ذلك، لا يستطيع بوتين أن يستبعد احتمال نشوب حرب شاملة بين الولايات المتحدة وإيران، وهي حرب لا يستطيع النظام الإيراني الفوز بها. في مثل هذه الحالة، سيحتاج بوتين إلى استبدال محور المقاومة في سوريا، من خلال مجموعة من الترتيبات من غير الضروري فيها إرسال المزيد من القوات، ولكن عليه منع تغيير النظام السوري لنظام صديق للولايات المتحدة، مما يسمح لروسيا بالحفاظ على قواعدها العسكرية.